الرئيسة \  تقارير  \  أحوال تركية : دور المسيّرات التركية في تصعيد الصراع الروسي الأوكراني

أحوال تركية : دور المسيّرات التركية في تصعيد الصراع الروسي الأوكراني

03.03.2022
الغد الأردنية


تقرير خاص – (أحوال تركية) 28/2/2022
الغد الاردنية
الاربعاء 2/3/2022
انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي طور علاقات قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السنوات الأخيرة، بشكل مفاجئ اعتراف موسكو باستقلال منطقتي المتمردين في أوكرانيا، دونيتسك ولوهانسك، المعروفتين مجتمعتين باسم دونباس، على أنها “غير مقبولة”، وقال إن غزو روسيا لأوكرانيا هو “ضربة قوية” للسلام والاستقرار الإقليميين.
تم استخدام طائرات “بيرقدار تي. بي. 2” التركية من دون طيار، التي يصنعها صهر أردوغان، سلجوق بيرقدار، ضد روسيا في منطقة دونباس، ما أدى إلى إدانة بوتين علانية لتزويد تركيا لأوكرانيا بالمسيّرات.
وبينما حبس العالم بأسره أنفاسه من انتشار انتشار التهديد النووي لبوتين ضد حلفاء الناتو وحركة جيشه على الأراضي الأوكرانية، كان أردوغان في غرب ووسط إفريقيا يقنع صديقه العزيز، رئيس السنغال ماكي سال، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، بشراء الطائرات من دون طيار من طراز بيرقدار.
بدأ اهتمام تركيا القوي بالطائرات المسلحة من دون طيار بحاجتها إلى مراقبة أنشطة حزب العمال الكردستاني المحظور على أراضيها الجنوبية الشرقية وفي شمال العراق. واشترت أنقرة 10 طائرات من دون طيار من طراز “هيرون” من إسرائيل في العام 2008. ولكن بسبب المشاكل التقنية لهذه الطائرات من دون طيار وفشل إسرائيل في تقديم التزامات نقل التكنولوجيا، بدأت شركة المقاولات الدفاعية التركية “بايكار”، المملوك لعائلة بيرقدار، في تطوير تكنولوجيا المسيرات الخاصة بها.
تستخدم تركيا منذ فترة طويلة الطائرات من دون طيار ضد حزب العمال الكردستاني؛ الجماعة المسلحة التي تقاتل الدولة التركية التي تعتبرها تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، ما ساعد على تكوين خبرة تركيا الطويلة في تكنولوجيا الطائرات من دون طيار واستخدامها. وتعد تركيا الآن من بين أكبر المصنعين للطائرات من دون طيار في العالم، إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل والصين.
أحدثت الطائرات من دون طيار التركية “بيرقدار تي. بي. 2” تغييرًا في قواعد اللعبة في كل من سورية والعراق وليبيا، وكذلك في حرب أذربيجان ضد أرمينيا في ناغورنو كاراباخ. وفي الآونة الأخيرة، استخدم الجيش الإثيوبي الطائرات التركية من دون طيار لقمع المتمردين الانفصاليين في منطقة تيغراي.
والآن، يبذل الرئيس أردوغان محاولة يائسة لتصدير تقنيات الدفاع التركية، حيث ما يزال الاقتصاد التركي يعاني من أزمات كبيرة. فقد انهارت الليرة التركية، ويكافح ملايين الأتراك لشراء المواد الغذائية الأساسية والوقود والأدوية بسبب ارتفاع مستويات التضخم. وبذلك لم تعد الرئاسة تركز على الزراعة التقليدية أو صادرات المنسوجات في تركيا، وإنما تركز بدلاً من ذلك على مبيعات الأسلحة الأكثر ربحية.
وفقًا لجمعية المصدرين الأتراك، صدرت تركيا ما قيمته 2.793 مليار دولار من المعدات الدفاعية في أول 11 شهرًا من العام 2021. ولم تخف الحكومة التركية حقيقة أن تركيا تبيع طائرات من دون طيار لأوكرانيا وتواصل أيضًا بفخر تسويق هذه الطائرات التركية لبقية دول العالم.
