الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- التطرف وليد الظلم والديكتاتورية

ألمانيا- التطرف وليد الظلم والديكتاتورية

11.02.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين 10‏/02‏/2015

أثار خبراء السياسة الدولية وشئون حقوق الانسان بندوة على هامش مؤتمر ميونيخ للامن والسلام الدوليين الذي عقد يومي الجمعة والاحد  6 و 8 شباط/ فبراير موضوع  أسباب نشأة التطرف فجميع السياسيين الذين القوا كلمات بالمؤتمر وشاركوا بالندوات التي فيها حول الشرق الاوسط واوكرانيا وارسالهم رسائل غزلية الى دول يعيشون بخلافات معها لم يتطرقوا الى اسباب التطرف . فالحاكم المتفرد باصدار قرارات ووضع قوانين في بلاده دون العودة الى راي الشعب وراي المحيطين به من مستشاريه وموظفيه ويمارس سياسة حرب إبادية ضد شعبه والمعروف باللاتينية  / الديكتاتور /  وبالعربية / الطاغوت / يقف وراء ظهور التطرف .
وقد أوضح الاسلام الفرق بين الحاكم العادل والحاكم المستبد فقد روى الامام مسلم في صحيحه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ . كما روى الامام مسلم ومعه النسائي في حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  إنَّ المُقْسِطِينَ عند الله على مَنَابِرَ من نُورٍ عن يَمينِ الرَّحْمنِ - وكلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهمْ وَمَا وَلُوا.
ففي الدول التي تنتهج حكوماتها  العدل وتستمع الى الآراء وتسارع على قضاء حوائج شعبها وتسعى باصلاحات اجتماعية وعلمية والمساواة لا يكاد يوجد فيها تطرفا ونزاعات سياسية وغير ذلك ، أما في الدول التي تنتهج حكما مستبدا لا تصغي تلك الحكومات الى آراء شعبها وتستبيح كرامتهم فهي مملوءة تطرفا اكثر من تطرف شعوبها , وقديما قال الإفوه الاودي :
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة اذا جهالهم سادوا
فالحاكم المستبد جاهل ولو كان يحمل شهادة علمية بارزة والحاكم العادل عالم  ولو كان أميا لا يقرأ ولا يكتب على حد رأي صاحب المقدمة ابن خلدون  وعلى حسب تعبير استاذ علوم القضاء الدولي في جامعة مدينة هامبورج نورمان بيتش .
ويعتقد استاذ مادة حقوق الانسان والشعوب بجامعة مدينة نونبيرج احد مؤسسي المحكمة الدولية لحقوق الانسان ومحكمة العدل الاوروبية هاينر بيليفلدت بندوة على هامش المؤتمر المذكور ان بروز ظاهرة التطرف والغلو في الدين بمنطقة الشرق الاوسط يعود الى عدم اكتراث المجتمع الدولي بآلام الشعب السوري وخيبة أمل العراقيين من الولايات المتحدة الامريكية التي تحمل راية الحرية وتدعو حكومات دول مستبدة بانهاء سياسة القوة ضد شعبها والسعي لارساء الديموقراطية والحريات العامة فواشنطن احتلت العراق وغادرته وهو منقسم على نفسه جراء استضعاف واشنطن طائفة على طائفة بتعاون وثيق مع ايران والاتفاق الذي تم أواخر عام 2013 بين ايران والدول المعنية بأزمة ملف طهران النووي بوقف طهران تخصيبها اليورانيوم مقابل تخفيف بعض الشيء للعقوبات الاقتصادية ضد ايران كان ايضا من ضمنها عدم تدخل الولايات المتحدة الامريكية عسكريا في سوريا وبالتالي السعي لدمج بشار اسد بالمجتمع الدولي من جديد ودعم طهران ببسط سيطرتها السياسية والدينية في العراق بشكل اكثر من ذي قبل ، فالديكتاتورية التي تحكم سوريا والعراق وغيرها وبالتالي عدم  الاهتمام بماساة الشعب السوري والعراق وراء ظهور التطرف الناجم عن استياء وخيبة أمل شعوب منطقة الشرق الاوسط من المجتمع الدولي الذي لم يكترث لماساتهم.
ويرى استاذ دراسات السياسة الاوروبية في جامعة لودفيغ مكسيمليان بميونيخ اولريخ جيركيه بالانفصاليين الذين يسعون لاقامة دويلة لهم بالشرق الاوكراني جاء نتيجة العنصرية التي مارستها حكومة اوكرانيا الحالية ضد اهالي تلك المناطق واوروبا ومعها الولايات المتحدة الامريكية التي تريد اوكرانيا المركزية بدون التطرق الى الاسباب التي جعلت اهالي شرق اوكرانيا يؤيدون الانفصاليين ويطالبون بالانضمام الى روسيا سينجم عنه التطرف فاذا ما انتهت الازمة الاوكرانية سلميا فان التطرف القومي بتلك المناطق سيزداد بشكل  مخيف فالحروب التي وقعت في اوروبا مثل الحروب الدينية والحربين العالميتين الاولى والثانية اسبابها الرئيسية انتهاج حكوماتها سياسة البطش وحبها للقوة والزعامة مشيرا الى ان اكثر شعوب العالم التي تحارب حكوماتها وتسعى الى حريتها وبالتالي انتهاجها سياسة التطرف تعتبر الديكتاتورية وراءها ، فعندما يشعر الانسان بالظلم  اضافة الى الكبت لا بد ان بنفجر ويزداد تطرفا في فكره على حسب قولهما .
وقد قال أحدهم :
لا تظلمن  اذا ما  كنت مقتدرا فالظلم ترجع عقباه  الى الندم تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
وهذا الشعر منسوب الى الخليفة الراشد سيدنا علي بن أبي طالب  رضي الله عنه .