الرئيسة \  تقارير  \  ألمانيا- ثلاثة أعوام على الربيع العربي – الهلال المظلم -

ألمانيا- ثلاثة أعوام على الربيع العربي – الهلال المظلم -

27.01.2014
هيثم عياش


برلين /‏25‏/01‏/14
لا أحد يستطيع الجزم بأن انتفاضة شعوب بعض الدول العربية ضد حكامهم السابقين الذين حكموا مصر وتونس وليبيا واليمن وجهاد الشعب السوري ضد حاكمه قد فشلت او نجحت ، فهناك أسباب كثيرة لفشل هذه الانتفاضة التي يُطلق عليها بـ / الربيع العربي / الا أن هذه الاسباب يمكن جمعها بسبب واحد وهو أن الغرب لا يريد أن يرى ازدهارا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا في تلك الدول فهو يعرف تماما ان ازدهار تلك الشعوب  يعني افول شمس الغرب سياسيا واقتصاديا وعسكريا .
فقد حاول الغرب على مر التاريخ الاسلامي والصراع الاسلامي مع اوروبا ضعضعة المسلمين وتهميش دورهم في السياسة الدولية . قاد الغرب الحروب الصليبية يحجة تطهير الاماكن المقدسة في فلسطين ومناطق ببلاد الشام من المسلمين الوحوش الا انهم نهضوا وانتصروا عليهم وتآمرت النصرانية مع التتار ذلك الجراد المنتشر لضعضعة العالم الاسلامي من جديد فجاءت معركة عين جالوت التي قادها الملك المظفر قظر / رحمه الله /  لتنهي غطرسة الصليبية ووحشية المغول . وما ان استبشرالاوروبيون خيرا بقرب انتهاء دولة المسلمين في الاندلس الا أن ظهور  الدولة العثمانية على الساحة كدولة خلافة قوية  أفزعت اوروبا وبقي الاوروبيون على مدى خمسة قرون يعملون خفية وعلانية للقضاء على الخلافة الاسلامية ، فقد وقف الاوروبيون الى جانب الصفويين والدروز والاسماعيليين والقرامطة  والنصارى أيضا ضد دولة الخلافة الاسلامية ، واستطاع الغرب تحقيق هدفه القضاء على دولة الخلافة وبالقضاء عليها اصبح المسلمون شزر مزر حتى اصبحوا  مثل وصف سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه أهل المدينة يوم ردة العرب بعيد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم أصبحوا كالغنم الشاردة بالليلة المطيرة لولا شجاعة وقوة سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، ومثل  قول المؤمل بن أميل بن أسيد المحاربي / توفي عام 190 هجرية /  الذي بكى على الدولة الاموية وهاله ما آل اليه حال رحيل تلك الدولة واستلام الفرس مقاليد الامور زمن دولة بني العباس وفتكهم بالخليفة المتوكل على الله الذي نصر ناصر السنة الامام احمد بن حنيل وأباد مذهب المعتزلة الذين قالوا بخلق القرآن :
مات الخليفة أيها الثقلان فكأنني أفطرت في رمضان
او نعي محمود غنيم / توفي عام 1972/ الذي يقول
اني تذكرت والذكرى مؤرقة مجدا تليد بأيدينا أضعناه
أنى اتجهت الى الاسلام في بلد تجده كالطير مقصوصا جناحاه 
