الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أحابيل {إسرائيل} و{فيينا} والإرهاب الحقيقي!!

أحابيل {إسرائيل} و{فيينا} والإرهاب الحقيقي!!

19.11.2015
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الاربعاء 18/11/2015
إذا أردت أن تثبت وقوع حادثة ما، فلابدّ لك من مراقبة الواقع الذي يتكلم عنها ببراهين دامغة أو أنها هي التي تتحدث عن نفسها، فإذا وصلت إلى هذا المبلغ فقد اطمأنت نفسك إلى الحادثة ومن فعلها ثم أخذت تتعرف على الأسباب وتتحدث عن التداعيات الممكنة جراءها ومدى خطورتها على الفرد والمجتمع. ولعلّ هذا شيء مؤكد لا يحتاج إلى مزيد تدليل وتبيين. أما إذا حدثت الحادثة وليس عندك دليل عليها إلا العلامات والقرائن فهل تأخذ الحجية نفسها التي أشرنا إليها في الحالة الأولى؟ لا ريب أن علماء الشرع والوضع والطبع يذهبون إلى أنه إذا كانت هذه الأشراط والعلامات القولية أو الفعلية أو الحالية تدل، دلالة واضحة، على الحادثة ومقترفها، فإن العلماء قد ألحقوها بدلالة الواقع واستدلوا بها بعد التحقق على حدوثها. ولعل هذا ما يفسر لنا حادثة الهجوم ذي المواضع الستة في باريس وإن كان الأهم فيها ما حدث من تفجير في الملعب الرياضي إستاد (دي فرانس)، حيث كان الرئيس الفرنسي ((هولاند)) في المباراة الودية مع ألمانيا وكذلك الهجوم على المسرح (باتاكلان) واحتجاز الرهائن الألف والخمسمائة فيه ثم نشوب المعركة لإنقاذهم وذهاب 133 قتيلاً و352 جريحاً، مئة منهم في حالة حرجة.
وقام الرئيس ليعلن حالة الطوارئ في البلاد ويتعامل استثنائياً، وتدعو فرنسا وزراء خارجية الدول الأوروبية وكذلك وزراء داخليتها للانعقاد وكيف سيعملون لمواجهة الصدمة الدامية على بلاد عُرفت -ظاهرياً- بالفكر والثقافة والإعلام والحضارة وكانت مجالاً للتنوع وميداناً جميلاً كأنه حديقة الفردوس يتقدمها برج إيفيل الشهير. ولا شك أن إسلامنا العظيم دين وسطي يعالج المشكلات.. قبل حدوثها أو أثناءه أو بعده مما يكون مآله لتحقيق مقاصده الإنسانية وإقامة العدل والمعالجة الموضوعية البحثية التي لا تؤدي إلى ردات فعل قد تعود بالضرر مرة أخرى، وكما تقول القاعدة: (إن الضرر يُزال شرعاً ولكن لا يزال بمثله ولا بأشد منه)، بيد أننا إذا عدنا وذكرنا بمحور الشر الرباعي المكون من (روسيا وسوريا وإيران والعراق)، وسمعنا وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري يصرّح ويقول: إن لدى العراق معلومات تمتلكها عن قيام إرهابيين بأعمال مجرمة في إيران وفرنسا وغيرهما، ورأينا شماتة بشار الأسد بما حدث لفرنسا ومحاولة الإقناع أن سوريا تتعرض منذ خمس سنوات إلى مثل ذلك، فيجب أن يعرف الفرنسيون كيف يتعاملون مع الإرهاب!، وزد إلى ذلك إيران الحاقدة والواقفة ضد الاتجاه الفرنسي الداعي إلى تنحي الأسد السّفاح وكذلك روسيا التي فُجّرت طائرتها في السماء المصرية، وهي تناصب فرنسا العَداء في موقفها من القضية السورية. إن هذه بعض الدلائل والمؤشرات التي إذا أضفنا إليها تفجيري برج البراجنة الذي ذهب ضحيته العشرات في لبنان، ليؤكد من جديد أن سلسلة الكذب هذه التي تقتات على الدماء السورية، هي التي خططت ونفذت أحداث باريس، لاسيما إذا شفعنا ذلك أنه في يوم الجمعة نفسها لهجمات باريس كانت قد أُعدت هجمات كبيرة في إسطنبول بتركيا وهي الدولة التي تعتبر عدواً تقليدياً من حيث المآل لإيران وروسيا وسوريا وعراق المالكي والعبادي... كما أشار ((أردوغان)) في قمة العشرين، لتدلنا قطعاً على أن هذا المحور لا يريد لسوريا الشعب وليس آل الأسد أن تكون مستقرة وأنه يجب الحفاظ على السفاح بشار كحارس أمين لإسرائيل ومصالحها في المنطقة.
ولذلك فإننا لن نستغرب أبداً التصميم على إبقاء نظام الأسد كما هو التصميم على إبقاء "داعش"، إذ إن الأول هو أكبر إرهابي متطرف في العالم المعاصر ولكن بأمر أسياده المعروفين..
ومن هنا فإننا لا نتوقع حلاً قريباً للقضية السورية، لأن هذا ليس من مصلحة "نتنياهو" والصهاينة الذين يبالغون في حراسته والاطمئنان إليه كما هو معروف من جواب بوتين لنتنياهو في موسكو: أطمئنك: أن لا خوف على الأسد! وبوتين هذا الذي حتى عام 2001م نهاية أول سنة يحكم روسيا تقول الكاتبة ((ليليا شيفتشوفا)) في كتابها (روسيا بوتين) ص 207: شهدنا مناخاً سياسياً وثقافياً كئيباً بدلاً من النشاط.. فبوتين فردي لا يحب الديمقراطية الليبرالية).
أقول: وإنه يعتبر الأسد فارس الإرهاب وإن أنكر! ومع ذلك فإننا لا نبرئ الفرنسيين من الإهمال في الجوانب الأمنية وعدم الاحتياط، لاسيما أنه أخبرهم وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أن باريس على خطر! ولكن يبدو أنه ((كما تدين تدان)) فمتى يعي الفرنسيون التاريخ حقاً؟.
ومن هنا وجدنا وزير الخارجية الألماني يقول: إنه غير متفائل من مؤتمر ((فيينا)) الذي سيحضره جمع من المعارضة السورية لإقامة نظام مؤقت يحضّر لدستور وانتخابات ولكن بعد كم؟. بعد 18 شهراً، أي ليعطوا الأسد الوقت الكافي ويعاد انتخابه المزوّر سلفاً كالذي جرى سابقاً وكان المشرف عليه روسيا وإيران، الخصم والحكم!!.
ولكننا نعرف تماماً أن الشعب السوري –الذي غُيّب تماماً- غير راضٍ عن هذه الأحابيل أبداً، لأنه يعاني من دولتي احتلال، روسيا وإيران وما بشار إلا صنيعتهما في البلاد