الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أصوات إسرائيلية تفضّل بقاء النظام السوري

أصوات إسرائيلية تفضّل بقاء النظام السوري

25.09.2013
ماجد الشّيخ


المستقبل
الثلاثاء 24/9/2013
على الرغم من التقليل من تصريحات السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة مايكل أورين، التي قال فيها إن إسرائيل تريد أن تشهد نهاية حكم النظام السوري، فقد انسجمت تصريحات أورين مع الموقف الواضح لقائد الجيش الإسرائيلي في لواء الشمال (يائير جولان) الذي عبر عنه خلال مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، قائلا "أنصح بألا يجربنا أحد، ونظام الأسد سيبقى لسنوات طويلة قبل أن تقسم سوريا إلى دويلات"، لكنه أعرب عن أمله أن يختفي الأسد عن العالم سريعا.
في هذا الوقت استبعد مدير مركز موشي دايان للدراسات الإستراتيجية (آيال زيسر)، أن تكون تصريحات أورين، تغييرا في موقف إسرائيل الرسمي، حيال الحرب الدائرة بسوريا، لافتا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أوعز للخارجية بتوبيخ السفير أورين على تصريحاته "التي لا تعبر حتى عن موقف علني أو رسمي لتل أبيب".
وقد تتابعت تصريحات مماثلة، إلى حد بدأ العديد من الإسرائيليين يجاهر، أو ربما يغامر بالقول أن من الأفضل بقاء النظام الحالي في سوريا، لأن سقوطه واختفاءه من حلبة دول الجوار المحيطة بإسرائيل، قد يؤدي لسيطرة "القاعدة" وما يسمى "تنظيمات الجهاد العالمي". ولهذا فإن إسرائيل والشرق الأوسط عموما، يعيشان في ذروة واقع معقد توجد فيه الكثير من التحديات، بما في ذلك تهديدات على أمن إسرائيل، وهذا الواقع يمكن أن يؤدي إلى انقلابات وانتكاسات تاريخية، وإلى فرص لن تعود ثانية، بحسب يعقوب بيري وزير العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلي الذي شغل في السابق منصب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك).
من جانبه رجح قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، الميجور جنرال يائير جولان بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في منصبه لسنوات قادمة، رغم أنه أكد أنه "كان يتحتم عزله". ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عنه القول في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن "المعارضة السورية لم تتمكن بعد من خلق بديل للنظام السوري"، معربا عن توقعه أن تظل سوريا مصدراً للاضطراب الإقليمي فترة طويلة.
وعلى خطى أقلية إسرائيلية غير مؤثرة في القرار السياسي، قلل من خطورة التهديد الذي تمثله التنظيمات الجهادية الناشطة في سوريا، واصفاً إياها "بعدو شرير ولكن بدائي نسبياً، خاصة وأنه غير مدعوم من أي قوة إقليمية". أما حزب الله، فرأى جولان أن أمينه العام حسن نصر الله يدرك جيداً أن "لبنان سيلحق به دمار هائل في أي مواجهة قادمة مع إسرائيل"، واصفا نصر الله بأنه "خصم جاد لا يجوز التهاون به".
وبالعودة إلى بيري، فقد حذر من تغير الوضع الأمني على الحدود مع مصر، قائلا إن عدم الاستقرار في مصر، يشكل خطرا آخر على أمن إسرائيل، مضيفا أن الموضوع المركزي الذي تواجهه إسرائيل كان وما زال وسيبقى، هو التهديد الإيراني والخطر النووي الإيراني لم يختف بعد. وفي كلمة له أمام المعهد المتعدد المجالات في مدينة هرتسيليا، تطرق بيري إلى الهزة الإقليمية التي تعم منطقة الشرق الأوسط، وقال إن عدم الاستقرار في مصر يشكل خطرا حقيقيا على إسرائيل، بحسب ما أفاد موقع صحيفة "هآرتس".
