الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- أوكرانيا وسوريا صعوبات التقسيم وسهولها

ألمانيا- أوكرانيا وسوريا صعوبات التقسيم وسهولها

05.05.2014
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏04‏/05‏/14
يعتقد  البعض ان الازمة الاوكرانية ساهمت منذ بدايتها في تشرين ثان/نوفمبر عام 2013 الماضي بسحب انظار الغرب واهتمامه  عما يجري في سوريا . فقد لجأ قادة الاتحاد الاوروبي بعد تعرضهم لضربة موجعة وجهها اليهم رئيس اوكرانيا السابق فيكتور يانوكوفيتش برفضه رمي بلاده بأحضان الاوروبيين تحت غطاء الشراكة الاستراتيجية للاتحاد الاوروبي مع دول شرق وجنوب اوروبا الى حث الاوكرانيين بالثورة على يانوكوفيتش ادت الى إقصائه عن منصبه بعد ان قام وزراء خارجية المانيا وفرنسا وبولندا بوساطة لانهاء العنف والتوصل الى صيغة مرضية بين المعارضة الاوكرانية والرئيس يانوكوفيتش تقضي باجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة بمشاركة المعارضة ، الا أن المعارضة التي استشعرت بنفسها القوة قامت والغت الاتفاق وأقصت يانوكوفيتش عن منصبه الامر الذي أدى الى سلخ شبه جزيرة القرم عن اوكرانيا وظهور قوة العاطفة مع روسيا في المدن الشرق الاوكراني ودعم موسكو للانفصاليين الذين يطالبون بقيام دولة شرق اوكرانيا  او الانضمام الى روسيا .
تطورات ما يجري في اوكرانيا حاليا واستغلال روسيا  وايران صرف الغرب أنظاره عن سوريا  بتقديمهم المساعدات العسكرية والمالية لبشار اسد ونظامه واستغلال  نظام سوريا أزمة اوكرانيا باعلانه اجراء انتخابات رئاسية ببلادهم أوائل شهر حزيران /يونيو المقبل وترشيح اسد نفسه مرة اخرى للرئاسة ساهمت بازدياد القلق من اندلاع مناوشات عسكرية جديدة في اوروبا او اندلاع الحرب الباردة من جديد ، ففي آخر استطلاع قام به المعهد الاوروبي لتطورات السياسة الاوروبية  خلال الفترة ما بين 20 و 30 نيسان/ابريل المنصرم شمل حوالي 126  الف شخص بدول الاتحاد الاوروبي  أعلنت نسبة وصلت الى 72 بالمائة خشيتها من عودة الحرب الباردة بين الشرق والغرب بينما استبعدت نسبة وصلت الى 22 بالمائة نشوب الحرب المذكورة بينما رأت نسبة وصلت الى 45 بالمائة بأن الازمة الاوكرانية هدفها الرئيسي عدم الاهتمام بما يجري في سوريا واعطاء بشار اسد نصيبا أكثر من الوقت لتحقيق انتصارات ضد الشعب السوري بينما أكدت نسبة وصلت الى 22 بالمائة بأن الرئيس الروسي  فلاديمير بوتني يريد فرض سيطرة روسيا على العالم من جديد واتهمت نسبة وصلت الى 30 بالمائة الغرب وقوفه وراء ما يجري باوكرانيا وسوريا .
وحول تقسيم اوكرانيا وسوريا  فقد رأت نسبة وصلت الى  75 بالمائة ضرورة تقسيم اوكرانيا بشرط ان يكون فيها نظام فيدرالي وأعربت نسبة وصلت الى 20 بالمائة تأييدها لوحدة الاراضي الاوكرانية . وحول سوريا فقد رأت نسبة وصلت الى 61 بالمائة ضرورة الحيلولة دون تقسيم سوريا اذ ان  خطر التقسيم واستمرار أزمة مأساة الشعب السوري سيصل لا محالة الى اوروبا لتقاعسها عن اتخاذ سياسة حسم وعزم لانهاء مأساة الشعب السوري بينما أشارت نسبة وصلت الى 27 بالمائة ان تقسيم تلك الدولة الى دويلات سيؤدي الى حرب شعواء يشمل منطقة الشرق الاوسط برمتها وأكدت نسبة وصلت الى 7 بالمائة جهلها عن موقع سوريا .
وحول رايه عن نتائج هذا الاستطلاع فقد اكد  رئيس هيئة منظري الحزب الديموقراطي الاشتراكي ايرهارد ايبلر / 87 عاما / الذي شغل حقيبة التنمية ومستشار شئون السياسة الاوروبية والدولية للمستشار الالماني السابق فيللي براندت والذي يعتبر خبيرا مرموقا بالسياسة الدولية وخاصة لمنطقة الشرق الاوسط  ان تقسيم اوكرانيا سهل للغاية فالاوكرانيين لا تجمعهم ثقافة واحدة جراء تاثير الثقافة واللغة الروسية على اهالي الشرق الاوكراني وتأثيرها ايضا على ثقافة الغرب الاوكراني فاعضاء البرلمان الاوكراني كانوا دائما مختلفين  وانهاء الازمة الاوكرانية والحيلولة دون احتكاك عسكري بين روسيا والغرب قبول اوروبا تقسيم اوكرانيا مؤكدا دعمه قيام اتحاد كونفدرالي بين الشرق والغرب الاوكراني لأنه سيضمن وحدة اراضي اوكرانيا  .  وتقسيم سوريا في غاية الصعوبة فالشعب السوري يملك ثقافة وعادات واحدة بالرغم من وجود تباين بالمعتقدات الدينية  فيه اي وجود الفرق الباطنية به اضافة الى النصرانية فنصارى سوريا كانوا اول من وقف وعارض ودعم مسلمو اهل السنة والجماعة ضد نية فرنسا  بتقسيم تلك الدولة بخلاف نصارى لبنان الذين كانوا يتطلعون الى دويلة لهم بتلك الدولة موضحا ان تقسيم سوريا سيؤدي الى وقوع حرب لن تكون داخلية بل ستشمل منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي برمته واوروبا جارة طبيعية لتلك المنطقة فالحرب العالمية الاولى والثانية التي وقعت بين الاوروبيين وصلت رحاها الى الشرق الاوسط .
وتؤكد وثاق تاريخ لبنان الحديث حول  حقيقة الاطماع بتقسيمه وتقسيم سوريا ، فنجد  بقسم المحفوظات السياسية التاريخية / الارشيف / في الخارجية الالمانية  وثائق من السفارة الالمانية بدمشق وبيروت زمن الدولة العثمانية تثبت تطلعات الدروز بشكل عام ونصارى لبنان بشكل خاص قيام دويلات لهم من خلال رسائل ارسلها الدروز الى الملك فيكتوريا من اجل مساعدتهم بدويلة لهم في سوريا الطبيعية ونصارى لبنان الى الملك الفرنسي نابليون الثالث لمساعدتهم بقيام دويلة لهم بلبنان .