الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أزمات الشرق الأوسط تتصدر الأجندة العالمية!

أزمات الشرق الأوسط تتصدر الأجندة العالمية!

01.10.2013
د. عبدالله خليفة الشايجي



الاتحاد
الاثنين 30/9/2013
كان الأسبوع الماضي أسبوعاً شرق أوسطياً بامتياز فرض نفسه على أجندة المجتمع الدولي، وتصدر مناقشات الأمم المتحدة في الجمعية العامة.. من الشأن السوري الذي يفرض نفسه بقوة، وخاصة موضوع تدمير السلاح الكيماوي السوري في ظل صراع روسي- أميركي لإصدار قرار ملزم من الأمم المتحدة ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة... إلى الغزل الأميركي- الإيراني الذي دخل مرحلة جديدة وغير مسبوقة، وإن لم تتوج بلقاء الرئيسين أوباما وروحاني... كما عاد أيضاً خطر «القاعدة» إلى الواجهة بعملية دموية على يد حركة «الشباب» الصومالية، الموالية لـ«القاعدة»، في قلب العاصمة الكينية نيروبي, وهناك أيضاً حكم المحكمة بحل جماعة «الإخوان المسلمين» في ظل استمرار الاحتقان في مصر التي تقف على مفترق طرق! وهناك أيضاً ربيع الغضب في السودان على خلفية مضاعفة أسعار المحروقات، لتتطور الأمور إلى مظاهرات غضب وسقوط قتلى ومطالبات بإسقاط النظام! وهكذا يكتمل المشهد الشرق أوسطي الملتهب ليفرض نفسه بأضلاعه المتعددة على محادثات ونقاشات ومداولات الدول الكبرى!
وقد حفلت الأيام التي سبقت دورة انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بالعديد من التوقعات والتكهنات بشأن ما سيقوله أوباما حول إيران وبرنامجها النووي، ومسار الغزل مع طهران، وهل سيكون هناك لقاء أو حتى مصافحة مع الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني الذي يوصف بالمعتدل؟ كما كانت التحليلات والتكهنات صاخبة وواسعة حول ما سيقوله روحاني أيضاً، وهل ستكون هناك صورة تاريخية لأول مرة بين رئيس الولايات المتحدة «الشيطان الأكبر» ورئيس إيران التي أدرجها بوش الابن قبل عقد من الزمن ضمن دول «محور الشر» مع العراق وكوريا الشمالية؟
وطبعاً كان هناك ترقب كذلك حول سوريا، وماذا عسى القادة والرؤساء، وخاصة المعنيين بالملف السوري، أن يقولوه حول الأزمة المؤرقة في سوريا، والسلاح الكيماوي، والنقاش الذي يتحكم في إيقاعه الطرفان الأميركي والروسي للتوصل إلى قرار ملزم وقوي من مجلس الأمن كمرجعية لتدمير سلاح سوريا الكيماوي.. في انتصار آخر للدبلوماسية الأميركية.
وإذن فلا صوت يعلو فوق صوت قضايا الشرق الأوسط. ولمن يشكك في ذلك ما عليه سوى أن يراجع مداولات ونقاشات وتصريحات مسؤولي ووفود الدول الكبرى والفاعلة في النظام العالمي... ويكفي أن نشهد المساحة التي خصصها أوباما في خطابه لقضايا الشرق الأوسط، وخاصة ما يتعلق منها بالشأنين السوري والإيراني وحتى الإرهاب بعد الاعتداء الذي نفذته حركة «الشباب» الصومالية على المجمع التجاري في نيروبي. وكيف أن موضوع غلاف مجلة «الإيكونومست» الرصينة لهذا الأسبوع يشير إلى عودة «القاعدة» وليس اختفاءها واندثارها, كما أشار أوباما قبل أشهر، حين اعتبر أن «القاعدة» في تراجع وضعف، وتواجه الانهيار، وأن قياداتها وكوادرها الناجين همهم البقاء، وليس شن عمليات عدائية!
ولاشك أن عملية حركة «الشباب» الموالية لـ«القاعدة»، إن كانت قد فشلت كما كان متوقعاً قد حدثت في وقت قريب من الذكرى الثانية عشرة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001، وفي الذكرى السنوية الأولى لمقتل السفير الأميركي في ليبيا، وقد أتت لتؤكد أنه من المبكر نعي تنظيم «القاعدة» ودفنه!