وينعي خبير شئون الشرق الاوسط والعالم الاسلامي اريك فراي في كتابه / الهلال المظلم / الذي من المقرر أن ينزل الى دور الكتب في وقت لاحق من شهر آذار/ مارس على هامش معرض مدينة لايبتسيغ الدولي للكتاب العالم الاسلامي فيؤكد باففتاحية كتابه ان شمس  العالم الاسلامي  قد أفلت فهو فاقد لجميع القوى السياسية والاجتماعية واصبح بسبب تشاغل المسلمين ببعضهم البعض فاقد لتأثيره السياسي والمعنوي على حلبة السياسة الدولية فلا أحد من دول العالم وخاصة القوى الكبرى مثل امريكا وروسيا يأبه لأراء زعماء العالم الاسلامي ولو ان زعماء الاسلامي  على اتفاق واحد وعلى عزم وحزم بأمورهم وقضايا العالم الاسلامي لما بقي الشعب السوري يعاني من آلام ومحن وقتل وتشريد يمارسه نظام سوريا ضد شعبه ولما اصبحت سوريا دول محتلة من الفرس والروس لقد تلاشت ريح المسلمين  فالهلال الاسلامي الذي كان يخيف اوروبا قد ذهب نوره لقد اقتنع حكام الدول الاسلامية بفائدة مؤتمر جنيف /2/ لإنهاء ماساة الشعب السوري علما ان المؤتمر مؤامرة عليه مستطردا انه بالرغم من غبطة الغرب وخاصة امريكا وروسيا على ما يعانيه المسلمون الا ان المسلمين قادرون على النهوض من جديد اذا ما استطاعوا تصحيح مسار انتفاضتهم التي  انتفضوهاعلى  حكامهم في مصر وليبيا وتونس وسوريا أيضا وهذا الانتصار يكمن بوضع حد  للفتن التي يثيرها عملاء الغرب ضد المخلصين من الشعوب العربية الاسلامية . لقد نجحت امريكا بتأليب  عسكر مصر على الاخوان المسلمين وها هي بدعم من بعض الدول الاوروبية تسعى لتأجيج احتجاجات ضد حكومة رجب الطيب اردوجان ودعم منافسه الذي يعيش في امريكا الشيخ فتح الله غولن على ما أنجزته حكومة اردوجان من قوة سياسية واقتصادية لتركيا ان الجماعات الاسلامية وخاصة الاخوان المسلمين الذين تعرضوا للابادة استطاعوا البروز من جديد وعلى الغرب إعادة علاقاتهم مع المسلمين بشكل أفضل من ذي قبل .
أما الصحافي والمستشرق جونتر اورث فيؤكد في كتابه / سماء الله الدموية /  فشل الربيع العربي  فالعسكر عادوا الى حكم مصر  من جديد ولم يفسحوا المجال للمدنيين يتحقيق معجزات اقتصادية وسياسية بعد أن سمحوا بالحريات العامة اذ لم يجرؤ أي مصري الاقتراب من قصور الرئاسة زمن جمال عبد الناصر وحسني مبارك مثل الازدحام الذي شهده قصر عابدين وغيره اثناء محمد مرسي وها هو عبد العزيز السيسي يحكم مصر بيد من حديد . أما تونس فبالرغم من أنها احسن حالا الا انها تعيش بأزمات سياسية تطيح حكومة  وراء حكومة وذلك من أجل استلام العلمانيين حكم تلك الدولة ، أما ليبيا فهي تعيش بدوامة العنف ولا أحد يعرف ما سيؤدي العنف الى نتائج ، واليمن الذي استطاع شعبها الاطاحة برئيسهم السابق  بعلي عبد الله صالح الا انه لا يزال مؤثرا على السياسة بتلك الدولة ويحاول العودة الى الحكم بالرغم من استلام  عبد ربه منصور هادي ،وتعيش تلك الدولة بدوامة العنف ومسرحا خصبا للطائرات الامريكية التي تقصف قرى وتقتل  من تشاء بغير رقيب وحساب .
أما سوريا التي يسعى شعبها منذ ثلاثة أعوام لأنهاء عائلة اسد التي تحكم تلك الدولة مذ اكثر من اربعين عاما ، ويسعى لاعادة الحريات العامة والعيش الكريم في ذلك البلد فلا أحد بالغرب يريد مساعدته فالجميع يخشى من أن يؤدي  استلام الاسلاميين الحكم بداية النهاية لوجود الكيان الصهيوني على ارض فلسطين اذن فلا بد من تتمة المخطط الدولي الذي يكمن تهميش العالم الاسلامي او محوه من الوجود .