الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- الحلم بحياة بعد أسد في سوريا

ألمانيا- الحلم بحياة بعد أسد في سوريا

17.09.2013
هيثم عياش


برلين /‏15‏/09‏/13
الزائر لسوريا في هذه الايام وخاصة الى تلك المدن التي  حوصرت من قبل مرتزقة رئيس نظام سوريا بشار اسد  وشهدت دمارا واسعا جراء القصف الوحشي  لها مثل حمص وحلب وادلب وغيرها وتهجير اكثر سكان مدن اخرى الى لبنان والاردن وتركيا والعراق وداخل سوريا اذ تعتقد منظمة الامم المتحدة ان عدد اللاجئين السوريين داخل بلادهم يربو على الخمسة ملايين شخصا عدا عن اللاجئين الى الدول المذكورة اذ من المعتقد أن عددهم تجاوز الميلوني شخص يعتقد ان اعادة بناء ما هدمته آلية أسد العسكرية  في غاية الصعوبة . كما ويعتقد الكثير ممن يتحلون بالتشاؤم ان سوريا ستقع بدوامة العنف وستصبح مثل الصومال دولة منهارة  عندما ينتصر الشعب السوري على طاغيته وهذا ما نلمسه من أحاديثنا ولقاءاتنا مع بعض السياسيين الاوروبيين اضافة الى سوريين وعرب آخرين . هذا التشاؤم بعيد كل البعد عن الكفاح السياسي  وأدب الثورات وانتفاضات الشعوب . فما من شعب انتفض كليا ضد نظامه او ضد دولة احتلت بلاده الا كان النصر له بالرغم من سقوط  آلاف مؤلفة من شعوب الدول المنتفضة فالجزائر ضحت بأكثر من مليون شهيد من اجل استقلالها وبقي الجزائريون اكثر من سبعة اعوام اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954 وانتهت عام 1962 / بركوع فرنسا تحت أقدام الجزائريين وانسحبت من تلك الدولة صاغرة ولم يفتت ما مارسته فرنسا من عنف والترغيب والترهيب من قناة الجزائريين وبنى الجزائريون بلدهم من جديد والذي يزور الجزائر حاليا يخيل اليه من ان تلك الدولة لم تصب بسوء قط ، وكذلك الحال بثورات امريكا اللاتينية والآسيوية. والتشاؤم يؤدي الى هزيمة النفس وهي الاسس الاولية للانهزام في ساحات المعارك والوغى .
ويؤكد مؤسس منظمة أطباء بلا حدود
   رئيس منظمة / كاب أنامور / للاغاثة وهي منظمة مستقلة روبرت نويديك الذي قام قبل أشهر بتأسيس منظمة خاصة لإغاثة الشعب السوري طبيا وغذائيا في الداخل السوري وبمخيمات اللاجئين من خلال مساهمته بتأسيس مسشتفيات ميدانية ومدارس ميدانية أيضا  ويسافر خلسة الى سوريا بين الحين والآخر بمساعدة الجيش السوري الحر ومنظمات اسلامية اخرى في كتابه الذي نزل الى دور الكتب قبل يوم أمس الجمعة 13 أيلول/سبتمبر ويحمل عنوان / الحياة بعد أسد – مذكرات سورية / وناقشه هذا اليوم الاحد 15 الشهر الجاري بندوة دعا اليها معهد العلاقات الدولية بالعاصمة برليبن  التابع لجامعة أوروبا بمدينة فرانكفورت أودر / شرق /  ، ان لسوريا مستقبل زاهر بعد رحيل  بشار اسد فبعض المدن التي تكاد ان تكون خاوية على عروشها سيعاد بناءها وتزدهر من جديد مشيرا الى ان المباحثات التي جرت في جنيف مؤخرا بين وزيري الخارجية الامريكي والروسي جون كيري وسيرجي لافروف حول مستقبل تلك الدولة والحيلولة دون وقوع حرب تأديبية تقودها امريكا ضد ذلك النظام انما هي عبارة عن تخدير / تنويم / المريض وبتالي خيبة أمل للكثير من الشعب السوري الذي يتطلع بشغف الى حرب ضد بشار اسد ونظامه للاسراع بانتهاء ماساة سوريا وشعبها والاتفاق الذي تم بين الوزيرين المذكورين  هو من اجل اعطاء فرصا اكثر لاسد ونظامه بالمضي بالقتل الا ان الحرب ضد ذلك النظام ستقع لا محالة وهي مسالة وقت.
ويصف نويديك الحالة النفسية لدى السوريين بالداخل وبالمخيمات السورية مشيرا انه بالرغم من اجواء الاحباط التي يعاني اللاجئون منها وغيرهم ممن يقاتلون نظام اسد الا انهم يتحلون بالشجاعة كما ان الامل بالنصر وعودة اللاجئين الى ديارهم من جديد يسود اكثر من التشاؤم منوها بالجهود التي يبذلها اولئك الذين يديرون المدن المحررة من النظام السوري فترى بائع الخضروات البسيط يقود  فرقة عسكرية تابعة للجيش الحر او مستقل عنها تنظم ادارة البلد والناس بينما يقوم الذي كان يعمل إماما بمسجد ما ينهي  نزاعات الناس بالحسنى نافيا وجود شواذ من الجماعات المتعصبة التي تريد تحكيم الشريعة الاسلامية بقطع ايدي وأرجل سارقين ، فسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يقم أي حد على احد أثناء عام الرمادة وان الجماعات المتعصبة التي يتهمها الغرب وغيرهم من الذين يشيعون الافتراءات ضدهم  بأنهم يقتلون على الشبهة كذب وافتراء ومما يلحظه المرؤ خلو المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون من الجيش الحر والجماعات الاسلامية الاخرى من اولئك الذين يتطلعون الى قيام دولة عَلَمانية في سوريا ويشنرون الاشاعات ضد الاسلاميين كما ان القليل منهم من يزور الاراضي المحررة على غرار ما الزيارات المتكررة التي يقوم بها اصحاب الفكر الاسلامي الذين كانوا يعانون من نظام اسد / الاب والابن / المصائب وخاصة اولئك الذين صدر بحقهم عقوبة الاعدام لكل من ينتسب الى جماعة الاخوان المسلمين ذلك القرار الذي اصدره حافظ اسد قبل عشرين عاما ولا يزال ساري المفعول مشيرا انه لمس اثناء زياراته المتكررة الى المناطق المحررة عدم وجود تلك المساعدات الانسانية التي يعلنها الغرب ارسالها الى سوريا بينما تجد المساعدات السعودية والقطرية والتركية بادية للعيان .
ولسان حال نويديط عن وصفه صبر الشعب السوري وأمله بالانتصار مثل ما قاله احمد شوقي رحمه الله عن الشجاعة :
ومِـن الرجالِ إِذا انبريتَ لهدمهم   هـرمٌ غـليظُ مـناكِبِ الـصُّفّاحِ
فـإِذا قـذفتَ الـحق فـي أَجلاده  تـرك الصراعَ مُضعْضَعَ الألواح
 
