الرئيسة \  تقارير  \  أفغانستان... البلد الذي ترك للجوع وحياة الخوف

أفغانستان... البلد الذي ترك للجوع وحياة الخوف

21.02.2022
بوب كروكر و كريس كونس


بوب كروكر و كريس كونس
الشرق الاوسط
الاحد  20-2-2022
في العاشر من أغسطس (آب) 2021، قبل أيام من انهيار الحكومة الأفغانية، وصل فؤاد خان صافي إلى الولايات المتحدة ليبدأ حياته الجديدة.
وقد انتظر السيد صافي، الذي كان يعمل سابقاً كمتعاقد مع وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية في أفغانستان، 12 شهراً مؤلماً للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة، ثم وصل إلى تكساس. وقد استمرت محنته عدة أشهر أكثر من فترة معالجة التأشيرات القصوى البالغة 9 أشهر بموجب القانون -ومع ذلك، فإن السيد صافي هو أحد المحظوظين.
ما زال نحو 60 ألف أفغاني يعملون مع القوات الأميركية ويتقدمون بطلبات للحصول على تأشيرات في أفغانستان، كثيرون منهم على الأرجح يتضورون جوعاً ويهربون من قبضة “طالبان”. ولم تتم الموافقة إلا على أقل القليل من تلك التأشيرات، إن كانت قد تمت الموافقة عليها خلال فترة 9 أشهر. يبدو أن النظام معطل بوضوح.
وعلى الرغم من الصور المثيرة للقلق التي تبيِّن عملية الإخلاء التي تمت في الصيف الماضي، فإن العقبات التي تواجه مقدمي طلبات الحصول على الموافقة المسبقة لا تزال قائمة. ولمعالجة هذا الأمر، ينبغي للكونغرس أن يعدّل العملية الحالية لمكافحة التطرف العنيف، وأن يقرّ برنامجاً معدلاً ودائماً للهجرة يُعيد توطين من يتقدمون بالطلبات بسرعة وكفاءة.
على المدى الطويل، سوف يعيد الشركاء في جميع أنحاء العالم، الذين غالباً ما تعتمد عليهم الولايات المتحدة، التفكير في قيمة العلاقة الوثيقة مع الحكومة الأميركية إذا رأوا أنهم لا يستطيعون الاعتماد على دعمها.
كان الكونغرس الأميركي قد أقرّ أول برنامج تأشيرة للهجرة الخاصة عام 2006، بعد عدة سنوات من اندلاع النزاع، وكان المترجمون الفوريون العراقيين والأفغان مؤهلين لذلك. ومنذ بدايته، لم يتمكن البرنامج من معالجة الطلبات في الوقت المناسب، مما أدى إلى تراكم الأعمال التي لم تُسوَّ قط. ومع تراجع طلباتهم، تعرض المترجمون الذين كانوا يعملون لدى الحكومة الأميركية لعمليات الانتقام. وبعد أن سحبت الولايات المتحدة معظم قواتها من العراق في 2011، واجه المترجمون الفوريون العراقيون عواقب وخيمة، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى التأخير الشديد في معالجة طلبات نظام “تأشيرة الهجرة الخاصة”. ومن دون إجراء تغييرات فورية في برنامج تأشيرة الهجرة الخاصة، فإن مصيراً مماثلاً ينتظر حلفاءنا الأفغان.
في الوقت الحالي، يمكن للأفغان تقديم طلب للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة عبر مسارين: برنامج دائم للمترجمين الفوريين الذين عملوا مباشرة مع الجيش الأميركي، يقتصر على 50 شخصاً فقط سنوياً، وبرنامج أكبر بكثير، ولكنه مؤقت، للآخرين الذين يعملون لحساب الحكومة الأميركية أو بالنيابة عنها. ولكل برنامج شروط مختلفة لتقديم الطلبات، والمواعيد النهائية، وحصص التأشيرات.
مما يؤسف له أن محاولات الكونغرس حسنة المقصد لتحسين برامج تأشيرة الهجرة الخاصة قد زادت من تعقيدها، في حين لم تعالج بشكل كافٍ نقاط ضعفها الكبرى. وقد جعلت التمديدات المتقطعة والمؤقتة من الصعب على السلطة التنفيذية وضع الميزانية وتعيين الموظفين وتوفير الموارد اللازمة للبرامج على مر الزمن. على سبيل المثال، وجد مكتب المفتش العام التابع لوزارة الخارجية أن عدد الموظفين في البرامج ظل ثابتاً في الفترة من 2016 إلى 2020 مع ارتفاع الأعمال المتأخرة وموافقة الكونغرس على 15500 تأشيرة إضافية.
