الرئيسة \  واحة اللقاء  \   حرب 1967 في الوثائق السرية الأميركية

 حرب 1967 في الوثائق السرية الأميركية

01.07.2017
رضوان زيادة


الحياة
الخميس 29/6/2017
توجت حرب حزيران (يونيو) 1967 بين العرب وإسرائيل فشلاً في جهود الإدارات الأميركية السابقة للرؤساء ايزنهاور، كينيدي وجونسون، لمنع تجدد الصراع العربي- الإسرائيلي بعد حرب السويس 1956 وذلك من منظور المحللين والمؤرخين الأميركيين. لكن هذه الحرب حدثت في ظروف دولية وداخلية أميركية أثرت في شكل كبير على قرار الرئيس الأميركي حينها جونسون في اتخاذ قراراته في ما يتعلق بهذه الحرب، فتصاعد الانتقادات والاحتجاجات داخل الولايات المتحدة ضد حرب فيتنام ترافق مع موجات مسيرات وتظاهرات داعمة لحركة الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كينغ، ولذلك فالرئيس جونسون كان في شكل أو آخر يحاول منع نشوب أي حرب تعقد قراراته في حرب فيتنام أو دعمه لحركة الحقوق المدنية.
تظهر الوثائق السرية التي كشف النقاب عنها أن الرئيس جونسون "عملياً" لم يجعل قضية الشرق الأوسط أولوية له أبداً، وإذا كانت الحرب فاجأته بمعنى من المعاني إلا أنه لم يكن يمتلك منظوره الشخصي المسبق للصراع العربي– الإسرائيلي وإنما اعتمد على تكوين رؤيته تلك على مستشاره للأمن القومي روستو وعلى وزير خارجيته دوسك لتطوير "رؤية" لحل الصراع، لكن وفي شكل واضح من دون بذل أي جهود أو صرف أي موارد مادية أو ديبلوماسية من أجل تحقيق هذه الرؤية، وبالتالي كان من الواضح تماماً أن هذه الرؤية ستنتهي مع نهاية أيام الرئيس جونسون في البيت الأبيض ومع عدم رغبة أطراف الصراع في تطبيقها.
فقد سعت إدارة جونسون إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها بعد الحرب والتأكيد باستمرار على سيادة الأراضي العربية ووحدتها، لكن مع قناعة تكشفها الوثائق أن الولايات المتحدة لا تستطيع "إجبار أو إقناع" إسرائيل بالانسحاب، وبالتالي يعود الأمر بالتالي إلى إسرائيل ذاتها كي تقرر ما يجب عليها فعله، لكن الموقف الرسمي الأميركي كان الانسحاب من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في مقابل تسويات سلمية مع جيرانها العرب. وظلت هذه الصيغة أساس كل جهود السلام الأميركية في الشرق الأوسط حتى الوقت الحاضر.
لكن في الوقت نفسه، يجب أن لا ننسى أن سياسة جونسون الخارجية كان يسكنها هاجس الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي وقرار جونسون بزيادة عدد القوات الأميركية في فيتنام، وبالتالي كانت لدى جونسون أولوية كما تظهرها الوثائق، هي عدم اندلاع حرب أخرى على هامش الحرب الباردة في الشرق الأوسط كما جرى في جنوب شرقي آسيا، وبالتالي كان أول اتصال قام به جونسون عند إخباره بالحرب التي شنتها إسرائيل هو استخدام الخط الساخن مع الاتحاد السوفياتي للتأكيد على عدم نشوب حرب أخرى بالواسطة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إذ تظهر الوثائق أنه تم إخبار الرئيس جونسون في الساعة الرابعة و35 دقيقة صباح يوم 5 حزيران 1967 أن إسرائيل شنت حرباً على جيرانها العرب، وكان أول اجتماع عقده الرئيس مع وزير خارجيته ووزير دفاعه ماكنمارا في الساعة الثامنة و17 دقيقة من أجل استخدام الخط الساخن وإرسال برقية عاجلة إلى الاتحاد السوفياتي من أجل ضمان عدم نشوب حرب بالوكالة في الشرق الأوسط، وكان رد الاتحاد السوفياتي كالتالي "استلمنا المعلومات المتعلقة بالتوتر العسكري بين إسرائيل والجمهورية العربية المتحدة، إن حكومة الاتحاد السوفياتي مقتنعة تماماً بأن واجب القوى العظمى هو ضمان تخفيف التوتر العسكري في شكل دائم. ولذلك فالاتحاد السوفياتي تصرف وسيتصرف وفقاً لذلك، ونحن نأمل بأن حكومة الولايات المتحدة ستتصرف بالطريقة ذاتها من حيث ممارسة تأثيرها على إسرائيل واستخدام كل الفرص للقيام بذلك، وهذا هو المطلوب دوماً من أجل تحقيق السلام الدائم".
في الوقت نفسه، وبحكم تحالفات الحرب الباردة، كانت إسرائيل أقرب إلى الولايات المتحدة من جيرانها العرب الذين أخذوا موقفاً ضدها بالوقوف مع الاتحاد السوفياتي، وهو ما يكشفه الرئيس جونسون في مكالمة هاتفية بينه وبين مبعوثه إلى الأمم المتحدة بتاريخ 24/3/1968 حيث يقول: "يجب أن نكون حذرين تجاه أي موقف ضد إسرائيل لأنهم ليس لديهم الكثير من الأصدقاء، فأنا أشعر بالتضامن مع إسرائيل. ليس لدى إسرائيل الكثير من الأصدقاء. إنهم في موقف مشابه لما أنا عليه الآن، كما لم يعد لدي أيضاً الكثير من الأصدقاء العرب وكلما تقدم الأمر أصبح أكثر قرباً منهم (من إسرائيل). يجب أن لا نضع عليهم أي عقوبات، لا يعرفون متى يعيشون ومتى يموتون، فهناك العرب وهناك الروس كلهم ضدهم، يجب أن نكون معهم بقدر ما نستطيع".
ولذلك وجدت أميركا حرب حزيران فرصة مناسبة لمعاقبة النظام السوري الذي كانت الوثائق تظهر مدى يساريته وراديكاليته، بالتالي كانت إدارة جونسون سعيدة بمعاقبته من خلال حرب حزيران وتأديبه من قبل إسرائيل.