ويرى نويديك ان انتهاء ماساة الشعب السوري بيد السوريين والمسلمين فقط والغرب ليس له مصلحة بانتهاء ماساة ذلك الشعب خشية على حدوث تغييرات سياسية بمنطقة الشرق الاوسط  الا  أن الغرب يجب عليه ان يساعد السوريين وشعوب منطقة الشرق الاوسط بإنهاء نظام أسد اذا ما أراد العيش بسلام واستقرار الشرق الاوسط سلميا وسياسيا .
كان من المقرر أن ينزل كتاب نويديك الجديد الى دور الكتب يوم 22 آب/اوجسطس المنصرم الا أن رئاسة الشرطة الالمانية  طلبت عدم انزاله في ذلك التاريخ لاسباب أمنية فنويدك الذي يبلغ من العمر 74 عاما تتهمه منظمات صهيونية بانه معاد لما يُطلق عليه بـ /السامية / فقد كان على متن سفن الحرية التي انطلقت من تركيا الى قطاع غزمة كمحاولة لفك الحصار عن أهلها في أيار/مايو من عام 2010 ووضع كتابا عن معاناة الغزاويين وغيرهم من الفلسطينيين تحت عنوان / أنا لن ابقى صامتا / دعا فيه الى مساعدة الفلسطينيين .
وقد قص علينا القرآن الكريم  ذلك الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فقال متعجبا أنَّى يحيي الله هذه القرية فأماته الله ثم بعثه ففتح عينيه ورآها عامرة أهلة بالسكان ، ولن تمر الا  أشهرا قليلة بعد رحيل اسد وسيرى العالم عودة الحياة الى تلك الدولة . وتلك الايام نداولها بين الناس وذلك ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه وحتى يُعلم الصادق من الكاذب .