الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أزمة اللاجئين وأعباء جديدة على الاقتصاد العالمي

أزمة اللاجئين وأعباء جديدة على الاقتصاد العالمي

10.09.2015
علي بهزاد



الشرق القطرية
الاربعاء 9/9/2015
تسببت أزمة النازحين الفارين من ويلات الدمار في سوريا وليبيا واليمن والعراق وأفريقيا في زيادة الأعباء المالية على الكيانات الاقتصادية العالمية، حيث تتطلب تلك المساعدات والمعونات وحملات الإغاثة في إنفاق مليارات الدولارات لتأمين أبسط أشكال الحياة للأسر النازحة من المناطق الساخنة .
تشير التقديرات إلى أنّ تكلفة النزوح وإغاثة اللاجئين تكبد الدول مليارات الدولارات، وهذا ما تتطلبه من جهود إغاثة ورعاية صحية وتعليمية إلى جانب أعباء الاستقرار المؤقت في دول اللجوء ، مما يزيد الضغط على المرافق الخدمية والبنية التحتية للمنشآت.
فالاقتصاد العالمي يواجه اليوم مأزق نزوح الملايين من مناطق التوتر إلى مختلف القارات ، وهذا يتسبب في الإضرار بالجهود الاقتصادية التي تبذلها الدول للنهوض باقتصاداتها من كبوة الانهيار المالي، فإلى جانب تذبذب أسواق المال وانخفاض أسعار النفط وعدم استقرار أسواق العملات.. تأتي قضية بحث النازحين عن أماكن إيواء توفر لهم حياة صحية بعيداً عن الاضطراب.
ويواجه اقتصاد الكيانات العالمية أزمات متلاحقة أبرزها اللاجئون والتغير المناخي والفقر والجوع والنزاعات المسلحة ، التي أضرت جميعها بجهود المؤسسات الدولية في دفع عجلة النمو إلى الأمام.
استند هنا إلى إحصائيات دولية تشير إلى أنّ الكوارث الطبيعية من سيول وفيضانات وزلازل بلغت 3,8تريليون دولار خلال الأعوام 1980  2012 ، وقدرت العام الحالي قرابة 37مليار دولار ، أضف إلى خسائر الأسواق المالية التي قدرت ب 5,7تريليون دولار بسبب تراجع الأداء ، كما يقدر معهد التمويل الدولي الخسائر المالية في كل من لبنان ومصر والأردن وسوريا وإيران والعراق وتونس وليبيا بنحو 717 مليار دولار جراء التوتر الذي سببته مشكلات النزوح.
وكانت منظمة الأغذية العالمي الفاو قد أعلن في وقت سابق أنّ 10ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وحاجة قرابة 5 ملايين نسمة في أفريقيا إلى الغذاء، وفرار الملايين من اليمنيين إلى دول مجاورة بسبب الجوع والتشرد ونقص الغذاء، وهذا مؤشر يضيف ثقلاً على الاقتصاد.
فإذا كان اقتصادنا العربي يواجه الصراعات المسلحة وعدم الاستقرار السياسي فإنّ التكتلات الأوروبية تواجه أزمة الديون وبطء الاصلاحات الاجتماعية والبطالة وضعف سوق العمل، لتضيف أزمة اللاجئين أعباء جديدة إلى القطبين العربي والغربي.
برؤية أكثر قرباً.. فإنّ أوروبا تعاني من اتساع هوة الديون ومخاطر إفلاس دول بأكملها وخروجها من كتلة اليورو ، ففي الوقت الذي تبحث فيه المؤسسات المالية الأوروبية عن مخرج لأزمتها المالية عن طريق المنح فإنها تقوم بصرفها لتغطية نفقات اللجوء، فقد صرفت السويد مثلاً 12% من أموال المساعدات لتغطية نفقات اللاجئين، وتتكلف ألمانيا سنوياً قرابة مليار يورو لإسكان اللاجئين و11 مليار دولار لاستقبال اللاجئين كما تتكلف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وأسبانيا ملايين الدولارات لإيوائهم وتوفير الرعاية الصحية والعمل لهم.
وتواجه دول تعاني من مخاطر مالية مثل أسبانيا واليونان وقبرص وإيطاليا أزمة استقبال أعداد ضخمة من الفارين من الحروب في مناطق الشرق الأوسط، وهذا يزيد من صعوبة الحل سواء على المستوى المالي التي تعاني أصلاً من ضائقة، أو في توفير وسائل معيشة آمنة مع استمرار تدفق بشري لا يتوقف.
الوضع الراهن من أزمات إنسانية ألقى بظلاله على جهود التنمية في كل القطاعات ، وتوجهت الكثير من المؤسسات الدولية إلى تنفيذ حملات عاجلة كلفت الاقتصاد الكثير ، الذي يعاني أصلاً من هوة الديون التي تتسع يوماً بعد يوم.
فالأزمة الحالية في رأيي هي أشد وطأة من أزمة 2008 ، لأنّ الجهود الدولية تحتاج إلى تمويل عاجل وهذا لا يمكن توفيره إلا من اقتصاد متنام ومستقر، وما نشهده اليوم من تذبذب أسعار النفط والعملات جعل الكثير من الأسواق تتأرجح، وإن حققت بعض النمو فهو أداء لا يلبي الطموحات.