والراهن أن شؤون المنطقة ما زالت متصدرة للاهتمام الدولي، ولا حديث يعلو على شؤون وملفات الشرق الأوسط التي تفرض نفسها بقوة وزخم على الأجندة العالمية! حتى قبل أن تلتئم أعمال دورة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نسختها الثامنة والستين في الأسبوع الماضي، في نيويورك، ومع الترقب لكلمات القادة ورؤساء الدول أو من يمثلهم، كانت ملفات الشرق الأوسط بكل تعقيداتها وتداخلها وتشابكها تفرض نفسها بقوة على أجندة الأمم المتحدة كلها.
وكان ملفتاً كيف أن نجم دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية، بلا منازع، كان روحاني المعتدل، الذي يحضر للأمم المتحدة للمرة الأولى بعد فوزه وحصوله، كما أكد ذلك، على تفويض شعبي، لكي يخرج إيران من وضعها الحالي الصعب تحت حصار وعقوبات غير مسبوقة ساهمت في تليين موقف القيادة الإيرانية، وخاصة المرشد الأعلى، الذي أعلن للمرة الأولى عن «مرونة بطولية»، وطلب من الحرس الثوري الذي يُشرف هو عليه مباشرة الابتعاد عن السياسة، وعدم تحدي الدبلوماسية، وخاصة بعد أن منح صلاحيات لروحاني بالتفاوض حول الملف النووي.. وقد تلقف روحاني ذلك ليؤكد على حق إيران في التخصيب لأغراض سلمية، وحقها في الطاقة النووية السلمية، وعن استعدادها للتفاوض جدياً للتوصل إلى اتفاق خلال فترة وجيزة على رغم استبعاد إيران لاحتمال التوصل لحل سريع لأزمة الملف النووي.. ولكن روحاني أشاد أيضاً بـ«البيئة الإيجابية» التي تبديها الولايات المتحدة وروسيا. مع المطالبة برفع العقوبات... وتحديد منتصف أكتوبر لاستئناف المفاوضات بين إيران والدول الكبرى في جنيف. ولذلك برزت فرصة لتحقيق اختراق وحتى لقاء بين أوباما وروحاني- تراجع إلى لقاء تاريخي ثنائي بين جون كيري ومحمد جواد ظريف وسط إشادة من الطرفين، وتفاؤل بإمكانية التوصل خلال أشهر إلى انفراجة قد تشمل أكثر من الملف النووي، وتشمل ملفات مهمة أخرى في الشرق الأوسط بما فيها سوريا وعملية السلام.
وضمن قضايا الشرق الأوسط الضاغطة مثل الملف السوري والجدل حول استخدام القوة ضد نظام دمشق بشكل أحادي من قبل الولايات المتحدة، أو بالضغط لإصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بفرض عقوبات، كل هذا تعرض لانتقادات من خصوم أميركا في مواقفهم وخطبهم من على منبر الأمم المتحدة، وهذا ما كرره أيضاً روحاني، وكذلك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بانتقادهما للأحادية، وللتهديد باستخدام القوة، في إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وقد أفرد قادة وممثلو الدول الكبرى وعلى رأسهم أوباما، وكذلك بعض الدول الأخرى المعنية بقضايا الشرق الأوسط، حيزاً كبيراً لقضايا المنطقة. وفي كلمة روسيا أمام الجمعية العامة أفرد رئيس الوفد الروسي وزير الخارجية لافروف حيزاً كبيراً من خطابه لشؤون الشرق الأوسط، من سوريا وإيران وعملية السلام، مبرزاً رفضه للهيمنة والأحادية الأميركية، ومطالبته حتى بتفعيل اللجنة الرباعية المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط، التي لا دور أو أثر لها منذ سنوات... والملفت في كلمة وزير الخارجية الروسي، خاصة هو اقتراحه بانضمام دول عربية إلى اللجنة الرباعية المجمدة! كما حذر أيضاً من خطر الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تدعو لقيام دولة إسلامية!
وفي المحصلة، واضح أن الشرق الأوسط يعود كحالة ضاغطة على الدوام ليفرض نفسه على الأجندة العالمية! ومهما حاول قادة الدول العظمى، وخاصة أميركا، تخفيض وجودهم والابتعاد عن المنطقة والاستدارة شرقاً.. فسيعود الشرق الأوسط ليذكر الجميع بأنه قلب العالم، ولا مفر أو فكاك من الالتفات إليه، وحل أزماته وخلافاته!