الرئيسة \  مشاركات  \  أطفال سورية: بين أَلَمِ الواقع، و مخاطر المستقبل

أطفال سورية: بين أَلَمِ الواقع، و مخاطر المستقبل

17.03.2014
محمد عبد الرزاق


إذا كان الواقع الذي يعيشه أطفال سورية مُؤلمًا، فإنّ المخاطر التي تترقبهم أشدّ إيلامًا، و علينا أن نفكر فيهم قبل غيرهم؛ و ذلك لسببين اثنين:
ـ الأول: أنهم الأكثر تضررًا على مستوى اللحظة الراهنة بسبب تعرضهم للقتل، واليتم، والتجنيد، والعمل في سن مبكرة بسبب صعوبة الظروف المعيشية للأهل، وفقدانهم لحقهم في التعليم والرعاية الصحية الأولية.
ـ الثاني: أن مستقبل سورية سيكون في مهب الريح؛ لأنهم هم من سيلقى عليهم مهمة إعادة البناء، و الإعمار بعد انتهاء الأزمة.
قد نلتفت في اللحظة الراهنة إلى عظم المأساة التي يلاقيها عموم المجتمع، ممثلة في تزايد أعداد القتلى، والنقص الكبير في المأوى والمأكل، و لكن علينا أن نلتفت إلى مستقبل ملايين الأطفال الذين حرموا لأعوام من الذهاب للمدارس، وتعرض عشرات الآلاف منهم للإصابات الجسدية والنفسية البليغة.
و هذا هو الخطر الحقيقي الذي يحدق بمستقبل سورية، و هو أشد، وأنكى على المستوى البعيد المدى من المخاطر الأخرى التي نعايشها في كل صباح.
في تقريرها الأخير الذي جاء تحت عنوان ( الحصار، الأثر المدمّر للأطفال ) لامست منظمة اليونيسيف واقع هؤلاء الأطفال، و الآثار المترتبة من جراء ذلك حينما قالت:( إن الملايين منهم مهددون بأن يكونوا جيلاً ضائعًا ).
و للتدليل على صحة هواجسها حيال هذه المأساة ذكرت في تقريرها الأرقام الآتية:
- أثرت الأزمة على نحو خمسة ملايين و نصف مليون طفل سوري، منهم ثلاثة ملايين نازح داخل البلاد، ومليون و ثلاثمئة ألف لاجئ في دول الجوار.
-زاد عدد الأطفال السوريين الذين أثرت عليهم الحرب إلى ما يقرب من الضعفين في العام الأخير.
- مقتل ما لا يقلّ عن عشرة آلاف طفل، مع التأكيد على أن العدد الحقيقي ربما يكون أكثر من ذلك.
- لقد كان معدل الإصابات بين الأطفال في سورية الأعلى في أي صراع وقع بالمنطقة في الآونة الأخيرة.
- إن ما يقرب من ثلاثة ملايين طفل في الداخل والدول المجاورة غير قادرين على الذهاب إلى المدارس بانتظام، وهذا الرقم يشكّل نحو نصف سكان سورية ممن هم فيسنّ الدراسة.
- إن ما يقدر بمليون طفل محاصرين، أو في مناطق يصعب الوصول إليها، وإن أضعافهم مهددون بأن يكونوا جيلاً ضائعاً.
هناك تقديرات تشير إلى أن عددهم وصل إلى ( 90.000 يتيم خلال السنوات الثلاث الماضية)،الأمر الذي يعني الكثير إذا تُرك على عواهنه دون انتباه لمخاطره المستقبلية؛و لاسيما لمن هم يتامى، حيث يعيش هؤلاء بلا رعاية،أوكفالة، أو معيل، مع احتمال تعرضهم بسبب ذلك للانحراف بسبب عوامل عدة تتمثل في تفشي جملة من الظاهر، منها: الجهل، والعمالة المبكرة، وانتشار الفراغ المقلق بسبب انعدام فرص التعليم، و كثرة الإعاقات  الجسدية  بسبب الإصابات التي تلحق بالمدنيين، و شيوع الأمراض النفسية مع ما يصاحبها من إفرازات كالإحباط، والخوف، والعقد، و العدوانية.
إن الأمر يحتاج إلى يقظة، وخطط إستراتيجية عاجلة تأخذ بعين الاعتبار توفير ما يأتي:
- مشاريع لكفالة ورعاية الأيتام، وفتح دور رعاية لهم في دول اللجوء، و لاسيما في لبنان حيث يوجد منهم (3500 يتيم ) لا يعرف مصير ذويهم،و هنا كتقديرات أخرى تشير إلى أنهم بحدود (7000 يتيم)، و لعلّ أخطر ما يتهدّد هؤلاء هو مساعي حزب الله لتشييعهم.
- مشاريع لكفالة طلاب العلم منهم، تضمن توفير مقعد للدراسة، واحتياجات أخرى كالحقيبة، و الكتب، و القرطاسية، وبناء وترميم المدارس وتوفير تجهيزاتها،و لاسيما في الداخل السوري، وكفالة المعلمين وتوفير المناهج، وتحييد المدارس عن ساحات المواجهة والقتال.
- مشاريع صحية لتوفير الرعاية الصحية للأطفال وأمصال التلقيح، وتركيب الأطراف الصناعية.
- مشاريع للدعم النفسي، لتخليص الأطفال من الضغوط النفسية وما لحقهم بسبب الحرب.
- فرص تنمية القدرات والمهارات والتدريب، والتدريب المهني.
إن أطفال، وناشئة سورية هم مستقبلها؛و واجب علينا تجاههم أن يحظوا بالأولوية فيما سيوضع من خطط و مشاريع تنموية، من قبل المؤسسات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني.