الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أطفال سورية في مهب الزعتري!

أطفال سورية في مهب الزعتري!

26.04.2013
خالد عبد الحميد

القدس العربي
الجمعة 26/4/2013
يشكل الأطفال والنساء العدد الأكبر بين اللاجئين السوريين في دول الجوار، حيث يضطر أكثر الآباء وأرباب البيوت للنزوح بأولادهم ونسائهم بعيداً عن قذائف النظام وصواريخه وبراميله التي تطال الجميع دون استثناء او تمييز.
وبسبب سوء الأحوال المادية لدى هذه الأسر لا تجد سوى المخيمات لتأوي إليها وذلك بسبب غلاء الأجور ونقص التمويل فسنتان من الحرب تكفييان لأن تُصرف جميع المدخرات في ظل توقف العمل على جميع الأصعدة مع تزايد العنف الممنهج الذي يمارسه النظام بكل ما أتيح له من أدوات ضد شعب طالب بالحصول على العيش الكريم.
أمضيت في مخيم الزعتري خمسة عشر يوماً وذلك في الشهر الأول من عام 2013، أغلب الأطفال الذين يسكنون في المخيم يحملون معهم آثار الحرب في وطنهم، التي تظهر في ألعابهم، وأغانيهم التي حفظوها عن ظهر قلب، والتي تتمثل في أغاني المظاهرات وأناشيدها، وربما تظهر آثار هذه الحرب أيضاً في نومهم فــ’ماسة’ ذات الخمسة أعوام وبحسب أمها تقول ان تستيقظ ليلاً لتأوي إلى فراشي خوفاً من ‘الطاخ’ بحسب ما تصف ماسة صوت الرصاص.
ومن مشاهداتي في مخيم الزعتري وجدت أن طبيعة المكان الذي يوجد به المخيم لها تأثير كبير على الأطفال، حيث أن المكان هو صحراوي، شديد الحرارة ومغبر نهاراً ليتحول إلى برد قارس وعاصف ليلاً، وخصوصاً مع انعدام مصدات الهواء هناك سواء الطبيعية أو الصناعية. فخلال تواجدي في شهر يناير هناك ضربت المنطقة عاصفة ثلجية والتي تركت أثرها على الأطفال وخصوصاً الذين لم يتجاوزوا الخامسة في ظل انقطاع دائم للكهرباء ووسائل التدفئة وذلك احترازا من الحرائق التي راح ضحيتها بأقل من شهر خمسة أطفال جراء احتراق خيمهم في مخيم الزعتري.
أما بالنسبة للوضع التعليمي وبحسب تقارير لمنظمة اليونسيف والتي تشرف على مدرستين تضم أكثر من ستة آلاف طفل داخل مخيم الزعتري وذلك بحسب ما ذكرته المنظمة في موقعها على الانترنت في الرابع من الشهر الحالي حيث تقدم لهم المنظمة وجبات غذائية في المدرسة.
أما عن المناهج فقد ذكر خليل وهو معلم سوري أنه من الصعب تشجيع الأطفال وتحفيزهم على التعليم، فقد اختفى كل المرح في عملية التعليم. ويشير إلى أنهم يتعلمون اللغة العربية والرياضيات، لكن لا توجد أي مواد يمكن استخدامها في تعلم أي مادة أخرى، سواء كانت فنونا أو موسيقى أو ألعابا رياضية.ويذكر أن في سوريا تم إغلاق عدد كبير من المدارس على مدى العامين الماضيين وحولها النظام إلى سجون .و بررالعديد من الأهالي عدم أرسال أطفالهم إلى المدارس داخل المخيم وخصوصاً الفتيات بالخوف المتمثل في انعدام الآمان داخل المخيم بسبب مساحاته الشاسعة وبعد المدارس عن أماكن تواجد اللاجئين.
في العام ألف وتسعمائة وتسع وثمانين أقر زعماء العالم بحاجة أطفال العالم الى اتفاقية خاصة بهم أقرت تلك الاتفاقية بحق جميع أطفال العالم بالتعلم، لكن يبدو أن تلك الإتفاقية أسقطت من حساباتها سهواً أو عمداً حقوق أطفال اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري وخارجه.
أما بالنسبة للوضع الصحي للأطفال داخل المخيم فهناك عدد من المشافي التي تقدم خدماته الصحية للأطفال منها المشفى الفرنسي والمشفى المغربي ومنظمة عون الطبية والمشفى السعودي والتي تقتصر خدماتهم على الرعاية الصحية المتواضعة وذلك بحسب الطبيب السوري الذي فضل عدم ذكر اسمه وهو طبيب مقيم في المشفى الإماراتي هنا في الأردن، تتمثل هذه الرعاية المتواضعة في معالجات انتانات طرق التنفس واسهلات وأمراض.
وتكمن المصيبة كما وصفها الطبيب السوري أن هذه المشافي لا تعالج الأمراض المزمنة للأطفال كالأورام والسكري والتشوهات الخلقية حيث يتجاوز عدد هذه الحالات 400 حالة وأضاف الطبيب السوري أن تكلفة علاج الحالة الواحد خارج المخيم تبدأ من 2500 دينار أردني إلتصل في بعض الحالات إلى 10000 دينار، وبعض الحالات قد تصل إلى 20 ألف دينار وهذا ما لا تسطيع العائلات القادمة من سورية تأمينه وهذه الحالات لا تتبنى علاجها أي جهة أو منظمة بما في ذلك المفوضية السامية لشؤون اللاجئين داخل أو خارج المخيم.
ويبقى السؤال إلى متى سيبقى الطفل السوري خارج الحسابات الإنسانية، حيث فقد جميع حقوقه خارج وطنه بعد أن فقد حقه بالحياة داخله؟