الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- حوار الطرشان في فيينا

ألمانيا- حوار الطرشان في فيينا

31.10.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
فيينا 30‏/10‏/2015
يناقش هذا اليوم الجمعة 30 تشرين اول / اكتوبر بالعاصمة النمساوية فيينا ، وزراء خارجية اربعة عشر دولة من بينهم السعودية وايران الوضع في سوريا والسبل الكفيلة لإنهاء الحرب فيها المستمرة منذ اربعة أعوام نجم عنها تشريد اكثر من 12 مليون نسمة ومقتل اكثر من نصف مليون انسان وهدم اكثر مدن وقرى تلك الدولة .
ويقف وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير وراء دعوة وزير الخارجية الايراني جواد ظريف التي تعتبر بلاده مع روسيا شريكا رئيسيا بمعاناة الشعب السوري لدعم حكومتهما المطلق لطاغية سوريا بشار اسد  ، فشتاينماير من خلال زيارته الاخيرة التي قام بها الى ايران والمملكة العربية السعودية في الفترة ما بين 17 و 20 تشرين اول /اكتوبر الحالي كان هدف زيارته الرئيسية مد جسر بين الرياض وطهران لوقف الحرب في سوريا فتعاونهما يمكن أن يؤدي الى نتائج ايجابية .
يعتبر اجتماع هذا اليوم الجمعة حاسما بعض الشيء بالرغم من عدم  موجود  توقعات بالتوصل الى صيعة مرضية حول مستقبل بشار اسد في سوريا ، كما أن للاجتماع أسبابه الرئيسية ، فاوروبا والولايات المتحدة الامريكية بقيت تنظر الى المسألة السورية  بمبالاة قليلة ، فوعود الولايات المتحدة الامريكية بتسليح المعارضة السورية وتدريبهم على القتال بقيت فقاعات هوائية وتهديداتها مع بريطانيا وفرنسا حاكم سوريا بالويل والثبور لانتهاجه سياسة البطش وقذف البراميل المتفجرة على رؤس السكان اضافة الى الاسلحة الكيمياوية بقيت هذه التهديدات بدون تنفيذ ، الا أن تدفق الالاف من اللاجئين السوريين وغيرهم على اوروبا بشكل  كبير ومخيف ايضا كان وراء إعادة الاوروبيين الملف لاسوري الى طاولة المناقشات الساخنة ، ثم جاء التدخل العسكري الروسي رسميا الى جانب أسد بمثابة تهديد خطير بوقوع حرب حقيقية بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا على الارض السورية . هذه الاسباب كانت وراء الاجتماعات التي تمت على مدى الثلاثة اسابيع الماضية وهذا اليوم الجمعة حول سوريا وانهاء الحرب فيها لانهاء  اسباب تدفق اللاجئين والحد من خطر وقوع الحرب بين الشرق والغرب .
ويعتقد خبير السياسة الاستراتيجية منسق العلاقات الالمانية الروسية جيرنوت ايرلر ان دخول روسيا الحرب الى جانب اسد استمرار لمساعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ابراز بلاده بقوة على المسرح الدولي للسياسة ، فالرئيس الروسي ومنذ عودته مرة اخرى الى قصر الكرملين  عام 2012 أخذ على عاتقه إغاظة اوروبا والولايات المتحدة الامريكية لعدم تنفيذهما اتفاقية عدم توسعة رقعة حلف شمال الاطلسي / الناتو / في شرق اوروبا تلك الاتفاقية التي كانت من شروط  اعادة توحيد الالمانيتين عام 1990 وبالتالي جراء مساعي الاوروبيين جذب اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي الامر الذي يعني احتكاك مباشر بين الشرق والغرب ، فمساعي الاوروبيين أدت الى التدخل الروسي في اوكرانيا وسلخ شبه جزيرة القرم غن اوكرانيا وضمها الى روسيا / القرم لا يتبع جغرافيا روسيا واوكرانيا / معتبرا سياسة الاوروبيين هذه غبية وغوغائية اذ لم لم يتطرقوا الى شعور موسكو بالخطر من / الناتو / واعلان الولايات المتحدة الامريكية نشر صواريخ دفاعية جديدة في شرق اوروبا . وعزا ايرلر بمحاضرة القاها بالأكايمية الاوروبية  بالعاصمة برلين التدخل الروسي عسكريا الى جانب أسد لضغوط تتعرض لها موسكو بتدخلها العسكري في اوكرانيا هذه الضغوط التي نجم عنها سحب روسيا بعض معداتها العسكرية الثقيلة من الشرق الاكراني  للتخفيف من العقوبات الاقتصادية عليها  وتدخلها في سوريا ربما تكون مقايضة سوريا بدل اوكرانيا .
ويعتقد شتيفان مايستر خبير السياسة الروسية انه يمكن للدول المؤيدة للشعب السوري ضد الطاغية أسد إرغام طهران وموسكو اللتين ترفضان رحيل اسد من سوريا  على انتهاج سياسة مغايرة تجاه رئيس نظام يمارس سياسة الابادة الجماعية وذلك باجراء عقوبات اقتصادية جديدة ضد ايران وتشديد عقوبات اقتصادية اكثر ضد روسيا وعلى الاوروبيين والسعودية وتركيا من خلال اجتماعهم هذا اليوم الجمعة في فيينا توجيه هذا التهديد لروسيا وايران .
ويؤكد خبراء السياسة الدولية والامنية ان سياسة  الرئيس الروسي بوتين  في سوريا واوكرانيا بمثابة ضغط يمارسها على الولايات المتحدة الامريكية للاتفاق معه وبمشاركة الاوروبيين على وضع نظام دولي جديد ، فالنظام الدولي الذي وضعه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش / الاب / بعيد تحرير الكويت من العراق بداية التسعينات ساهم الى تمزيق العالم من جديد ووراء حروب  نجم عنه  بروز منظمات ارهابية  واحتلال العراق وتدخل عسكري في افغانستان والعالم اصبح بحاجة ماسة الى نظام دولي يساهم بإنهاء ما وصل اليه العالم القديم اوروبا والشرق الاوسط .
وترى رئيسة  الاكاديمية الاوروبية للعلوم السياسية والاستراتيجية بيترا ايفيلين ميركيل باجتماع فيينا بمثابة حوار بين الطرشان اذ لا يمكن ان يقع تقارب بين الرياض وطهران ، فطهران مسئولة رئيسية عن الحرب المندلعة في اليمن لتدخلها عسكريا في ذلك البلد وتحرشها بالسعودية وزعزعة امن الخليج العربي اضافة الى تدخلها ودعمها لبشار اسد في سوريا  إضافة الى تأليب الاعلام الايراني على السعودية ولا يمكن حصول تقارب بهذه الاوضاع وعلى الغرب الضغط على ملالي ايران لانهاء سياستها تجاه السعودية والخليج وسوريا .