الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أسباب تغير قواعد اللعبة في سوريا

أسباب تغير قواعد اللعبة في سوريا

10.02.2016
عبدالله الشمري



اليوم السعودية
الثلاثاء 9/2/2016
حتى شهر سبتمبر 2015 كانت الأحداث السياسية والعسكرية في سوريا شبه اعتيادية فموازين القوى لم تختل كثيراً حيث قوات نظام مُنهكة مدعومة بمليشيات إيرانية ومليشيات "حزب الله" وخليط من المليشيات العراقية والأفغانية تواجه قوات المعارضة والمدعومة من دول أصدقاء الشعب السوري، وفي نهاية الشهر وما بعده طرأت وقائع سياسية وعسكرية جديدة غيرت قواعد اللعبة وموازين القوى بسرعة وأهمها كان كالتالي:
التدخل العسكري الروسي في سوريا
قلب التدخل الروسي موازين القوى بشكل دراماتيكي وزاد الأمر وضوحاً بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية في 24 نوفمبر 2015م، حيث تبخرت فُرص إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، وتم تشديد الرقابة على المنافذ البرية التركية مع سوريا وتراجع الدوران التركي القطري لاسباب اضطرارية، وباتت روسيا عدوا شرساً لتركيا الجنوب. وكان تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحاً: "إذا كان الأتراك يحلقون في سوريا وينتهكون المجال الجوي السوري من قبل فدعهم يجربوا الآن التحليق هناك!".
التدخل الأمريكي سياسياً
بعد نأي طويل دخلت واشنطن على خط التسوية السلمية فبعد انتهاء اجتماع فيينا في الخامس عشر من نوفمبر دشن وزير الخارجية الأمريكي مرحلة سياسية دولية والتي كان من المُفترض أن يدخل معها وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وكان قرار مجلس الأمن (2254) والذي صدر في 18 ديسمبر 2015، مشروعا أمريكيا وبتنسيق مع موسكو، وبهذه الوسيلة فُتح الطريق أمام تطبيق مقررات فيينا والتى جمعت لأول مرة بين المملكة وإيران على طاولة واحدة.. وبفضل كل هذه الخطوات وُلد "جنيف 3".
رعاية المملكة للمعارضة السلمية
تولت الرياض بشكل مباشر ورسمي رعاية المعارضة السورية سياسياً منذ اجتماع العاشر من ديسمبر 2015 وبناء عليه أعلنت المملكة التمسك بالحل السلمي أملاً في ضمان الحد المقبول من الحقوق المستقبلية للمعارضة باعتبار أن ذلك هو الخيار الوحيد بعد تغير موازين القوى على الأرض، وقد خلص مؤتمر الرياض إلى أن الحل السلمي هو خيار الدرجة الأولى، وأن المعارضة لا تريد الاستمرار في القتال إلا اذا اُضطرت لذلك.
غموض الموقف التركي
يمكن وصف الموقف التركي بالغامض ففي إجابة لسؤال بشأن الموقف من سوريا قال الرئيس التركي اردوغان مُجيباً عن إسئلة الصحفيين الذين رافقوه بالطائرة أثناء رحلة عودته من السنغال لمح أردوغان لقرب تدخل امريكي عندما قال "لن نُكرر في سوريا الخطأ الذي ارتكبته في 2003 بعدم اشتراكنا ضمن التحالف الدولي الذي أطاح بنظام صدام حسين في العراق"، وحول سؤال عن امكانية التدخل في سوريا قال "لا يمكننا أن نتحدث عن مثل هذه الأمور، فنحن سنفعل كل ما يجب فعله.. نحن الآن بجميع قوانا الأمنية وجيشنا على أهبة الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات.. لا داعي للقلق". مُلمحاً لأفضلية التحالف الدولي "كل المسألة أننا نحاول معالجة الأمر بالتحالفات مع المجتمع الدولي.. ونحن من جهتنا، نقف على أهبة الاستعداد لأي تهديد قد نتعرض له". ومع ذلك فهناك دلائل تُشير إلى أن تركيا لا تفضل مجازفة خطيرة ومتأخرة وحدها فالتدخل العسكري التركي المباشر سيعني معادلة بسيطة وواضحة وهي "نشوب حرب تركية ـ روسية".
ما حدث من تطورات عسكرية سريعة على الارض خلال شهر يناير وبفضل الدعم الروسي للنظام السوري جعل واشنطن تُقرر التدخل لاعادة التوازن ومنع فرض أمر واقع جديد. والسيناريو الارجح يتحدث عن تدخل دولي بقيادة أمريكية ومشاركة سعودية وخليجية وتركية، وبالنسبة للمملكة فالتنسيق السعودي-الأمريكي بشأن سوريا يتزايد يومياً وإن حصل تدخل عسكري في سوريا فسيكون ضمن قيادة مشتركة، وسيكون نوعياً وسريعاً وهدفه الأساس إعادة التوازن العسكري لما قبل الوضع في سبتمبر 2015 ومن ثم عودة المفاوضات الرسمية بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة وصولاً الى مايو 2017، حيث الذهاب إلى انتخابات بدستور جديد، وتحت إشراف أممي ثم تشكيل حكومة جديدة.