الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أبواق تحالف إيران في "أوركسترا" تخوين ثوار سوريا

أبواق تحالف إيران في "أوركسترا" تخوين ثوار سوريا

02.03.2014
ياسر الزعاترة


الدستور
السبت 1/3/2014
يتيح لنا زمن الإنترنت أن نطّلع على صحف ومواقع بلا حصر في الآن نفسه، ما يجعلنا قادرين أحيانا على قراءة وجهة معينة يختطها فريق سياسي معين، في لحظة معينة دون كثير عناء.
ولمّا كان للتحالف الإيراني الذي يتحرك من طهران إلى بغداد ودمشق مرورا (بل ربما وقوفا وتزودا) بالضاحية الجنوبية في بيروت، لمّا كان له جحافل من الأبواق، فلم يعد من العسير على المتابع أن يقرأ أحيانا وجهة معينة يختطها ذلك التحالف من خلال أبواقه وفضائياته وصحفه ومواقعه (الغاز والنفط الإيراني تحل عليه بركات “الولي الفقيه”، أما الخليجي فهو ملعون ملعون بحسب أولئك، مع أن بعضه يعمل في ذات الاتجاه المطلوب، بدليل أنه كان محمودا مشكورا، بل ربما ثوريا أيضا حين ساند الانقلاب في مصر!!).
عنوان الأوركسترا الجديدة هو تخوين ثوار سوريا، وربطهم بالصهاينة، هكذا دون أن يرف لبعض أبواقها جفن، فهم “مجاهدو نتنياهو” بحسب أحدهم، وهم من سيؤسسون لـ”جيش لحد” جديد في الجولان، بحسب آخرين (سيخرِّبون على الجبهة المشتعلة هناك منذ عقود!!)، وهم من يرحب بهم نتنياهو ويعالجهم، ويباركهم، ويقدم لهم الوصايا، وهمْ، وهمْ .. إلى آخر تلك المعزوفات التي تثير الغثيان، وتبعث على الازدراء أكثر من أي شيء آخر.
ليس بعيدا ذلك اليوم الذي كان فيه المجاهدون، أو الجهاديون أبطالا يخوضون النزال ويقدمون جحافل من الشهداء في مواجهة الغزو الأمريكي للعراق، ويتلقون تبعا لذلك سيلا من المديح من رموز يسارية وقومية. وليس بعيدا ذلك اليوم الذي هدد فيه المالكي بشار الأسد بتقديمه إلى محكمة الجنايات الدولية، بسبب دعمه لأولئك “الإرهابيين”، لكن المالكي اليوم أصبح -للمفارقة- جزءا من محور المقاومة والممانعة، وصار المجاهدون شياطين يضعون أيديهم في أيدي نتنياهو لقتال بطل المقاومة القابع في القصر الجمهوري، والأرجح في جحر آخر في دمشق.
قبل أيام، خرجت وكالة فارس الإيرانية بخبر قالت إنها نقلا عن صحيفة معاريف الإسرائيلية مفاده أن قائد الأركان الجديد في الجيش الحر (عبد الإله البشير) قد تدرب في الكيان الصهيوني، وذلك بعد أن عولج من الإصابة، فيما كان موته قد أعلن لتبرير غيابه في الكيان الصهيوني. كذا!!
خبر ملفق بالكامل، لم يكن موجودا لا في معاريف ولا في سواها، بل تخيله محرر شاطر يبدو أن مستويات هرمون المقاومة والممانعة قد زادت عنده على نحو بدا فيه يهلوس بأشياء لا وجود لها. نقول ذلك رغم أننا لا نعرف المذكور في الخبر، ولا ندافع عنه، وربما تكون له ارتباطات عربية ما لا نلتقي معها.
أما حكاية الجرحى الذي يُعالجون في الكيان الصهيوني، فلا نعرف كيف يمكن لسادة المقاومة والممانعة مثلا أن يتأكدوا أنهم من الثوار، مع أن نقل جريح على شفا الموت إلى أي مكان لا يعد جريمة بحال، ما دام أنه لا خيار آخر، والجريح يستسلم للعدو بدل أن يموت، لأن له معركة تالية يمكنه أن يخوضها حتى لو تحول إلى أسير. أما أن يخرج أحدهم ليشكر سلطات الاحتلال، فهي لحظة سقوط غير مبرر من أحدهم، من دون أن يكون بوسعنا أن نتأكد لأية جهة يتبع، لاسيما أن اللحية في سوريا لم تعد تعني شيئا.
أما حكاية جيش لحد، وما يقال على هذا الصعيد، فلا نعرف كيف يجري ربطها بالإسلاميين، لكنه الحقد لا أكثر، فالجميع يعلم أن بعض المجموعات تتبع عمليا لجهات لا تكنُّ أدنى ود للثورات ولا لربيع العرب ولا للإسلاميين، ولديها أجندة مختلفة في سوريا، فيما يعلم الجميع أنه ما من شيء يخيف الاحتلال أكثر من تلك المجموعات التي يصفونها بعبارة “لا يمكن السيطرة عليها”.
نختلف في أحيان كثيرة مع بعض تلك المجموعات، لكن وصمها من قبل أولئك بالخيانة والعمالة لنتنياهو هو تعبير عن السقوط في وحل الكذب، في الوقت الذي كان صاحبهم بشار يبيع الكيماوي لأجل أن ينجو، وفيما تفاوض إيران الشيطان الأكبر على حل تتخلى من خلاله عن النووي مقابل رفع العقوبات، وربما لأجل الحفاظ على بشار أيضا.
هم يعلمون تماما أن من حَرَمَ الثوار من السلاح النوعي القادر على ضرب نظام بشار هو الولايات المتحدة عبر ضغوط مكثفة على الجهات الداعمة، ولولا ذلك لما كان بوسع طيرانه أن يعربد كما يشاء، لكنهم يتجاهلون ذلك كله، من دون أن ننسى أن نتنياهو سعيد أيما سعادة بهذه المعركة التي تستنزف الجميع، ويسعة إلى إطالتها بكل وسيلة ممكنة، وهي معركة يتحمل وزرها تحالف إيران بدعمه طاغية يقتل شعبه، وليس الشعب الذي خرج يطلب الحرية، وهو شعب أبي لا يشكك فيه غير ساقط لا يمت إلى الأخلاق بصلة.
نعلم أن غالبية الأمة غير المسكونة بالأحقاد الطائفية والحزبية تدرك ما نقول، وتعرف كذب أولئك، لكننا نضطر بين حين وآخر إلى الرد من أجل بسطاء قد يؤثر فيهم ذلك الكذب الساقط الذي يروجه القوم ليل نهار دون كلل ولا ملل.