الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أحمد الجربا.. إنْ حكى!

أحمد الجربا.. إنْ حكى!

19.08.2013
محمد خروب

الرأي الاردنية
الاثنين 19/8/2013
يُكثر رئيس ائتلاف المعارضات السورية الشيخ احمد عوينان الجربا، من ظهوره الاعلامي في مسعى لتكريس نفسه في قيادة الائتلاف بعد ان بدا لافتاً انه يتحرك بمفرده وان «اغلبية» نجوم المرحلة الاولى والثانية من التمرد، التي برز فيها برهان غليون ثم عبدالباسط سيدا وجورج صبرا وغيرهم من الذين جرى تلميعهم او تحضيرهم لأدوار لاحقة، قد تراجعت او مالت الى الصمت (الصاخب) ربما يكون احتجاجاً على «تصعيد» الجربا (الذي يُحسب على المجموعة الديمقراطية التي يقودها الماركسي التائب ميشيل كيلو) الذي هو (الجربا) في نظرهم، لا يرقى الى قدراتهم الفكرية والسياسية والثقافية وحضورهم الاعلامي المحمول على قدرة في الاقناع، والتي لا تزد في حالهم بالذات عن التهريج والتضليل وايهام الجمهور السوري المنكوب، بأن اطاحة النظام ودخول القادة من امثالهم دمشق كفاتحين هي مسألة وقت فإذا بـ (الثورة) تطول وتنتكس وتوشك على رفع الرايات البيض التي لا تؤخرها سوى العمليات الانتحارية والمغامرات العسكرية البائسة واليائسة كتلك التي حدثت في ريف اللاذقية، والتي ترافقت مع مذابح وعمليات تطهير طائفي وقتل على الهوية المذهبية، في بيئة يعلم الجميع انها معادية لهم..
ما علينا..
الشيخ الجربا في مقابلة مطولة تنشر صحيفة الحياة اللندنية اليوم الحلقة الثانية والاخيرة منها، تَحدّث في ملفات وموضوعات عديدة يلحظ من يدقق في طبيعة «الخطاب» الذي يتبناه سيادة رئيس الائتلاف، انه ما يزال يعيش الاوهام ذاتها التي عاشها من سبقوه في رئاسة الائتلاف او مجلس اسطنبول الذي جاء بالمفكر والاكاديمي الفرنسي الجنسية برهان غليون، فضلاً عن تَمسّك الشيخ الجربا بمصطلحات الرفض واللاءات القاطعة التي لا تعكس سوى حال الانكار التي يعيشها من فرضوا انفسهم (او فرضتهم عواصم اقليمية ودولية) على الشعب السوري كممثلين له، فيما يدفع السوريون كافة داخل الوطن المنكوب ثمن كل هذه المغامرات العبثية والتدخلات الدولية وخصوصا الاقليمية الوقحة ناهيك عن جموع الارهابيين من عابري الجنسيات ولكن الذي يُشرّعون القتل وسفك الدماء واغتصاب النساء وفرض معتقداتهم وخزعبلاتهم على الشعب السوري، والذي تسمح لهم تركيا الديمقراطية والتي يقودها الاسلامي المعتدل رجب طيب اردوغان المفجوع بسقوط نظام الاخوان المسلمين في مصر، بالمرور عبر الاراضي التركية للولوغ في دم السوريين.
سيادة الشيخ الرئيس (ليس ابن سينا بالتأكيد) يرد على سؤال حول موقف «الائتلاف» في حال وجود تسوية دولية للملف السوري بالقول: في أي تسوية مقبلة، «لا نقبل» بوجود بشار واي من زمرته.
الاجابة المتسرعة وغير المنطقية هذه والمبنية على اوهام بل هي اقرب الى رد فعل عصبي اكثر مما تنبئ عن نضوج سياسي او فهم عميق وعملي لمفهوم التسوية في العمل السياسي او لإيجاد مخارج لازمات خطيرة، تستدعي التوقف عن ما تعكسه من نزوع واضح الى الانكار والى نفي الاخر وشطبه، والاكثر اثارة هو في التساؤل حول ما اذا كان «الشيخ» يعرف بالفعل حقيقة الاوضاع الميدانية وطبيعة موازين القوى السائدة فضلا عن المامه بابعاد المعادلة الاقليمية والدولية القائمة الان حيال الازمة السورية.
فكيف يمكن لرئيس ائتلاف معارض يزعم لنفسه انه الممثل «الشرعي» للشعب السوري، أن يرفض وجود الطرف «الآخر» ما دام الحديث يدور عن «تسوية» وليس عن معركة حاسمة، يظهر فيها منتصراً ومهزوماً؟ فكيف اذا كانت الحال ان الجربا هو ذاته الذي قال قبل عيد الفطر انه مستعد لمحاورة النظام والذهاب الى جنيف 2، بل هو في «غَزَلِه» للنظام، طالب بأن يُفرج عن بعض المعتقلين ويوافق (النظام) على «هدنة» خلال العيد، فبأي وجه يريد الجربا ان يظهر؟ ام ان «شبح» المصير الذي انتهى اليه «الشيخ» احمد معاذ الخطيب يطارده؟
ثم
ان موقفه من المسألة الكردية في سوريا، يفضح بالفعل خطاب التشدد والتطرف وربما الاستعلاء القومي الذي ما يزال المتمردون يمارسونه ازاء ابناء شعبهم ليس فقط في انه مواصلة للظلم الذي لحق بأبناء سوريا من الكرد، وانما ايضاً في الانخراط في لعبة اقليمية قذرة لتعريض النسيج الوطني السوري للتمزق والانفلاش، ارضاء لمصالح الرعاة والممولين وعلى رأسهم تركيا، التي ترى في الاقتتال بين عرب سوريا وكردها، فرصة لاجهاض مطالب كرد تركيا المشروعة، في تجسيد هويتهم الثقافية والحضارية، بعد طول قمع وتنكيل وترويع وانكار لقوميتهم التي لا يستطيع احد طمسها..
لا يكفي ان يقول الجربا ان الاكراد «مِنّا» والعلاقة معهم «طيبة جداً»، بل ويسارع الى الهرب من الاعتراف بالحقيقة عندما يزعم: ان الكرد في طور الدخول الى الائتلاف خلال الفترة الوجيزة القادمة، فيما يعلم (وربما لا يعلم) انه تم اقصاء الكرد عن مجلس اسطنبول، لأنهم رفضوا ان «يرحّلوا» مطالبهم (المشروعة حتى لا ينسى احد) الى ما بعد «اسقاط» النظام، وقد تبنّى هذا الطرح الاتراك (وهم يحركون دمى المعارضة السورية من خلف الستارة) والإخوان المسلمون على وجه الخصوص.
اللافت في المقابلة المطولة، التي اجراها مع الزميلة اللندنية، انها تقول كل شيء لكنها بالفعل لا تقول شيئاً، ولم تزد عن كونها مجرد «حكي» وتنويع على خطاب بائس.