الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- خطط خطيرة – أهمية عين العرب الاستراتيجية

ألمانيا- خطط خطيرة – أهمية عين العرب الاستراتيجية

09.10.2014
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏08‏/10‏/14
لا يختلف اثنان ممن يراقبون تطورات الاوضاع العسكرية والسياسية في سوريا والعراق وتركيا والخليج العربي ممن أتاهم الله الدراية في الفقه والسياسة الدولية الاستراتيجية والخطط التي تحاك ضد تلك المنطقة ان تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية – داعش / تنظيم اجرامي لا يمت لتعاليم الاسلام بصلة ، اذ ان الجرائم التي أقدم عليها عناصر هذا التنظيم من قتل للأبرياء وهدمهم مساجد اكثر من هدمهم لكنائس وغيرها من أماكن العبادات دليل واضح على انهم لا يرقبون بمؤمن إلاَّ ولا ذمة يريد هذا التنظيم أيضا إعطاء المجال للولايات المتحدة الامريكية تحت غطاء محاربة تنظيم / داعش / ومنظمات موضوعة ضمن لائحة محاربة الارهاب  الدولي تمكين أقدام واشنطن بالمنطقة من جديد بأكثر من ذي قبل .
ولكن هناك سؤال يُطرح حاليا بأروقة السياسة الدولية حول أهمية منطقة عين العرب والتي يطلق عليها الاكراد كوبانا الواقعة على الحدود السورية التركية بالنسبة للاكراد ولـ / داعش / وبالتالي إحراج  لحلف شمال الاطلسي / الناتو /   بالتدخل بشكل مباشر للدفع عن تركيا العضو والشريك  الاستراتيجي الهام للحلف المذكور بالمنطقة بالدفاع عن تركيا اذا ما تعرضت لاعتداء من تنظيم / داعش / .
ويرى خبراء المنطقة الذين يشاركون في هذه المناقشات  ان سقوط عين العرب / كوبانا /  بيد  / داعش / بداية النهاية لدويلة الاكراد التي اعلنوها في سوريا التي تمتد من الحسكة والقامشلي ومعها عين العرب الى كردستان العراق . فالحزب الديموقراطي الكردي السوري  الموالي لرئيس نظام سوريا بشار اسد كان قد أعلن عن قيام دويلتهم في نيسان/ابريل من عام 2012 اثناء مؤتمر للاكراد عقدوه بالعاصمة الالمانية برلين شارك فيه زعماء هذا الحزب وغاب رئيس الحزب صالح مسلم عن المؤتمر لعدم حصوله على تأشيرة دخول الى المانيا وناب عنه عبد الحكيم بشار وأعلن زعماء هذا الحزب ان دويلتهم ستكون تابعة لكردستان العراق ويتطلعون لمساعدة حزب العمال الكردي في تركيا الذي يراسه عبد الله اوجلان المسجون بتركيا منذ عام 1997 لاقامة دويلة للاكراد بالمناطق الآهلة بهم  بتركيا .
ويتمتع الاكراد من هذا الحزب والاحزاب الكردية القومية بعاطفة جياشة من احزاب يسارية الطابع في المانيا وبعض الدول الاوروبية بالرغم من ان حزب العمال الكردستاني ممنوع في المانيا وموضوع ضمن لائحة منظمات الارهاب ويملك الاكراد السوريين والاتراك والعراقيين ايضا مؤسسة اعلامية كبيرة في المانيا تقوم بين الحين والاخر وبشكل يومي بإصدار بيانات حول ماساة الاكراد واليزيديين والنصارى بالمناطق الاهلة بهم وبعموم سوريا والعراق وتركيا ايضا .
ومن أجل كسب عاطفة الكنيسة ومنظمات انسانية زعم هؤلاء بمؤتمرهم الذي عقدوه بأن المسلمين العرب السوريين والعراقيين والاتراك وغيرهم يضطهدون النصارى ويشنون حملة إبادة ضدهم وان النصارى في سوريا تراجعت نسبتهم من 25  بالمائة     عام 1942 الى 18 بالمائة حتى عام 1980ومنذ الاشتبكات التي وقعت بين الطليعة المقاتلة للاخوان المسلمين  مع النظام السوري وازدياد ظاهرة التدين في سوريا تراجعت نسبته الى ما بين 8 و 10 بالمائة حتى نهاية عام 2011 وانه لولا نظام  حافظ وبشار اسد الذي يعتبر حاميا للنصارى والاقليات الدينية الاخرى لاصبحت نسبة النصارى في سوريا لا تتجاوز الـ 5 بالمائة . ودويلة الاكراد في كوبانا والحسكة والقامشلي ستساهم بتأمين عودة النصارى وحمايتهم الى ربوع سوريا من جديد .
