الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أكثر المشاهد السورية مأساة وخطرا

أكثر المشاهد السورية مأساة وخطرا

19.11.2013
سعد بن طفلة العجمي


الشرق القطرية
الاثنين 18/11/2013
قد تتناسى الثكلى وتتجاوز حدادها، وقد يتجاوز المكلوم فقدان المحب، وقد يجد العاطل عملا، وقد يشفى المريض ويبرأ الجريح، وقد يجد اللاجئ مأوى، وقد يجد الأعزب عروسا، وقد يجد العروسان شقة تؤويهما يوما، ولكن ماذا عمن فقد الأمل؟
جيل سوري كامل من ملايين الأطفال بلا مدارس أو تعليم، جيل قادم بلا أمل. من يزر مخيمات اللاجئين السوريين ويشاهد هؤلاء الأطفال، يشعر بقشعريرة على مستقبل هؤلاء الأطفال، أو بالأحرى يشعر بانعدام مستقبلهم، يشاهد الزائر لهذه المخيمات مشاريع انتحار المستقبل، كل طفل يمثل موتا مبكرا للأمل لأنهم أطفال محرومون من أبسط وسائل العيش الكريم، ولكن الأخطر أنهم محرومون من الأمل.
 يراد لمأساة الشعب السوري الاستمرار، ومطلوب بقاء الطغيان والفوضى هناك أطول مدة ممكنة، فمعظم الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة لا ترى مصلحة لها بوضع حد لمأساة شعب ودولة تشهد تدميرا عشوائيا بلا هوادة. مئات الآلاف من القتلى والجرحى وملايين المشردين وتدمير لمظاهر الحياة والخدمات الأساسية، والأخطر قتل الأمل بحرمان جيل كامل من التعليم.
 رغم مأساة الشعب الفلسطيني وما تعرض له من ظلم وتشرد، إلا أنه شعب أصر على التعليم، وخلق فرصا مستحيلة لأطفال اللجوء جميعا، وسجل الشعب الفلسطيني رغم المأساة التي يعيشها أعلى معدلات لمحو الأمية، وحرص الفلسطيني دوما على التعليم قبل الخبز، بينما حرص غيره على المظهر قبل العلم والخبز، فكان أن عاش الفلسطينيون رغم الفقر والعوز بكرامة وعزة في الديار التي لجأوا إليها أو حتى داخل فلسطين المحتلة نفسها. قبل الغزو العراقي للكويت عام 1990، عاش أكثر من ثلاثمائة ألف فلسطيني عرف عنهم تقديسهم لطلب العلم والتعليم، حيث يكدح الأب الفلسطيني ليل نهار لتعليم أولاده، فذاك يدرس بالأردن وتلك تدرس بالقاهرة، وآخر بأمريكا وهكذا. ولم يعرف عن المجتمع الفلسطيني الذي عاش بالكويت الجريمة والرذيلة والانحراف، بل على العكس من ذلك، عرف عنه الصرامة والشدة والتضحية من أجل العلم والتعليم، فكان العلم بمثابة حصانة حمته وصانته من الفجائع التي توالت على الشعب الفلسطيني.
وقد تميز الفلسطينيون حيث تواجدهم بالدأب والجد، وتميزت مجتمعاتهم بشكل عام بالفضيلة والجهد وندرة الجريمة وقلة الرذيلة. فالجريمة والمخدرات وممارسات الرذيلة بشتى أنواعها تنتشر غالبا في أوساط الفقر والجهل وانعدام الأمل بانعدام فرص التعليم، وهو ما حرص الفلسطينيون على تلافيه دوما بخلق فرص التعليم من العدم.
 "ليان" حملة شبابية خليجية تجمع التبرعات لمساعدة اللاجئين السوريين بلبنان وغيرها، تستهدف تعليم الأطفال بالدرجة الأولى، تجمع التبرعات لدفع رسوم الدراسة والمواصلات والزي المدرسي والوجبات بمبالغ زهيدة نسبيا، يعملون بإخلاص وبلا أجندات، هدفهم إنساني بحت يركز على مساعدة الطفل السوري المنكوب بشكل أساسي. التسمية نسبة إلى "ليان" السورية التي ماتت بالمخيمات بلبنان وعمرها شهور بسبب نقص الدواء لمرض أصابها، فأصبحت رمزا للأمل، وارتبط اسمها بنافذة على المستقبل ونداء للتعليم.
 مطلوب مبادرة شعبية خليجية على مستوى عالمي تدرك مأساة وخطر مستقبل الجيل السوري الذي تفوته فرص التعليم، والدفع بمبادرات مثل "ليان" التي تبتعد عن أجندات السياسة وسوق نخاسة المتاجرة بمأساة الشعب السوري، وما أروجها هذه الأيام.
 نحن جميعا مطالبون بفتق هوة صغيرة في جدار اليأس، وإشعال شمعة مضيئة في دامس ظلام النكبة، خلقا للأمل لجيل بلا أمل.