الرئيسة \  واحة اللقاء  \  آفاق الحل في سوريا والدور الروسي

آفاق الحل في سوريا والدور الروسي

20.07.2016
د. وليد البني


 كلنا شركاء
الثلاثاء 19-7-2016
 لا يُخفي المسؤولون  الغربيون وحتى الروس وعلى جميع المستويات،  قناعاتهم ان روسيا أصبحت اللاعب الرئيسي على الساحة السورية منذ تدخلها العسكري في سوريا  ، وخاصة بعد انشغال الولايات المتحدة بإنتخاباتها الرئاسية ، وانشغال الاتحاد الأوربي بمشاكله الداخلية عقب  تصويت البريطانيين على الخروج من الإتحاد  وما سبَّبه ذلك من ارتباك اوربي على جميع المستويات السياسية الإقتصادية والإجتماعية ، وأيضاً بعد ان قررت تركيا العودة الى صفر مشاكل واعتذار اردوغان لروسيا وانفتاحه على تل ابيب ، وتركيز الإهتمام التركي على حماية أمن تركيا القومي وما يمكن ان تشكله التنظيمات الكردية وداعش من تهديد لهذا الأمن ، ناهيك  عن العجز العربي  المزمن  في إدارة أي من الأزمات التي عصفت  بالدول والشعوب العربية وعدم وجود إرادة عربية فاعلة ومستقلة قادرة أن تؤثر بفاعلية على مجريات الأحداث في سوريا  .
لقد أصبح من الواضح أن روسيا حصلت على شبه تفويض من جميع القوى المؤثرة في الأحداث السورية وأصبحت القوة الأكبر إن لم تكن الوحيدة القادرة على إيقاف شلال الدم السوري أو تركه يستمر إلى أن تتأكد من تحقيق أهدافها من تدخلها العسكري وقصفها الجوي المستمر منذ أكثر من ستة أشهر، وهي تعلم ان هذا التفويض قد لا يستمر الى الأبد وأن الإدارة الأمريكية التي ستفرزها الإنتخابات القادمة قد تسحبه منها فيما لو قررت الولايات المتحدة القطيعة مع سياسة أوباما التي تعاملت مع الوضع السوري على قاعدة عدم التدخل طالما ان الخطر لا يهدد المصالح الأمريكية بشكل مباشر  (إذا تقاتل خصومك فدعهم يتقاتلون وانت الرابح من اي نتيجة تنتهي اليها المعركة ).
لذلك من المتوقع ان تحاول روسيا مضاعفة جهودها حتى نهاية هذا العام عسكرياً وسياسياً لخلق وضع في سوريا يجعلها تحقق معظم أهدافها من التدخل في سوريا .  وقد لاحظ الجميع  تكثيف الغارات الجويةعلى قوى المعارضة السورية المسلحة ومحاولة تحقيق تقدم على الأرض يمَكّنها من فرض الحل الذي يناسبها .
طبعا يعلم الروس انهم ليسوا وحدهم في هذه الحرب وأن شريكهم الإيراني أيضاً  يريد ان يحقق أهدافه من تدخله العسكري في سوريا  والتي قد لا تتوافق والأهداف الروسية ، لذلك كانت خطوة روسيا في التقارب مع كل من أنقرة وتل أبيب  كرسالة لإيران بأن الروس لن يكونوا مرتهنين للقوة الأرضية التي تشكل القوات الإيرانية والميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية المؤتمرة بأمرها عمودها الفقري ( حيث بات من المعلوم أن القوة العسكرية التابعة لطاغية دمشق أصبحت هامشية مقارنة مع هذه القوات). 
في ظل هذه المعطيات والتعقيدات جرى تسريب فكرة قيام مجلس عسكري إنتقالي  مؤقت  يقود المرحلة الإنتقالية كبديل عن عملية جنيف ومفاوضاتها المتوقفة، يكون قادرا على طمأنة السوريين في الطرفين ويستطيع أن يوحد القوى العسكرية السورية لتشكيل جيش وطني سوري قادر على مواجهة داعش والقوى التكفيرية الأخرى بعيدا عن ايران وقواتها ومليشياتها ، وجرى تداول اسماء بعض الضباط الذين حافظوا على حيادهم طيلة الخمس سنوات من عمر الثورة السورية وهم بعيدين عن فكرة دعم التطرف وفي نفس الوقت رفضوا مشاركة مافيا الأسد في قتل الشعب السوري  أو لم يشتركوا مباشرة في عمليات القتل والتعذيب  رغم بقائهم في جيش النظام حيث بقيت  اياديهم غير ملوثة بدماء السوريين،  بالإضافة الى بعض الضباط المنشقين وبعض قوى المعارضة المسلحة البعيدة عن التنظيمات التكفيرية
بغض النظر عن مدى مصداقية ماجاء في هذه التسريبات حول وجود اتفاق روسي أمريكي إقليمي حول هذا الطرح ، إلٰا أنه فكرة قابلة للنقاش ويمكن دراستها بشكل جدي وطرح بعض الأسئلة والمحاذير حولها مثل:
1-هل سيكون هذا المجلس مقدمة فعلاً لإنتقال سياسي نحو سوريا جديدة بعيدة عن الإستبداد والحكم العائلي المافيوي الفاسد لآل الأسد ، وكيف يمكن ضمان انه لن يؤدي الى انتاج نفس النظام لكن بوجوه جديدة .
2-هل سيكون هناك  دعم دولي إقليمي كافي خلف هذا المجلس  في وجه أي مناورات ايرانية تدفعه الى الفشل وتعيد إذكاء نار الحرب المذهبية التي تريد ايران خوضها على الأرض السورية ، أو نوايا إيرانية قد تلقى هوىً لدى نتنياهو  لإنتاج نظام محاصصة طائفية في سوريا على الطريقتين اللبنانية والعراقية،  تمكن ايران من التحكم في اللعبة السياسية وتبقي سوريا كما لبنان والعراق دولة هشة غير قادرة إلا على إدارة ازماتها وهو ما قد يناسب الرغبة الإسرائيلية .
إذا ما تمكنّا  من تجنب هذين الإحتمالين فإن فكرة مجلس عسكري إنتقالي بالشكل الذي تم تسريبه  قد تكون إحدى أفضل الطرق للخروج من خطر التفكك والتلاشي الذي يهدد سوريا كدولة وشعب