الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ألغاز جنيف 2

ألغاز جنيف 2

28.10.2013
يحيى محمود



الراي الاردنية
الاحد 27/10/2013
كل من النظام والمعارضة في سوريا يطرح تصورات متناقضة تماما حول الهدف المرجو من عقد مؤتمر جنيف2، فيما تسيطر الحيرة والارتباك على الاطراف الدولية والاقليمية والعربية المنغمسة بالملف السوري، لتظل الكلمة الاولى والاخيرة للولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الروسي، بصفتهما العراب الحصري لأي مشروع حل سياسي للازمة السورية. ومع بدء العكسي للمؤتمر المتوقع عقده في العشر الاواخر من الشهر المقبل، يجدر ان تبقى الانظار متجهة الى واشنطن وموسكو وليس لغيرهما من العواصم ،التي تشهد حراكات مكثفة حول الازمة بهدف التمهيد للحل في الجزء المتبقي من العام الحالي والاشهر الاولى من العام المقبل.
ومن ياخذ بحرفية ما يطرحه النظام السوري بشان المؤتمر وضرورة ان يكون هدفه الرئيسي قطع امدادات السلاح عن المعارضة وتجفيف منابع الدعم الخارجي بكل اشكاله للمعارضة،سيصل سريعا الى الاستنتاج بان المؤتمر لن يحقق اي شيئ لو انعقد.والامر نفسه ينطبق على شرط المعارضة بان يكون انعقاد المؤتمر تحت عنوان اسقاط النظام بدون قيد او شرط. فليس من المتصور ان يذهب النظام الى مؤتمر يسقط فيه نفسه ، في حين تعجز المعارضة عن تحقيق هذا الهدف على ارض المعارك الدائرة الان ، والمتوقع لها ان تشتد خلال الاسابيع والايام السابقة على الموعد المفترض لانعقاد المؤتمر.
اما من يكرس الاهتمام لمواقف المصطفين مع كل من النظام والمعارضة في عواصم المنطقة والعالم سيجد ان هذه المواقف لم يكن لها طوال الفترة الماضية الثقل النوعي القادر على حسم المعركة لصالح اي من الطرفين،في حين كان للمواقف الاميركية والروسية اثرها المعروف على خلفية ازمة استخدام الكيماوي في غوطة دمشق وقبلها انعقاد مؤتمر جنيف1 ، ومن ثم الترتيب لانعقاد مؤتمر جنيف2 . وبالتدقيق في الجزء المعلن من الموقفين الروسي الاميركي يتضح ان مساحة الاتفاق بين الجانبين تفوق بكثير مساحة الاختلاف.وهو الامر الذي سيجعل من مسالة الاختلاف الكبيرة الظاهرة حاليا بين اطراف الازمة الاخرين حول شروط انعقاد المؤتمر عائقا غير ذي قيمة امام الانعقاد المنتظر.
ومن الواضح ان هناك توافقا روسيا اميركيا على ضرورة مشاركة مختلف المكونات السورية وفي مقدمتها النظام الحالي في ادارة المرحلة الانتقالية، واعطاء الاولوية خلال هذه المرحلة لمواجهة التنظيمات والعناصر المتطرفة ، مع وضع حد للتدخل الايراني المسلح المباشر في الازمة عبر الحرس الثوري وحزب الله والمليشيات العراقية. وبالتالي فان مسالة التضحية الروسية براس النظام السوري كجزء من صفقة الحل لن يكون في نهاية المطاف عائقا امام نجاحها.اما التشدد الروسي الحالي بشان رحيل الرئيس السوري فهو جزء لااكثر من ماراثون المساومات، الذي كانت صفقة تسليم السلاح الكيماوي السوري والطريقة التي تمت بها مثالا حيا له، حيث اكد الرئيس بشار الاسد بنفسه خلال مقابلته التلفزيونية الاخيرة مع فضائية الميادين ان سيناريو التسليم كان معدا مسبقا وان الطريقة التلفزيونية التي تم بها لاتمثل حقيقة الامر.وهو الامر المنتظر ان يتكرر في مرحلة ما مقبلة بشان تنازل الرئيس السوري عن سلطاته والرحيل، مقابل بقاء مؤسسات النظام في موقع المشاركة الرئيسية في ادارة الانتقال الى النظام السوري الجديد.