الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أتسعى "النصرة" لإمارة بإدلب تضاهي خلافة البغدادي في الرقة؟!

أتسعى "النصرة" لإمارة بإدلب تضاهي خلافة البغدادي في الرقة؟!

10.11.2014
جلال زين الدين



المستقبل
الاحد 9-11-2014
قد يكون غريباً أن تكون "جبهة النصرة" أكبر متضرر من إعلان تنظيم الدولة الإسلامية الخلافة الإسلامية، فبدلاً من أن يكون التنظيم ناصراً وسنداً لـ"جبهة النصرة"، كان المعول الهدام الذي كاد يطيح بوجود الجبهة.
فقد دخلت جبهة النصرة إلى سوريا تحت مسمى "جبهة النصرة لجهاد أهل الشام"، وحاولت بداية النأي بنفسها عن كل شيء عدا نصرة الجهاد في الشام، ومقارعة طاغية الشام، فأريد للجبهة أن تكون الوجه الجديد لتنظيم "القاعدة"، الوجه الذي يحرص على كسب الحاضنة الشعبية، من خلال البعد عن التدخل في التفاصيل اليومية لأهل البلد، والبعد عن المسائل الخلافية، والعمل مع كل الثوريين السوريين، والحرص على أن يكون أهل البلد (السوريين) الجسم الصلب للجبهة على كافة المستويات. وقد نجحت الجبهة بداية في مسعاها، حيث قدمت الكثير من التضحيات، وقامت بعمليات نوعية زلزلت نظام الأسد وآلمته، وشفت بالتالي قلوب السوريين المكلومة، ما أسهم بارتفاع رصيد الجبهة الشعبي، فرُفدت بالسوريين حتى كادت تأخذ طابعاً سورياً خالصاً من حيث المنضوين تحتها.
لكن إعلان البغدادي "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وضم "النصرة"، كان العصا التي وضعت في عجلات الجبهة، مما دفعها للتصريح بتبعيتها لـ"القاعدة" الأم ،على أمل التحرر من التبعية للبغدادي ونهجه المتشدد (المتطرف) الذي لم يلق شعبية في الأوساط الثورية السورية السياسية والعسكرية، فنهج "النصرة" (و"القاعدة") الجديد يختلف عن نهج البغدادي.
لكن ذلك الإعلان (التبعية لـ"القاعدة") لم ينفع، وبدأ الشرخ يتسع والجبهة تتفكك، وزاد إعلان البغدادي قيام الخلافة الإسلامية في الأول من رمضان من هذا التفكك في صفوف الجبهة، التي أوشكت على التلاشي أمام انضمام أعضائها لتنظيم الدولة الإسلامية.
وساهمت معارك الثوار ضد التنظيم في ذلك الضعف، حيث أعلنت قيادة الجبهة وقوفها مع الثوار ضد التنظيم إعلامياً، لكنها لم تستطع حقيقة قتال التنظيم، فغالبية القاعدة رفضت حمل السلاح في وجه التنظيم، ما أوجد نوعاً من الجفاء بين هرم الجبهة (الأمراء) والقاعدة (المجاهدين)، فلم تجد القيادة بداً من الانكفاء والابتعاد عن خطوط التماس مع التنظيم، واللجوء لتصعيد المواجهة مع نظام الأسد، فانسحبت من الشرق السوري، رغم وجود الثروات النفطية فيها، حيث جرت معارك بسيطة مع التنظيم، آثرت الجبهة على أثرها التوجه لقتال النظام وفضلت ذلك على الاقتتال بين المجاهدين. وقبل ذلك، انسحبت من ريف حلب الشرقي، وأبقت على وجود رمزي في ريف حلب الشمالي، وتركز حضورها في ريف حماة الشرقي وإدلب والقلمون وجنوب سوريا، أي في المناطق البعيدة عن تنظيم الدولة.
ورغم كل ذلك لم تنجح "جبهة النصرة" في استعادة هيبتها وشعبيتها السابقة، فكان لا بد من السير للأمام بأعمال نوعية بطولية، وإجراءات تسحب الشرعية الجهادية من تحت تنظيم الدولة، فكانت "العمليات البطولية" في جنوب سوريا والقلمون. ولكن ذلك لا ينفع أمام سحر الخلافة التي أعلنها البغدادي، السحر والحلم الذي يراود كل الجهاديين في العالم، ما دفع "جبهة النصرة" لاختبار العالم ببالون إعلان الإمارة الذي نفته لاحقاً، لكن المتتبع للأحداث يدرك أن إعلان الإمارة الإسلامية (حسب فهم قادة الجبهة) الخطوة الصحيحة لسحب الشرعية من البغدادي.
يبدو أن الجغرافيا السورية مهيأة لكل السيناريوات، أمام تخلي المجتمع الدولي عن الجيش الحر والقوى المعتدلة، وركون بعض قياداته للفنادق الفاخرة بتركيا، وتخلي أصدقاء الشعب السوري عن الثورة، وأمام عمل الائتلاف الحثيث على بناء الجمهورية السورية الرديفة في غازي عينتاب وإسطنبول ونسيان سوريا الحقيقية. وربما كانت إدلب أنسب المناطق لإعلان "الإمارة الإسلامية" فهي بعيدة عن التماس مع خلافة البغدادي، وبعيدة عن الجنوب السوري حيث للجيش الحر والثوار قوة لا يُستهان بها، كما أنها باتت معقلاً لقوات الجبهة، فضلاً عن توفر الحاضنة الشعبية التي ضاقت ذرعاً بتشتت صفوف الثوار، وربما تندرج حملة "النصرة" ضد اللصوص وقطاع الطرق في هذا السياق، فهذه الحملة منحتها شرعية شعبية بين الأهالي حيث أصبحت الجبهة تقوم بممارسة دور" السلطة العادلة" (الإمارة الإسلامية).
وربما تبقى "جبهة ثوار سوريا" بقيادة جمال معروف العقبة الوحيدة أمام هذه الإمارة، لكن الواقع يثبت أن "جبهة ثوار سوريا" لن تستطيع فعل شيء. فقد سيطرت "النصرة" على مواقعها، وحدثت انشقاقات في صفوف "جبهة ثوار سوريا"، ما دفع تلك الجبهة للانسحاب بشكل سلمي، فموازين القوى لا تسمح بالمواجهة.
فهل يكون تحرير إدلب المدينة بوابة لإعلان هذه الإمارة الإسلامية التي تضاهي خلافة البغدادي، أم أن هذه المعارك مجرد عمليات نوعية من أجل الجهاد لنصرة أهل الشام كما تزعم "النصرة"؟!