الرئيسة \  مشاركات  \  أكذوبة الاهتمام بالمسيحيين

أكذوبة الاهتمام بالمسيحيين

07.12.2013
وليد فارس


يرسم الجيش الحر خطط اقتحامه للمناطق أو تحريره للحواجز, بحسب إستراتيجية بسيطة باتت معروفة للجميع, وهي قطع طرق الإمداد على النظام, والتقدم نحو العاصمة المدن أكثر فأكثر, والسير نحو العاصمة دمشق.
في طريقهم نحو تحقيق هدفهم يواجه ثوار سورية –عموماً- ثلاثة شرائح من الناس, منهم من هو مؤيد للنظام يدعمه بكل ما أوتي من قوة, وهذا عدو محارب مهما كان توجهه, ومنهم من هو مؤيد للثورة يتقاسمون معه آلامهم وأمالهم, ومنهم من هو رمادي يتركونه يمينهم أو شمالهم من غير أن يؤنبوه, لكنهم بلا شك يحاولون أن يكسبوه في صفهم.
عندما دخل الثوار معلولا -في المرتين- لاسيما المرة الثانية, التي اختفى فيها راهبات ظهر فيما بعد أن الثوار قدموا من دمائهم لحمايتهن, كما تحمَّل –قبلها- ثوار مدينة حمص الكلفة الباهظة لإخراج المدنين المسيحيين من مدينة حمص المحاصرة, وفي صدد قدم الثوار أكبر نموذج على طريق تمسكهم بالحق الذي خرجوا من أجله, وأظهروا أن إنسانيهم وأخلاقهم هي رسالة عملية مترجمة على الأرض مع الجميع, ورموا الكثير من الصور الرائعة بالتعامل مع السوريين المسيحيين هناك.
لم يمضي كثير من الوقت لأنسى, كل تلك الرسائل والاستفسارات, من كنائس ومنظمات إنسانية وإعلامية ومكاتب الأمم المتحدة وحتى وزارات الخارجية, للكثير من الدول التي استنكرت دخول الثوار إلى صدد ووقبلها وبعدها (في المرتين) إلى معلولا, وغيرها من القرى والمناطق المسيحية, ولاتزال هذه المؤسسات والحكومات تركض وراء الأمر بتلك اللهجة والمنهج الذي أقل ما يوصف به أنه تميزي.
في مدينة حمص المحاصرة عشرات العائلات من المسيحيين, رجال دين ومدنين قرروا البقاء بين جيرانهم وفي بيوتهم, ولم يتخلوا عن أحيائهم, هاهي خمسمائة وثلاثين يوم تقريباً مضت على حرمانهم من الطعام والدواء, يأكلون أوراق الشجر ويقتاتون على ما تبقى لهم من موؤن وأمل, دون أن تهتم بهم وزارات الخارجية ذاتها, التي اتصلت من أجل مناطق أخرى دخلها الثوار بشكل طبيعي نتيجة إستراتيجية واضحة يسيرون عليها منذ فترة.
لقد قصفت الطائرات بيوتهم, وأكلت نار الصواريخ المنهمرة كنائسهم, وأصيب منهم من أصيب بشظايا قذائف الهاون, واستهدفتهم قناصات النظام مرات ومرات, بل وإن منهم من غادر الحياة من غير أن يستنكر العالم دمائه التي لا تختلف عن دماء أي كائن بشري أخر!.
ربما لن نناقش موقف النظام من هذه القضية, لأن الجميع بات يعلم اليوم أنه يستخدم الجميع, في لعبة سخيفة رسم خيوطها منذ اليوم الأول لإزكاء نار الفتنة الطائفية, وتقديم نفسه على أنه راعي للأقليات, وشاركه فيها أخوته في الوزر والدم في روسيا وإيران, لكن! يتساءل البعض, هل تعتبر تصرفات المنظمات الدولية والحكومات المتابعة للشأن السوري تصرفات تميزية!؟ أليست –هذه التصرفات- قائمة على أساس امتلاك أوراق ضغط اتجاه الثوار والنظام في سورية؟, وهل تتعدى تلك المشاعر -التي تترجم على أنها استنكار لبعض الأفعال- اكتساب المزيد من القوة والتدخل وتعزيز المصالح الخاصة بتلك الدول؟.
إذاً: على العالم اليوم- حكومات ومنظمات- أن يقيّم درجة الانكشاف الأخلاقي العالية, التي وصل إليها أمام الناس, وإنه لابد من تدراك للموقف عاجلاً, وفي هذه الأثناء سيبقى الثوار مركزين على هدفهم العام, في السير نحو إسقاط النظام وبناء مستقبل أساسه الحرية والعدالة.
حمص المحاصرة, 5-12, 2013