الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- تركيا وروسيا وأوروبا – تركيا لن تركع

ألمانيا- تركيا وروسيا وأوروبا – تركيا لن تركع

10.08.2016
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين 09‏/08‏/2016
تتطلع أنظار السياسة في اوروبا والشرق الاوسط هذا اليوم  الثلاثاء 9 آب /اوجسطس الى سانت بيترسبورج الروسية لمراقبة اللقاء المقرر أن يتم بين الرئيسين التركي والروسي رجب الطيب ارودغان وفلاديمير بوتين , هذا اللقاء لذي يعتبر الاول من نوعه منذ وصول العلاقات التركية الروسية الى حافة الحرب جراء اسقاط لمقاتلات التركية مقاتلة حربية روسيا انتهكت اجواء تركيا في وقت سابق من شهر تشرين ثان / نوفمبر 2015 الماضي .
وتأتي زيارة اردوغان الى  روسيا في ظل تطورات خطيرة ألمَّت بتركيا من محاولة انقلاب عسكري عاشته تلك الدولة ليلة الخامس عشرة من تموز / يوليو 2016 وانتقادات واتهامات وأراجيف تعاني تركيا منها من قِبل الاوروبيين وسوء علاقات لانقرة مع بعض الدول مثل مصر وشريك تركيا الاستراتيجي الولايات المتحدة الامريكية الي تؤكد تقارير المخابرات الاوروبية ضلوعها بخطة الانقلاب الفاشل اضافة الى الكيان الصهيوني بالرغم من مصالحة تمت مؤخرا بين انقرة وتل أبيب الذي أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو انه لو نجح الانقلاب العسكري في تركيا فان عيناه لن تدمعا قطرة واحدة على اردوغان .
ويرى زعيم الخضر / من اصل تركي / جين اوزدمير الذي يعادي اردوغان وحزب العدالة والتنمية التركي والذي ساهم بتشجيع اعضاء البرلمان الالماني اتهام دولة الخلافة الاسلامية العثمانية بتهجير الارمن ومحاولة ابادتهم اثناء الحرب العالمية الاولى / 1915 – 1918 / ان زيارة اردوغان التي من المقرر أن تتم الى سانت بيترسبورج دليل قوي على أن اردوغان بدأ يركع أمام العالم وسياسة العنجهية وعرض العضلات امام اوروبا وروسيا والصهاينة لم تنفع انقرة حاثا الاوروبيين الضغط على الحكومة التركية وخاصة اردوغان لتغيير سياسته التي اساءت الى العلاقات التركية الاوروبية .
الا أن خبراء السياسة الدولية يرون بآراء اوزدمير الانفة الذكر آراء صبيانية لا تستند الى وقائع السياسة الدولية . صحيح ان اردوغان يعاني من عزلة دولية الا ان نظيره الروسي فلاديمير بوتين يعاني من عزلة دولية اكثر من عزلة تركيا ، فاوروبا بحاجة ماسة الى تركيا لأسباب كثيرة منها أزمة اللاجئين وأهمية تركيا باستقرار اوروبا . أما روسيا فقد اثبتت تطورات السياسة الاوروبية عدم حاجة اوروبا لموسكو التي تنتهج سياسة حرب مع اوروبا وحلف شمال  الاطلسي / الناتو / وتهدد دول بحر البلطيق الثلاثة ا/ ليتوانيا ليتلاند استونيا / لتي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي اضافة الى بولندا وازدحام سفنها العسكرية ببحر البلطيق وغير ذلك ، هذه السياسة يأخذها / الناتو / بعدم المبالاة اذ قام بتكثيف عدد عناصره العسكرية بدول البلطيق وقام بإعادة نشر صواريخه الدفاعية بشرق اوروبا ويحاول ضم اوكرانيا وجورجيا الى الحلف بالرغم من تهديدات روسيا التي يصفها الكثير من الخبراء العسكريين والسياسيين بعرض عضلات وفقاعات هوائية لا أكثر .
تركيا لن تركع وليست قابلة للركوع فقد اثبت الشعب التركي بنزوله الى الشوارع استجابة لرئيسهم اردوغان لمواجهة عساكر الانقلاب خبرتهم بمكر الاوروبيين والولايات المتحدة الامريكية والانقلاب لو كتب عليه النجاح فان ما حققته تركيا خلال السنوات العشرين الماضية ولا سيما في ظل حكومة العدالة والتنمية من قوة اقتصادية وسياسية  سيتلاشى بين عشية وضحاها واللقاء المرتقب بين اردوغان وبوتين بمثابة عدو عدوي صاحبي فبوتين عدو لاوروبا واوروبا تحاول  معاداة  تركيا ولا بد من وضع حد للغطرسة  الاوروبية .
ولن يسقر عن الاجتماع المرتقب مصالحة حقيقية بين تركيا وروسيا فالعداء بين البلدين ممتد الى القرون الوسطى ، فموسكو اخذت على عاتقها بعيد فتح القسطنطينية 1453 وراثة الروم الشرقيين البيزنطينية / نحماية المسيحية في اوروبا  فروسيا كانت على مدى الخمسة قرون الماضية بحرب مع الدولة العثمانية ، ولن يسفر عن الاجتماع تغيير بوتين سياسته الداعمة لبشار اسد كما لن يسفر الاجتماع عن انهاء التحالف الروسي الايراني ، بل اجتماع يسفر عنه  انهاء الدعايات المناوئة لتركيا في روسيا .