فضلاً عن ذلك، فإن تحديد مسؤوليات وزارات الخارجية، والأمن الداخلي، والدفاع في عملية الهجرة ليس بالمهمة اليسيرة. إذ تشتمل المعلومات الأساسية وعمليات التفتيش الأمنية على عمل وكالات متعددة، ولم يكن التنسيق بين هذه الوكالات مناسباً.
لكن يمكن اتخاذ خطوات فورية لتصحيح البرامج. أولاً، تحتاج السفيرة إليزابيث جونز -المنسقة الحالية لجهود إعادة توطين الأفغان في وزارة الخارجية- إلى مزيد من السلطة لتسريع الآلية البيروقراطية. وينبغي على البيت الأبيض تعيينها منسقةً رئاسيةً تتمتع بصلاحية توجيه أعمال موظفي الوكالة الآخرين والإشراف عليها.
لقد زادت إدارة بايدن من مواردها وقلّصت من الوقت اللازم لتنفيذ برنامج تأشيرة الهجرة الخاصة في الأشهر القليلة الماضية، ولكنّ هذه الخطوات أقل بكثير من الإصلاح التشريعي الرئيسي الذي تحتاج إليه برامج تأشيرة الهجرة الخاصة الأفغانية والعراقية. وينبغي للكونغرس أن يدمج المسارات المتعددة لبرامج تأشيرة الهجرة الخاصة في إطار موحد دائم يبسّط قواعد المعالجة والاستحقاق.
في الوقت الراهن، لا يسمح مسار تأشيرة الهجرة الخاصة للمشرفين الأميركيين السابقين لمقدمي الطلبات بتقديم سياق مفيد عند ظهور العلامات الحمراء خلال الفحص والفرز الأولي في الخلفية الأمنية. نظرياً، انظروا في حالة مترجمٍ كان، بناءً على طلب من المشرفين العسكريين الأميركيين، قد اتصل بالمتعاطفين مع المتمردين لجمع المعلومات أو الحصول على التعاون خلال ذروة الصراع. وفي إطار النظام القائم، لا يوافق عادةً على هؤلاء مقدمي الطلبات بوصفهم مخاطر أمنية من دون أن تتاح لهم سبل كافية للاستئناف.
ومن خلال الحد من أهلية التقدم للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة بالنسبة إلى العراقيين والأفغان، تتجاهل الحكومة الأميركية أيضاً عدداً كبيراً من الحلفاء الآخرين الذين خاطروا بحياتهم لصالح القوات والبعثات الأميركية. على سبيل المثال، رافق المترجمون الفوريون السوريون واليمنيون القوات الأميركية خلال معركتها ضد تنظيمي “داعش” و”القاعدة”. ولا تتاح لهم فرصة إعادة التوطين في الولايات المتحدة من خلال برنامج تأشيرة الهجرة الخاصة.
ومن شأن توسيع نطاق برنامج تأشيرة الهجرة الخاصة على مناطق صراع أخرى أن يَحول أيضاً دون الحاجة إلى وضع تشريعات جديدة لهذه البلدان. وفي الماضي، سقط بعض البرامج الخاصة ببلدان معينة من خلال الصدوع التشريعية تماماً. وفي الآونة الأخيرة، فشل الكونغرس في سن برنامج تأشيرة الهجرة الخاصة بسوريا على الرغم من أكثر من محاولة لتقديم مشروع قانون من هذا القبيل. إن حلفاءنا يستحقون ما هو أفضل من ذلك، خصوصاً في ضوء الأزمات التي تَلوح في أفق المستقبل مثل المواجهة الحالية بين روسيا وأوكرانيا.
في تكساس، يعمل السيد صافي الآن في وكالة لإعادة التوطين، ويدفع الكثير من ثروته مقدماً من خلال مساعدة الوافدين الجدد الآخرين على إيجاد العمل والإحساس بالانتماء في بلدهم الجديد. لكن من المؤسف أن أغلب اللاجئين الذين تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة لن يتمكنوا من الوصول إلى الولايات المتحدة. ولا يزال الآلاف ينتظرون خائفين من انتقام “طالبان”، ويختبئون منهم في أقبية المنازل.