الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- الحرب الدينية الجديدة

ألمانيا- الحرب الدينية الجديدة

24.05.2014
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏21‏/05‏/14
يحظى نصارى مصر وبلاد الشام ومعهم نصارى الكاثوليك في اوروبا الشرقية وروسيا بتأييد وعاطفة جياشة من سياسيين ومنظمات دينية مختلفة المشارب في المانيا وبعض الدول الاوروبية . فبالرغم من الدستور الالماني الجديد / ما بعد الحرب العالمية الثانية / يقر النظام العَلَماني الذي يقول / اعطِ لقيصر ما يريد قيصرا وما لله لله / الا ان ذلك لا يعني بأن الحكومات الالمانية التي تعاقبت على حكم المانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية لا تهتم بقضايا النصارى في العالم . فقد ايدت المانيا كرواتيا وسلوفينيا بحرب الاستقلال عن صربيا الارتودكسية وتغاضت وأوروبا الغربية عن مجرمي حرب الكروات اذ لم يطالب الاتحاد الاوروبي كرواتيا بملاحقة مجرمي الحرب فيها الذين اقترفوا جرائم انسانية ضد مسلمي البوسنة والصرب ايضا . وما ان وقعت حادثة كنيسة القديسين بالاسكندرية ليلة عيد رأس سنة عام 2011 الا واستقبل رئيس البرلمان الالماني نوربرت لاميرت بعيد ايام قليلة من حادث التفجير رئيس اقباط المصريين / الانبا/ داميان ومعه رجال دين نصارى من سوريا  اذ أكدوا انهم مستهدفون من قبل مسلمين متطرفين كما ان المسلمين في سوريا يضطهدون النصارى .
ومن خلال زيارة قام بها رئيس كنيسة البروتستانت الوطنية ببيروت حبيب بدر الى برلين ومشاركته مساء يوم أمس الثلاثاء 20 أيار/مايو بندوة في أكاديمية البروتسانت بالعاصمة برلين  رأى ان نصارى سوريا يعيشون بين جبهات القتال في سوريا فبالرغم من التسامح والتعايش الديني المسالم للنصارى مع المسلمين في ذلك البلد وعدم تعرض الراهابات اللواتي احتجزن بمدينة معلولا لأي أذى الا ان النصارى يرون برئيس نظام سوريا بشار اسد حاميا لهم فعلى مدى اربعون عاما من حكم عائلة اسد لسوريا كانت العلاقات مع النصارى جيدة للغاية ومنذ بدء انتفاضة السوري عام 2011 طلبا للحرية بدأت المضايقات ضد النصارى لانهم التزموا الصمت ولم يشاركوا بشكل فعال الشعب السوري بانتفاضته كما أن السبب لعدم المشاركة خيبة امل  النصارى  من المعارضة السورية لان أقطابها لم يردعوا المتعصبين باستهداف المسيحيين في سوريا مشيرا ضرورة وضع الغرب سياسة لحماية النصارى من البطش ما بعد رحيل اسد ونظامه عن دمشق .
ويعتقد رئيس مجمع الاساقفة البروتستانت السابق بالمانيا فولفجانغ هوبر ان النصارى في سوريا مسئولون ايضا عن ارساء الحريات العامة في بلادهم وعدم مشاركتهم بانتفاضة الشعب السوري بشكل قوي ضربة موجعة للمسلمين في سوريا المعروف عنهم تسامحهم الديني وعيشهم مع النصارى بسلام على مدى قرون طويلة وان مسلمي سوريا كانوا قدوة لغيرهم من شعوب مسلمة بانتخاب رنصراني رئيسا لوزراء بلادهم  / ويقصد بذلك فارس الخوري /  الذي لا يزال يعتبر بالنسبة لكثير من ابناء الشرق الاوسط قدوة للكفاح من اجل نيل الحرية ، حاثا رئيس كنيسة البروتستانت  الوطنية بدر تشجيع النصارى في سوريا الوقوف الى جانب المسلمين في حربهم ضد اسد الذي كان وراء إشعال حرب طائفية دينية في بلاده وبالتالي دعمهم للمعارضة السورية بشكل لائق .
وبؤكد عالم اللاهوت وخبير الاسلام والقسيس هانس كلونغ المعروف بانتقاداته الكنيسة الكاثوليكية ان ما يجري حاليا في اوكرانيا وسوريا من عنف له دوافع دينية فالغرب الذي كان وراء القلاقل في اوكرانيا يقوم بدعم اهالي غرب تلك الدولة لان اكثرهم كاثوليك بينما يقوم الكرملين بدعم اهالي شرق وجنوب تلك الدولة لأكثرية الارتودكس فيها على غرار ما جرى في البلقان وتقاعس الغرب عن نصرة الشعب السوري اعتقادا منهم خطرا يحدق بنصارى تلك الدولة اذا ما انتهى نظام أسد مؤكدا ان الاسلام يضمن الحريات الدينية ولم يتعرض نصارى الشرق الاوسط وغيرهم من بلاد العالم منذ الفتوحات الاسلامية  لخطر الابادة مثل ما تعرض المسلمون له بالبلاد التي وقعت تحت الاحتلال الاوروبي مشيرا ان الحرب العالمية الاولى كانت ايضا بمثابة استمرار للحروب الدينية التي وقعت باوروبا وبالحروب الصليبية وعلى المجتمع الدولي تغيير سياسته وأفكاره تجاه الاسلام والمسلمين على حد أقوالهم .
والجدير بالذكر ان ادعاءات النصارى في سوريا ومصر بانهم مستهدفون كانت وراء طلب  زعماء بالحزب المسيحي الديموقراطي الحكومة الالمانية ايواء نصارى سوريا فقط الى المانيا كما كانت الجمعية الالمانية الدولية لحقوق الانسان ، وهي منظمة كنسية ، وراء حملة قاسية ضد جماعة الاخوان المسلمين في مصر في مقدمتهم الرئيس المصري محمد  مرسي الذي أطاح الجيش المصري به ، فقد كانت هذه الجمعية تنشر يوميا معاناة نصارى مصر من مسلمي ذلك البلد وتنفست الصعداء عندما أطاح الجيش بمرسي .