الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- الشرق الأوسط مسرح لحرب باردة جديدة

ألمانيا- الشرق الأوسط مسرح لحرب باردة جديدة

03.04.2014
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏02‏/04‏/14
أثار ضم روسيا شبه جزيرة القرم الى الحظيرة الروسية وانقسام شعب اوكرانيا على نفسه من المؤيد لروسيا والمؤيد للغرب زوبعة من المخاوف لمناوشات قد تقع بين روسيا والغرب . فالعقوبات الاقتصادية التي انتهجها الغرب ضد روسيا وحذفها من محور الدول الصناعية الثمانية التي اصبح محورها سبع دول واعلان حلف شمال الاطلسي / الناتو / من خلال اجتماع وزراء خارجية الحلف يوم أمس الثلاثاء 1 نيسان/ ابريل ببروكسل وقف تعاونهم مع الروس أعادت الحرب الباردة التي وضعت اوزارها قبل خمس وعشرون عاما من جديد .
الا أن خبراء شئون السياسة الدولية رأوا من خلال اجتماعهم هذا اليوم الاربعاء 2 نيسان/ابريل  ان الحرب الباردة لم تضع اوزارها بشكل كامل فالخلاف بين الشرق والغرب لم ينتهي اذ ان الغرب لم يأخذ بعين الاعتبار استياء موسكو من سياسة الغرب جذب دول بشرق اوروبا اليه وتحريضهم على الروس فرئيسا روسيا السابقين ميشائيل جورباتشوف صاحب الانفتاح على الغرب واحد الموقعين على توحيد الالمانيتين وبوريس يلتسين الذي لم يكن يعي ما يفعل كانا وراء انهيار الاتحاد السوفيتي السابق جراء استهزاء الغرب بهما ومناوشة عسكرية بين الغرب وروسيا غير محتملة الا ان منطقة الشرق الاوسط وراء احتمال وقوع مناوشات عسكرية اذ انها مسرح هام للحرب الباردة
وأوضح مدير قسم العلوم السياسية في المركز الالماني للعلوم جيرهارد شيفر  ان الشرق الاوسط اصبحت مركزا للصراع السياسي والنفوذ على القوة بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا وخاصة تلاعب القوى العظمى بأزمة سوريا فالحرب بتلك الدولة وامكانية احلال السلام بها وانهاء نظام بشار اسد اصبحت العوبة بيد واشنطن وموسكو اللتين اتفقتا ايضا على ضرورة بقاء بشار اسد بمنصبه والزيارة التي قام بها الرئيس الامريكي باراك اوباما الى الرياض جاءت متزامنة مع استياء العاصمة السعودية من البيت الابيض لتلاعبه بأعصاب الشعب السوري وبالسعودية وبعض دول منطقة الخليج التي كانت تأمل تنفيذ اوباماتهديده لنظام دمشق لقتله الشعب السوري بالاسلحة الكيمياوية وان اوباما عاد الى واشنطن كخفي حنين لفشله اقناع القيادة السعودية الموافقة على بقاء اسد بمنصبه مضيفا ان روسيا استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية تأسيس علاقات قوية مع السعودية ومصر والكيان الصهيوني بشكل اكثر من ذي قبل مقابل برودة للعلاقات طرأت بين تلك الدول والولايات المتحدة الامريكية فوزير الدفاع المصري عبد العزيز السيسي الذي انقلب على رئيسه محمد مرسي  واستقال من منصبه مؤخرا  زار موسكو للحصول على دعمها من اجل ترشيح نفسه بانتخابات الرئاسة المصرية علما ان الادارة الامريكية في مقدمتها وزارة الدفاع / البنتاجون / كانت وراء تشجيع السيسي بالانقلاب على مرسي .
انه صراع سياسي وعلى النفوذ بين القوتين العظميين  بمنطقة الشرق الاوسط التي لم تعرف الاستقرار منذ انهيار دولة الخلافة العثمانية الاسلامية وصراع على خيرات تلك المنطقة الغنية بالموارد الحيوية فروسيا تبحث عن أسواق جديدة لها لتسويق منتوجاتها في الشرق الاوسط وغيره من المناطق كما تريد واشنطن تحكيم قبضتها على منابع النفط بتلك المنطقة والشعب السوري كبش الفداء وضحية لمؤامرة امريكية روسية على تلك المنطقة فلولا ضغوط واشنطن وموسكو على  ما يُطلق عليه بالمجلس  الوطني السوري لتوسيع  المعارضة ووضعها تحت ما يُطلق عليه بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة وتشكيلهم حكومة مؤقتة لتم انتصار الشعب السوري على نظامه والحرب بتلك الدولة ربما تستغرق سنوات أخرى اذا ما استمرت واشنطن وموسكو بنزاعهما على تلك الدولة تحت إطار الحرب الباردة على حسب رأي يوهانا كيصر / قيصر  /  من معهد بحوث الحرب والسلام بجامعة مدينة بيلفيلد .
تقارب واشنطن مع طهران على حساب السعودية ودول اخرى بمنطقة الخليج العربي لم يكن ليتم لولا دور موسكو بوساطة سرية وعلنية فالاتفاق على  وقف طهران تخصيبها اليورانيوم لمدة ستة أشهر مقابل تخفيض العقوبات الاقتصادية عليها كان سببه الرئيسي فتور العلاقات بين الرياض وواشنطن لمواقفها السلبية  تجاه الشعب السوري ، صحيح ان واشنطن تعتقد نفسها القوة العظمى بالعالم الا انه منذ استلام اوباما مفاتيح البيت الابيض لم تعد بتلك الدولة التي تخشاها بعض حكومات العالم واللعبة الامريكية الروسية بمنطقة الشرق الاوسط انما هي دعم حقيقي لايران لتحقيق سياستها التي تكمن بنفوذ واسع لها بمنطقة الخليج العربي فمحور الشيعة الذي تريده طهران امتداده من بلادها حتى حدود  الكيان الصهيوني انما  هو من اجل سيطرتها على منطقة الخليج فاذا ما نجحت السياسة الايرانية بالمنطقة فهذا يعني إضعاف محور مجلس التعاون الخليجي الذي اصبح هشا جراء تبعثر سياسة تلك الدول ما بين المؤيد والمعارض للنفوذ الايراني والامريكي والروسي ايضا بمنطقتهم ومنطقة الشرق الاوسط برمته على حسب راي فريدريش برايت كوبف / الراس العريض / من المعهد الالماني للصراعات الدولية الذي يتخذ من مدينة ميونيخ مقرا له .