ويرى الخبراء انه اذا ما استطاع تنظيم / داعش / الاستيلاء على كوبانا فان حلم اكراد سوريا وتركيا باقامة دويلة لهم  سيتلاشى واذا ما تدخلت تركيا بالفعل عسكريا للحيلولة دون سقوط المدينة المذكورة بيد / داعش / وبدون دعم من / الناتو / فيعني ذلك بداية عهد جديد للصراع بين الاكراد والاتراك بعد مرحلة من السلم ساهمت الحكومة التركية  بتهدئة الاكراد من خلال اعطاءهم بعض حقوقهم التي يطالبون بها ولا سيما استعمال لغتهم بالمناطق الآهلة بهم . ويقف تنظيم / داعش / وراء هذا المخطط الرهيب الذي يكمن بزرع الفوضى الامنية  بتركيا من جديد ، كما ان السيطرة على عين العرب / كوبانا / سيؤدي ايضا الى قيام  جيش كردستان العراق / البيشمركيه / بدعم اكراد تركيا  بمحاربة الاتراك .
وبالرغم من تأكيد تركيا دعمها لسكان عين العرب / كوبانا / وحمايتهم من / داعش / ومطالبة الرئيس التركي رجب الطيب اردوجان بإنزال بري لـ / الناتو /  والتحالف الدولي ضد الارهاب للحيلولة دون سقوط عين العرب الا ان أنقرة وبالرغم من قوتها العسكرية وغير حاجتها للـ / ناتو / الا انها تعلم تماما خطط / داعش /  الذي يريد عناصرها احتدام عسكري مباشر بين تركيا وجيش النظام السوري الامر الذي يعني توسعة رقعة الحرب من خلال تدخل ايران وبدعم من روسيا  الى جانب نظام سوريا ، فرئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني كان قد حذر مؤخرا من خطط الحكومة التركية بمنطقة الشرق الاوسط ولا سيما اعلانها الدخول بالتحالف الدولي ضد الارهاب والعلاقات بين انقرة  وطهران تعتبر متدهورة للغاية بالرغم من الزيارات المتبادلة بين مسئولي العاصمتين ، فأنقرة تدعم الشعب السوري بانتفاضته ضد نظام سوريا بينما تدعم طهران وموسكو النظام المذكور وما يجري بتلك المنطقة واحتكاك عسكري محتمل بين تركيا ونظام سوريا حرب حقيقية بين تركيا والاكراد الموالين للنظام السوري وبالتالي إتمام لمخطط قديم لتقسيم منطقة الشرق الاوسط الى دويلات كثيرة .
الولايات المتحدة الامريكية ومعها / الناتو / لا تريد مساعدة تركيا كما لا تريد القضاء على / داعش/ . فالضربات الجوية لم تحقق الاذى بالتنظيم المذكور الذي يخلي اماكن وجوده قبيل قصف الطائرات الامريكية وطائرات المتحالفين معها لمعاقلهم . وقد ساهمت الضربات الجوية بتقوية عناصر / داعش / اكثر من ذي قبل من خلال استيلاءهم على اسلحة جديدة وقيامهم بخطف غربيين وغيرهم ويقومون باختلاطهم مع سكان تلك المناطق بدون رايتهم السوداء  الامر الذي يصعب على التحالف الدولي التمييز بين  عناصر / داعش / وسكان تلك المناطق ، وعدم مساعدة واشنطن لانقرة وللاكراد ايضا في عين العرب وغيرها يعود للابقاء على / داعش / مثل ابقاءها على الطالبان من اجل الابقاء على التحالف الدولي ضد الارهاب على حد راي هؤلاء الخبراء بندوة لهم عقدوها في اكاديمية السياسة الامنية التابعة لوزارة الدفاع يوم أمس الثلاثاء 7 تشرين أول/ كاتوبر .