الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أصدقاء سوريا أم أعداؤها ؟!

أصدقاء سوريا أم أعداؤها ؟!

19.09.2013
علي الرشيد


الشرق القطرية
الاربعاء 18/9/2013
تجبرنا الأحداث الدبلوماسية المتسارعة خلال الأيام الأخيرة، بخصوص تداعيات جريمة الكيماوي التي ارتكبها نظام الأسد في غوطة دمشق للعودة إلى الموضوع مرة أخرى، والتأكيد على أن الإجرام بحق الشعب السوري وثورته المطالبة بالحرية والكرامة، ليس مقتصرا على نظام الأسد وداعميه وبخاصة روسيا وإيران، بل يشترك فيه ما يعرف بالمجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية.
ليس المجرم الذي يدعم النظام بالسلاح والمال والدبلوماسية فقط، بل هو كل من يستطيع أن يردع الظالم ويعاقبه ولا يقوم بذلك، أو يضع حدا لمعاناة الشعب السوري، الذي يتعرض لأبشع المجازر وأشنع الانتهاكات منذ عامين ونصف العام، ولا يقوم بهذا الواجب الإنساني والأخلاقي، رغم ادعائه المدنية والدفاع عن حقوق الإنسان، سواء من خلال مظلة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها، والمحاكم الدولية كمحكمة الجنايات الدولية، أو خلال مظلات وتحالفات دولية يمكن إنشاؤها بطريقة أو بأخرى خصيصا لهذا الغرض، أي الأخذ على يد الظالم ومحاسبته.
لم تكتف الولايات المتحدة ودول غربية تدعي أنها من أصدقاء الشعب السوري باختزال الأزمة السورية، بالسلاح الكيماوي، ومحاسبة المجرم على إجرامه في هذا المجال فقط، وإهمال جرائمه الإنسانية الأخرى على مدار ثلاثين شهرا على الأقل، والتي راح ضحيتها مئات الآلاف.. بل ارتكبت مزيدا الأخطاء القاتلة بحق الشعب السوري، وبحق سوريا كدولة وكيان وليس كنظام، منذ أن تم الاتفاق مع النظام الروسي بخصوص السلاح الكيماوي بجنيف، وما يترتب على ذلك، من نتائج كارثية. لقد خرجت جميع الأطراف كاسبة من هذه الصفقة، باستثناء سوريا الشعب والدولة.
ولعلّ أهم الخسائر المترتبة على الاتفاق الأميركي ـ الروسي ما يلي:
ـ نقض ما أعلنته كثير من الدول من أن بشار الأسد رئيس فاقد للشرعية، لأن مقتضيات تنفيذ الاتفاق بالإعلان عن السلاح الكيماوي ومواقعه، ثم متابعة تدميره تعني منح رأس النظام مدة في حدها الأدنى سنة، وحدها الأعلى خمسة عشر عاما، ذلك أن تعقيدات التدمير قد تتطلب هذه المدة، إضافة للموافقة ضمنا على رخصة القتل التي يمارسها النظام كالعادة، تماما مثلما يحدث في هذه الأيام.
ـ عدم معاقبة مستخدم هذا السلاح الكيماوي في الفترة الماضية، حيث تجتهد روسيا على تجنيب حليفها ذلك، بصفة عامة، سواء من خلال منع وضعه تحت البند السابع لمجلس الأمن الدولي، أو معاقبته على جرائمه السابقة.
وكان واضحا أن هذا الاتفاق قوض النتائج المهمة لتقرير المفتشين الدوليين الذي أكد استخدام بشار الأسد لغاز السارين وقصف الغوطة الشرقية بصواريخ أرض – أرض.
ـ معاقبة الشعب السوري من خلال الإضرار بدولته وبأمنها القومي، بدلا من معاقبة من معاقبة المجرم، ويتمثل ذلك بتدمير السلاح الكيماوي، الذي يعد قوة للدولة السورية، باعتباره يحقق نوعا من التوازن الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني ورادعا لقوته المتفوقة.
ـ الضغط على المعارضة من أجل القبول بنتائج الاتفاق الأميركي ـ الروسي، ومواصلة الضغط عليهم للذهاب لمؤتمر جنيف ـ2 للقبول بحل سياسي، قد لا يستثني الأسد، أو على الأقل لا يحقق أهداف الثورة السورية..أي ذهاب أجزاء من النظام السابق، والإبقاء مرتكزاته.
ولأنه قد لا يكون ذلك مفاجئا عن مجتمع دولي يتبنى المصالح بشكل جشع ووقح، ويكون على استعداد للوقوف إلى جانب الجلاد ضد الضحية، طالما تحققت مصالحه. فإن المطلوب من الثوار في سوريا والمعارضة السورية، في هذه المرحلة البالغة التعقيد أن تعتمد على نفسها بشكل رئيس في إنجاز مهام ثورتها، والسعي لرصّ صفوفها، والاحتفاظ باستقلالية قرارها، وعدم الخضوع لضغوط لا توصلها إلى الحد الأدنى من بلوغ أهدافها. ليكون ذلك الرد البليغ على مثل هذه الاتفاقات المريبة.