الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أفغنة سورية خدعة جديدة

أفغنة سورية خدعة جديدة

17.10.2015
صالح الديواني



الوطن السعودية
الخميس 15/10/2015
تأملوا هؤلاء الحركيين، إنهم يعيشون خارج الزمن، تحت ضغط ذاكرة تعيش في الماضي، وتحاول إقناعنا بقبضة التراب التي تفجر الدبابة، والحجر الذي يُسقط الصاروخ العابر للقارات!
تسارعت الأحداث دراماتيكياً في منطقة الشرق الأوسط بشكل سلبي، وبطريقة لم يكن ليتوقعها أكثر المتشائمين في عالمنا العربي والإسلامي، لتظهر لوحة مشابهة جداً للوحة الأفغانية على الأرض العربية هذه المرة، وعلى ضوء تلك اللوحة توتر البعض وبدأ يسترجع تفاصيل اللوحة الأفغانية، التي كان يشاهدها ويحشد لها سابقاً دون وعي بأصل الحكاية، فقد كانت مختلفة عن تلك التي تدغدغه بين خطوط اللوحة القديمة.
وهو ما يفسر حساسية البعض من تواجد روسيا على المشهدين السياسي والعسكري العربي، اللذين ينبعان من خلفية تاريخية سرعان ما تكشفت خديعتها ومغازيها السياسية لدى شريحة من المجتمع، لكنها ظلت ضبابية عن كثيرين أيضا. ويتناسى أولئك البعض أو يحاولون أن يتناسوا، تواجد كل دول العالم تقريبا بقيادة أميركا في العراق وبعض الدول العربية كمحتلة، وإسرائيل كمحتلة للمقدسات..!
هذا العمى السياسي في الواقع هو عمىً للعقل تحت ضغط العواطف والذاكرة الدينية لما سُمي بالجهاد الأفغاني، على الرغم من أنه كان قتالاً بالنيابة عن المحروسة أميركا، التي أرادت منع الاتحاد السوفيتي السابق من الوصول إلى المياه الدافئة على المحيط الهندي، وعزلها تماماً عن تلك المنطقة، كيلا تحصل على أية منافذ بحرية استراتيجية.
وهذه نصف الحكاية فقط.. فيا لخيباتنا التي لا تنتهي.. شخصياً لن أسمح باختطاف عقلي تحت أية ذريعة وتحت أية ظروف مهما بلغت مغرياتها، فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، ولدينا في تهامة مثل يقول: "ما يقع في امشراك مرتين إلا خس امطيور"، أي لا يقع في المصيدة مرتين إلا الطير السيئ.
وفي هذا السياق أعجبني ما كتبه المغرد الشهير "أحمد" على حسابه في "تويتر": "روسيا اليوم ليست دولة شيوعية.. الشيوعية سقطت مع قدوم بوريس يلتسين على ظهر الدبابة..".
نحن إذًا أمام خدعة جديدة تعيشها المجتمعات العربية والإسلامية، وهو دليل على أن طيفا واسعا منا لم يصح تماماً من غفلة خدعة حرب أفغانستان، أو ما كان يُطلق عليها من ذهبوا للقتال هناك "جهاد الروس والسوفيت".
اليوم نعيد الكرة مرة أخرى بوجود مجموعة من "الحركيين" الذين ورثوا ذات الخدعة المقولبة المغلفة برداء الجهاد، يغذون هذه العقليات البسيطة الناشئة، ويدفعون بهذه الثقافة المتأخرة بكل طاقاتهم وإمكاناتهم. لن تتقدم العملية التنويرية في الوطن العربي، وستظل على الدوام أسيرة (الأولياء) ومجاميع الثيوقراطيين، الذين سيطروا في مرحلة تاريخية على مفاصل العملية التعليمية والثقافية في بعض البلدان العربية المؤثرة، ونلاحظ كدليل على ذلك أن كثيراً من الجماعات الإسلامية، تطبق الاختصارات التي كتبها لهم في المناهج المدرسية، بعض المتفاخرين بمقابض السيوف، وظهور الخيل.. وبقية المشهد.. وهو ما يقتنع به أولادنا الآن، ويرونه النمط والشكل الإسلامي الحق الذي لا مراء فيه.
وهي العقليات السطحية ذاتها التي رأت الإسلام من نافذة الجهاد والقتال والمعارك وقدمته في المسلسلات والأفلام، لتنطبع في الذاكرة العربية والإسلامية صورة المسلم طويل الشعر، عاصب الرأس، قذر الهندام، بسروال "غوار الطوشة" القوقازي والكردي..! إنه شيء من التخيل الكاريكاتوري، لرسم كركترات من وحي كتب التراث المكتوبة بيد الأعاجم من الفرس والروم وشعوب آسيا الوسطى.
تأملوهم معي واسترجعوا الذاكرة.. فهم يعيشون خارج الزمن، تحت ضغط ذاكرة تعيش في الماضي، ذاكرة تحاول إقناعنا بقبضة التراب التي تفجر الدبابة، والحجر الذي يُسقط الصاروخ العابر للقارات..! فاتقوا الله في شباب الأمة ومستقبلها، وعلموهم كيف يعيشون حاضرها ويشكلون مستقبلهم بأنفسهم.