وأكد الوزير بيري على أن وجود أنظمة مستقرة داخل دول الجوار، يصب بلا شك في مصلحة إسرائيل، وحذر رئيس الشاباك الأسبق في سياق كلمته من انفجار منطقة الشرق الأوسط نتيجة للثورات المستمرة، وحالة عدم الاستقرار التي عصفت برئيسين مصريين في غضون عامين، مشيرا إلى أن سقوط نظام الرئيس السوري، ستتبعه عواقب خطيرة على أمن إسرائيل مستقبلا، وأضاف إن بقاء نظام بشار الأسد يصب في مصلحة إسرائيل بدون أدنى شك، مضيفا أن الرئيس الذي سيخلف الأسد في حالة سقوطه في أعقاب العملية التي تنوي ربما الولايات المتحدة تنفيذها خلال الأسابيع المقبلة، سيكون بمثابة الخيار الأسوأ لإسرائيل.
وأوضح الوزير الإسرائيلي أنه من المرجح سيطرة أعضاء الجهاد العالمي وتنظيم القاعدة على سوريا، وهو سيناريو غاية في السوء على حد تعبيره، إن تحقق، مشددا على رغبة إسرائيل في تولي نظام مُنظم ومستقر يُدير شؤون البلاد داخل سوريا. وقارن بين الأحداث التى شهدتها مصر وتأثيرها على إسرائيل، وبين ما يحدث الآن في سوريا، وقال إن النظام المُستقر للدول المجاورة هو حلم إسرائيل المنشود، فقد كنا بطبيعة الحال في السابق ضد "الإخوان المسلمين" وضد محمد مرسي في مصر، ولكن كان هناك نظام تستطيع التعامل معه والتحدث إليه، ولكننا الآن أمام مجموعة من الثوار الغاضبين وحالة من عدم الاستقرار، مما ينذر بأن علاقتنا مع مصر ستكون أكثر سوءا وصعوبة مستقبلا. واعترف بتدخل إسرائيل في سيناء للقضاء على ما أسماها بالبؤر الإرهابية التي تهدد أمنها.
وفي حوار له مع صحيفة "معاريف" قال بيري ردا على سؤال حول أهمية الاستقرار في مصر بالنسبة لإسرائيل، وما إذا كانت إسرائيل لعبت دورا في الإطاحة بنظام الإخوان: صحيح، نحن لا نتدخل، ليست لدينا القدرة على قلب أنظمة، ولم نحاول خلال العقود الأخيرة العمل في هذا الاتجاه. نريد نظاما مستقرا يحافظ على السلام، ونحن مضطرون للحفاظ على سيناء نظيفة. نقوم هناك بخطوات استباقية لمساعدة الجيش المصري في مواجهة التنظيمات الإرهابية السلفية والتابعة للقاعدة.
وأضاف: نحن بشكل طبيعي كنا ضد محمد مرسي و"الإخوان المسلمين"، ولكن كان لك جار تستطيع أن تتحدث معه، الآن نقف أمام حفنة من المتمردين ومثيري الشغب، ومن المتوقع أن يصبح وضعنا أكثر سوءا. وأضاف أنه في حالات معينة لمصلحة إسرائيل أن يبقى الأسد في السلطة، فلا نعلم ماذا يحدث بعد سقوطه أو اختفائه من الخريطة السياسية، وأوضح الوزير أن هناك وزراء وسياسيين آخرين تحدثوا عن أن سقوط الأسد هو المستوى الاستراتيجي الحاسم الذي ينبئ بانهيار إيران وسوريا وحزب الله، وهذا له آثار بعيدة المدى من حيث التهديدات لإسرائيل، وزاد قائلا: لا نستطيع القول علنا إن الأسد قاتل وغير إنساني، وما حدث من مجزرة كيميائية لا يغتفر، ومستعد لخنقه شخصيا، ولكن سقوطه سيسبب لنا مشاكل في بعض الحالات. كما أشار إلى سياسة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، ووزير الأمن، موشيه يعالون، بأنها تتمتع بانعدام التصريحات العدائية والاستفزازات، وهذه سياسة ضبط النفس.
علاوة على حالة ضبط النفس تلك، فمن المؤكد أن إسرائيل غير معنية بالإطاحة بالنظام الحالي في سوريا، وإن كانت تطمح عمليا لتقليص نفوذ إيران وحزب الله في المنطقة، وهي لذلك تسعى إلى دعم الغرب في مهمة تجريد الجيش السوري من أسلحة الدمار الشامل، ومن ضمنها الأسلحة الكيميائية، وكل الأسلحة غير التقليدية التي ترى فيها تهديدا إستراتيجيا. لذلك يبدو الموقف الإسرائيلي الأقرب إلى المنطق الدائم الذي يقود ويترسم خطوات صناع القرار السياسي، أن تبقى الحرب الداخلية مشتعلة، كي تستنزف قوى وإمكانات الأطراف المتصارعة جميعها؛ كضمانة لعدم التعرض للأمن الإسرائيلي.