الرئيسة \  برق الشرق  \  أطفال نسوا بلادهم وبيوتهم وكبروا في المخيمات

أطفال نسوا بلادهم وبيوتهم وكبروا في المخيمات

16.05.2015
المركز الصحفي السوري



علي الحاج أحمد 14/5/2015
دخلت الأزمة السورية عامها الخامس، والبلد ينهار يوماً بعد يوم, والأطفال السوريين اليوم في ضياع ما بين واقع مشؤوم ومستقبل مجهول ...نعم وكيف لا، وأكثر من مليون طفل يعيشون داخل مناطق لا يمكن للمنظمات الإنسانية الوصول إليها، كيف لا ولقد ضاعت طفولتهم بين الصراع والتهجير القسري في المنطقة.
تمثل الأزمة السورية التهديد الأكبر للأطفال في وقتنا الحالي، وتحذر المنظمات الدولة أنه في نهاية عام 2015 ستكون حياة أكثر 8,6 ملايين طفل قد مزقت، بفعل العنف والتهجير القسري في المنطقة، ومع دخول الحرب السورية عامها الخامس، قد لجأ أكثر من 3,2 ملايين مواطن سوري إلى الدول المجاورة هربا من الحرب في بلادهم التي تجاوزت حصيلتها 220 ألف قتيل خلال أربعة أعوام مضت، ويمثل الأطفال أكثر من نصف عدد اللاجئين السوريين، حسب إحصاءات الأمم المتحدة.
الطفل " عدنان" ابن السبع سنوات نزح مع عائلته من بلدة "حيش" التابعة لمنطقة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، تلك البلدة التي دمرها النظام، وهجر أهلها من خلال استهدافها اليومي بالطيران الحربي والمروحي، والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ التي كانت تتمركز بمحيط البلدة قبل تحرير منطقة خان شيخون، يعيش الطفل "عدنان" في مخيم "أطمة" الحدودي، مع أمه وأبيه وأخته الصغيرة "ليلى" التي ولدت سنتين في مخيم "أطمة" على الحدود التركية شمال سوريا، يقول الطفل "عدنان": أنا عمري سبع سنوات، ولقد نزحنا من بلدتنا عندما كان عمري ثلاث سنوات، ونحن نقيم بالمخيم منذ أربع سنوات، ولا أتذكر أي شيء من بلدتنا، ويحدثني أبي عن بيتنا الذي دمره النظام، وعن أرضنا المشجرة زيتون ولكن لا أتذكر أي شيء.
أن تعيش في المخيمات يعني أنك تعيش بالحدود الدنيا، والحدود الدنيا السورية لا تعني فقدان الابتسامة والضحكة، لأنه إلى اليوم لازال ساكنو المخيمات يضحكون في وجوه الناس، في محاولة لخلق الحياة، "أبو هشام" من بلدة "كفرزيتا" بريف حماة الشمالي، الذي نزح من تلك المدينة إلى مخيم "أطمة" الحدودي بسبب استهداف البلدة بشكل مستمر بالبراميل المتفجرة من قبل النظام، ما أن أقبلنا على خيمة "أبو هاشم" حتى خرج إلى استقبالنا وهو يأهل ويرحب بنا والابتسامة لا تفارق وجهه، حدثا "أبو هشام" عن ابنه هشام البالغ من العمر تسع سنوات يقول: لقد نزحنا من البلدة عندما كان "هشام" في السنة الخامسة من عمره، وهو لا يتذكر سوى مشاهد القصف و الدمار، وهو يسألني دائماً: "أبي هل سنبقى في هذه الخيمة إلى الأبد؟ لماذا لا نبني منزلاً ونعيش فيه؟ لا أريد العودة إلى القرية حيث البراميل التي تتساقط من طائرات النظام.
حال "هشام وعدنان" هي حال مئات الآلاف من الأطفال السوريين الذين يعيشون في المخيمات، ولا يعرفون أي شيء عن مدنهم وقراهم التي هجروها، ومن يتذكر منهم لا يذكر سوى أن نظام الأسد قصفهم ودمر منازلهم وهربوا منها، ويمثل الأطفال أكثر من نصف عدد اللاجئين السوريين، حسب إحصاءات الأمم المتحدة.
لو كان أطفال سوريا ينزفون نفطاً، لتدخل العالم فوراً مثلما رأينا ما حصل في ليبيا وتدخل حلف الناتو، ولكنهم ينزفون دماً، ودمهم ليس له قيمة عند دول العالم، ولكن قيمته عند أهالي سوريا الذين ثاروا على الظلم والطغيان، لا يساويها أي ثمن، وكل قطرة دم من دماء أطفال سوريا أغلى من نفط العالم بأسره.