الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أكراد سوريا بجناحي أمريكا وروسيا

أكراد سوريا بجناحي أمريكا وروسيا

07.02.2016
د. محمد نور الدين



الشرق القطرية
السبت 6-2-2016
انعقد مؤتمر جنيف 3.. لم ينعقد. المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أعلن بعد اجتماعه الأول مع وفد المعارضة المعروف باسم هيئة الرياض، أن مؤتمر جنيف قد انطلق رسميا.
لكنه بعد اجتماعه مع وفد الحكومة السورية برئاسة بشار الجعفري أطلق دي ميستورا تصريحات متشائمة، فالوفد السوري قال إن المؤتمر لم يبدأ بل لا يزال في طور التحضير.
من اللافت فعلا أن الاستعداد لمؤتمر جنيف 3 شهد حركة ناشطة خلال الأسابيع الماضية وتحركت الدول الإقليمية والكبرى كلها، كانت الأجواء تشير إلى إمكانية أن يكون المؤتمر محطة فاصلة في الأزمة السورية وأن يكون ما بعده غير ما قبله.
إحدى أهم المشكلات في المؤتمر أن المعارضة ليست موحدة وليست كلها ممثلة، فهناك معارضة تؤيدها السعودية ومعارضة تدعمها موسكو ومعارضة غير ممثلة أبدا.
ربما تجد مشكلات المعارضتين الأوليين حلا لها، لكن تغييب معارضة مثل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي عن المؤتمر ليس بالتفصيل بل لعله سيكون عقدة الحل في حال تم الاقتراب من صيغة للحل.
ولا شك أن أكراد سوريا ممثلين بأشخاص ذوي انتماء كردي سواء بوفد الحكومة أو بوفد المعارضة الأول، لكن هؤلاء الأشخاص بالكاد يمثلون أنفسهم حيث إن التمثيل الكردي الأبرز والأقوى هو للاتحاد الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه صالح مسلم.
والحزب معروف بولائه لزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجالان، لكن هذا لا يعني أنهما حزب واحد بل هما حزبان منفصلان تنظيميا وإداريا وتتباين أولوياتهما، حزب العمال الكردستاني مسرح عمله تركيا فيما الثاني سوريا، أي يشبهان تنظيمات الأحزاب الشيوعية السابقة، تجمعهم إيديولوجيا واحدة لكن ظروف عمل كل منها يختلف تبعا للبلد الذي يتواجد فيه.
لذا فإن رغبة تركيا أن تسحب على حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الصفات نفسها التي تطلقها على حزب العمال الكردستاني ليس في محله، فالحزب السوري لم يرفع السلاح بوجه القوى الوطنية السورية بل بوجه تنظيمات إرهابية مثل داعش المصنفة لدى تركيا إرهابية.
غياب أكراد سوريا عن المؤتمر ليس أمرا هامشيا.
يلفت النظر أنه في الثلاثين من يناير زار مدينة عين العرب/ كوباني الكردية في شمال سوريا بريت ماغ غيرك المبعوث الخاص لباراك أوباما والمنسق لمكافحة داعش والتقى بمسؤولي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي هناك.
في الساعات نفسها كان مساعد وزير الخارجية الأمريكي طوني بلينكين يلتقي في جنيف برئيس الحزب الكردي صالح مسلم.
ليس من حاجة إلى عرّافين لمعرفة محتوى وأهداف المحادثات الأمريكية بالجملة مع المسؤولين الأكراد السوريين.
أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تركيا قبل أسبوعين كان التباين قائما بين أنقرة وواشنطن حول الموقف من حزب الاتحاد الديمقراطي. أنقرة أصرت على موقفها السابق بأنه منظمة إرهابية بينما بايدن لم ينظر هكذا. والدليل الأكبر على الموقف الأمريكي هو اجتماعهم مع ممثلي حزب الاتحاد الديمقراطي وإلا لكانت اجتماعاتهم هي مع عناصر إرهابية وهذا غير منطقي.
ما يبرز هنا أن جنيف 3 لن تكون له أي نتيجة قبل أن يشارك فيه ممثلون عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، هذا أمر محسوم، فهذا الحزب يمثل الغالبية العظمى من أكراد سوريا وهو يحارب التنظيمات الإرهابية كما أنه يسيطر على أكثر من 15 في المائة من أراضي سوريا. هذه العناوين الثلاثة مجتمعة، وبمفردها لا تشكل أي قيمة وحيثية، هي التي تفرض مشاركة الحزب في مؤتمر جنيف.
المشكلة في القوى المشاركة في جنيف أنها لا تريد أن تصدق أن العالم يتقاسمه طرفان هما أمريكا وروسيا، أمريكا ساعدت أكراد سوريا في كوباني وتل أبيض ورأس العين فيما روسيا لا تخفي دعمها الكامل لأكراد سوريا. وليس من طرف، لا أمريكا ولا روسيا، يريد خسارة الطرف الكردي الأفعل والأقوى وبالتالي تغييبه عن جنيف، خسارة روسيا أو أمريكا لأكراد سوريا هو خسارة إستراتيجية، لذا فإن استبعاده حتى الآن عن المؤتمر ليس سوى خطوة تكتيكية من جانب روسيا وأمريكا ليس إرضاء لتركيا بل استيعاب لها في انتظار لحظة المشاركة لقوة تنسجم مع منطق أن التاريخ لا يصنعه سوى الأقوياء.