الرئيسة \  تقارير  \  أعلنا بدء حقبة جديدة في العلاقات الدولية.. بماذا انتهت مباحثات بوتين والرئيس شي؟

أعلنا بدء حقبة جديدة في العلاقات الدولية.. بماذا انتهت مباحثات بوتين والرئيس شي؟

07.02.2022
فهيم الصوراني


فهيم الصوراني               
الجزيرة   
الاحد 6/2/2022
موسكو- تقارب روسي صيني واضح على خلفية تفاقم الأزمة بين موسكو والغرب، عززته زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بكين، ومباحثاته أمس الجمعة مع نظيره الصيني شي جين بينغ، وفق ما تفيده تصريحات الزعيمين والبيان الصادر عن نتائج مباحثاتهما.
والجدير بالإشارة إلى أن اللقاءات وجها لوجه مع قادة العالم هو شكل غير معتاد بالنسبة للرئيس الروسي، الذي عادة ما يجري محادثاته معهم سواء عبر الفيديو أو الهاتف.
وبالنسبة للرئيس الصيني، فإن نظيره الروسي هو أول زعيم عالمي يلتقي به وجها لوجه منذ بداية جائحة فيروس كورونا منذ يناير/كانون الثاني 2020.
ويرى مراقبون روس أن "استثنائية" اللقاء بين شي وبوتين تعتبر بحد ذاتها ردًا من موسكو وبكين على السياسة "غير الودية" للغرب، وستحمل تأثيرات على السياسة العالمية.
تحدي المقاطعة
وأجرى بوتين -الذي وصل إلى بكين لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية (التي يقاطعها الغرب)- مباحثات مع نظيره الصيني، انتهت بتوقيع بيان مشترك كان لافتا إشارته إلى دخول العلاقات الدولية عهدا جديدا، وتدشين شراكة إستراتيجية عميقة بين البلدين.
بدأت زيارة بوتين للصين بتوقيع اتفاقيات واسعة النطاق بشأن الإمدادات الإضافية من الغاز الطبيعي الروسي إلى الصين، علاوة على ذلك، سيتم نقل 10 مليارات متر مكعب أخرى من الوقود الأزرق على طول طريق الشرق الأقصى إلى الصين، من حقل يخضع لعقوبات أميركية.
ويعبر خبراء روس عن قناعتهم بأن السوق الصينية ليست فقط قادرة على استبدال السوق الأوروبية بالنسبة إلى روسيا، بل ستحرر يد موسكو.
إذ يبلغ حجم استهلاك الغاز في الصين حالياً 360 مليار متر مكعب سنويا، لكن هذا الرقم يتزايد بمعدل سنوي يتراوح بين 10% و14%، ما يعني أنه في غضون 5 إلى 7 سنوات، سيتضاعف حجم الاستهلاك الصيني. ومع مد خط أنابيب غاز "سيوز-فوستوك" عبر منغوليا، فإن حجم إمدادات الغاز الروسي إلى الصين سيكون مساويا لحجم إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا وتركيا.
تغيرات جيوسياسية
ويقول الباحث في الشؤون الاقتصادية ألكسندر دودتشاك إن هذا الاتفاق بين بكين وموسكو لا يجلب بالنسبة لروسيا تغييرات اقتصادية فحسب، بل تغييرات جيوسياسية أيضا، إذ ستضطر أوروبا في المستقبل إلى التنافس بجدية مع الصين على الغاز الروسي، كما سينمو حجم السوق بشكل أسرع لأن الصين أعلنت عن خطط لتحييد الكربون (أي الاستغناء عنه) بحلول عام 2060.
ويتابع دودتشاك في حديث للجزيرة نت أن الفحم يشكل 60% من استهلاك الطاقة في الصين، ومن هنا ستتحول بالكامل إلى مصادر أخرى، وبالطبع سيكون الغاز الطبيعي والطاقة النووية وغيرهما؛ من المجالات الأساسية للتعاون الروسي الصيني.
وتأتي القمة الروسية الصينية على خلفية تدهور علاقات موسكو وبكين مع الغرب. وهو ما سيعطي وفق خبراء روس للرئيسين الروسي والصيني حافزا إضافيا لتعزيز التعاون بينهما، على الرغم من أن روسيا تدعم الموقف الصيني في ملف تايون، وتؤيد مبدأ "صين واحد"، في حين لا تعترف بكين بضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية.
يشعر كل من الصين وروسيا بالاستياء من سياسات الغرب تجاههما، وترغبان في المشاركة في تخطيط السياسة العالمية على قدم المساواة مع الدول الغربية.
ترسيم المصالح
ويرى محلل الشؤون الدولية دينيس كوركودينوف -في حديث للجزيرة نت- أن التقارب الأكبر بين الصين وروسيا سهّله ترسيم حدود المصالح بين الغرب والصين وروسيا.
فإلى جانب التعاون الاقتصادي، تجمع بكين وموسكو مصالح وقيم مشتركة، فالصين تدعم الخط السياسي لروسيا تجاه أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو).
إضافة إلى ذلك، يشعر كل من الصين وروسيا بالاستياء من السياسات الغربية تجاههما، وترغبان في المشاركة في تخطيط السياسة العالمية على قدم المساواة مع الدول الغربية. وبهذا المعنى، وجدت الصين في روسيا شريكا عسكريا سياسيا.
وينبه الخبير الروسي كوركودينوف إلى أنه لم يكن عبثا في هذا السياق، تركيز البيان الروسي الصيني المشترك على تعزيز التعاون والتنسيق في المنظمات الدولية، لا سيما في الأمم المتحدة، والذي رغم أنه كان على الدوام أمرا تقليديا بالنسبة لموسكو والصين، فإنه تكثف مؤخرا بشكل أكبر.
ويعترض الروس والصينيون على حد سواء على "عالم قائم على قطب واحد"، والنظر إلى المؤسسات الدولية التقليدية المتعددة الأطراف على أنها أساس النظام الدولي.
روسيا والغرب
كما يعتبر الخبير الروسي أن تحالف روسيا والصين يعزز موقفهما في المفاوضات مع الغرب حول القضايا الإشكالية. ويضيف أنه عرض على موسكو مرارا وتكرارا في السابق أن تسير جنبا إلى جنب مع الغرب ضد الصين، مقابل وعود وتنازلات سرعان ما تلاشت.
ويتابع كوركودينوف أنه أصبح من الواضح أن روسيا لم تعد تؤمن بهذه الوعود الغربية، وبدأت تفضل التحالف الحقيقي مع الصين على المكانة الوهمية التي وعدت بها في المنظومة الغربية.
ويختم بأن الصين تقع تحت "مظلة" روسيا في مجال التعاون العسكري. وفي الوقت نفسه فإن القوات المسلحة الصينية تنمو وتتطور تقنيا بشكل هائل، بما أصبح يشكل تهديدا للولايات المتحدة ومن ينشط في الفضاء.
المصدر : الجزيرة