وقد تلقت أوكرانيا وتركيا انتقادات شديدة من بوتين بشأن صادرات الطائرات التركية من دون طيار. وقال بوتين لأردوغان خلال مكالمته الهاتفية في 3 كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي: “كانت كييف تهدف إلى تعطيل اتفاقيات السلام في شرق أوكرانيا من خلال عمل عسكري استفزازي في منطقة الصراع، بما في ذلك استخدام طائرات من دون طيار تركية الصنع من طراز بيرقدار”. وذكرت ذلك العديد من وسائل الإعلام بناءً على نص الكرملين.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي “إن استخدام أوكرانيا للطائرات من دون طيار التركية في الصراع في منطقة دونباس الشرقية دفاعي ولا ينتهك أي اتفاقيات”. كما أكدت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية أن المسيّرات من طراز “بيرقدار” دمرت وحدة مدفعية تابعة للانفصاليين الموالين لروسيا باستخدام صاروخ موجه.
ومع ذلك، أدلى وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ببيان أكثر حرصًا حتى لا يغضب بوتين، فقال إنه لا يمكن إلقاء اللوم على تركيا بشأن الطائرات من دون طيار الأوكرانية لأن هذه الطائرات تم إنتاجها في تركيا، ولكنها تنتمي الآن إلى أوكرانيا بعد أن قامت أنقرة بتصديرها.
إضافة إلى أوكرانيا، تشكل إفريقيا أيضًا سوقًا كبيرًا محتملًا لصادرات تركيا من الطائرات من دون طيار. وقام الرئيس التركي بزيارات رسمية إلى العواصم الأفريقية أكثر من أي زعيم غير أفريقي آخر في العالم. وقد زار أكثر من 30 دولة أفريقية خلال فترة حكمه التي استمرت عقدين وأكمل للتو جولة في إفريقيا.
ينصب تركيز الرئيس في إفريقيا على الدبلوماسية والتجارة والتعليم والعمل الإنساني منذ إعلان العام 2005 “عام إفريقيا”، لكن موضع التركيز الرئيسي لأردوغان الآن هو توقيع المزيد من الصفقات الدفاعية والأمنية مع القارة. وقد رافق وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، الرئيس في جميع رحلاته الأخيرة إلى إفريقيا.
لعبت طائرات “بيرقدار” التركية من دون طيار دورًا رئيسيًا في منع غزو خليفة حفتر لطرابلس في العام 2019، ومنذ ذلك الحين وسعت تركيا بثبات وجودها في أفريقيا. وتستهدف تركيا الآن الدول الأفريقية الأخرى المنخرطة في نزاع مسلح. وقد أثارت مبيعات الطائرات من دون طيار التركية إلى إثيوبيا غضب مصر، في حين أن الجزائر ليست راضية عن استحواذ المغرب على الطائرات من دون طيار التركية.
ومن جهته، قال رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، تشيسكيدي، مؤخراً إنه تم التوصل إلى اتفاقات أمنية واقتصادية “مربحة للجانبين” خلال زيارة أردوغان الرسمية “التاريخية” إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. ولطالما كانت الجماعات المتمردة الانفصالية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية تهدد المدنيين، ويبدو أن تشيسكيدي على استعداد لشراء طائرات من دون طيار تركية الصنع.
كما أن نيجيريا لاعب رئيسي آخر في السوق، حيث يتطلع الجيش النيجيري إلى شراء طائرات تركية من دون طيار. وتلقت تونس أيضاً الدفعة الأولى من الطائرات التركية المسلحة من دون طيار في أيلول (سبتمبر) الماضي. وقال الرئيس التركي في تشرين الثاني (نوفمبر) إن النيجر ستشتري الطائرات التركية المسيرة هي الأخرى.