الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أفكار محلية تجاه الأزمة السورية

أفكار محلية تجاه الأزمة السورية

29.05.2013
سامح المحاريق


الرأي الاردنية
الاربعاء 29/5/2013
إذن ما يحدث في القصير هو مواجهة طائفية بامتياز، سقطت الأقنعة، وستسقط أقنعة كثيرة في لعبة الطوائف، والقصة ليست في المقامات التي يتذرع حزب الله بحمايتها، فدوره لا يتعدى تنفيذ إملاءات إيرانية محضة، ومن يسكنون المقامات من شخصيات دينية، وصوفية، بريئون من هذا الصراع وليسوا طرفا فيه، ولكن المشكلة فيمن يستثمرون هذه الرمزية في إذكاء تصفية الحسابات القائمة على أسس مادية بحتة، تتشكل من شبكات خطوط النفط والغاز، وفكرة الشرق الأوسط، بوصفه سوقا، قبل أن يكون أي شيء آخر.
هل يمكن لإيران أن تمول وتدعم حربا واسعة في سوريا حاليا، وفي العراق عاجلا أم آجلا، لا يبدو أن ذلك ممكنا، فالربيع الإيراني نفسه ليس بعيدا، ولعله أقرب من أي وقت مضى، وايران التي بالغت في انحيازها لسلطة الفقيه، أكلت صورة الدولة، وجوهرها، ولم يعد حول الفقيه سوى أتباع، وليسوا بالتأكيد رجال دولة.
المفارقة، أن الجميع يحاول أن يستميل الأردن، وأمام ممانعة منطقية، ومعقولة، من الأردن الرسمي والشعبي، لا يجد الجميع بدا من التشكيك في الأردن، فالكل يعمل بطريقة من ليس معنا، فهو ضدنا، والكرة التي ألقاها جورج بوش الإبن قبل عقد من الزمن ما زالت تتدحرج وتتضخم، ولذلك فالأردن اليوم يحاول أن يبتعد عن وضعه في أي محور، وليس في مزاج المراهنة، وهي مقامرة صريحة بالنسبة لبعض الأطراف، وعليه يتوقع أن تظل الأردن في وضع (المأكول المذموم) في جميع الظروف.
التعويل في الأردن هو على الجبهة الداخلية، والبحث عن خطاب توافقي يتجاوز الرؤى المحدودة للأوضاع القائمة، خاصة أن بعض القوى السياسية تجد نفسها في حالة من التناقض بين المصالح والمبادئ، فالأخوان مثلا يتأرجحون بين السلفيين والإيرانيين، بعد زيارة نجاد الاستثنائية لمصر، والقوميون، يناقضون أنفسهم بين أطياف صدام حسين، وظلال بشار الأسد، ويحاولون التوحيد بين طريقين كانا أصلا متصارعين ومتحاربين، وإذا كانت هذه القوى لا تجد مشكلة في هذا التعايش مع التناقض المفرط، فالدولة لا يمكن أن تعيشه، وإن عايشته لفترة، فهو لا يمكن أن يصبح خيارا استراتيجيا، على المدى الطويل.
يمكن للتناقض أن يودي بالإنسان إلى مستشفى الأمراض العقلية، ولكن نفس الوضع لا ينطبق على الدولة، والأردن يعيش حالة من الاستنزاف المعنوي والفكري والسياسي، ويجب أن يتم تفهم هذه المسألة، ومصالح الأردن لا يجب أن يتم ربطها بتناقضات أو أوهام، وعلى ذلك يجب أن ترتبط القرارات الكبيرة بما يتجاوز الآني والذاتي نحو الحفاظ على الأردن وكينونته.
كانت لبنان أرضا لحروب الآخرين، واليوم، تبدو سوريا صورة مكبرة جدا من لبنان، والخيارات الأردنية محدودة، والوقت يستنفد في صراعات وجدالات جانبية وهامشية، ومعارك صغيرة وغير منتجة، وتوجد محاولة لإرهاق الجميع في محاولة الدفاع عن نفسه، وتبرير مواقفه للآخرين، والبحث عن حلوله الشخصية لأزمة عامة، مع أن هذه النوعية من الأزمات يجب أن تواجه من خلال تفاهم مجتمعي واسع، وإذا كان الأردن أفلت من أي خلل طائفي كالذي يوشك أن يلتهم المنطقة، فهل يسعى البعض لأن يخترعوا في الأردن طائفيته السياسية؟!
دعونا نفكر في مصالحنا هذه المرة، لأن الجميع يفكر في مصالحه، فلماذا نكون في دور الفزيع الذي تتمزق ملابسه بينما يتصالح المتشاجرون بعد ذلك؟ أم أن الفزعة مسألة متأصلة في جيناتنا الوراثية.