الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- عندما يكون الراعي عدو الغنم

ألمانيا- عندما يكون الراعي عدو الغنم

15.01.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين ‏14‏/01‏/2015
كان من المعتقد ان تكون وقفة التضامن التي دعا اليها المنظمات الاسلامية في المانيا امام بوابة براندينبورج التاريخية بقلب العاصمة برلين مساء يوم امس الثلاثاء 13 كانون ثان/يناير التي شارك فيها الرئيس الالماني يوئاخيم جاوك والمستشارة انجيلا ميركيل واعضاء الحكومة الالمانية والبرلمان وشخصيات اجتماعية وسياسية بمشاركة  اكثر من خمسة عشر الف شخص ان تكون وقفة تضامن مع المسلمين ضد الجبهة القومية الاوروبية لحماية  الغرب من الاسلام / بيجيدا / التي تدعو كل يوم اثنين الى مظاهرات ضد الوجود الاسلامي في المانيا واوروبا .
الا ان تلك الوقفة كات وقفة تضامن مع ضحايا صحيفة / شارلي اوبيد / الفرنسية الساخرة  واليهود ، ولم يتطرق اي خطيب من الخطباء من رئيس مجلس المسلمين الاعلى والرئيس الالماني جاوك   وغيرهما  الى التضامن مع المسلمين وانتقادات يوجهونها للجبهة المذكورة ، بل ان عضو مجلس اليهود الالماني الاعلى ديفيد كورن هاجم المسلمين مطالبهم بحذف آيات القرآن الكريم التي تدعو الى الجهاد منتقدا أيضا أحد أئمة المساجد الذي افتتح حفل التضامن بآيات من القرآن الكريم احداهما آيتين  من سورة المائدة التي تذكر / ومن أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا / معتبرها استهدافا لليهود .
لقد تركت حادثة باريس يوم الاربعاء من 7 كانون ثان/يناير والهجوم على محل يهودي للمواد الغذائية  اثرها السيء على المسلمين في المانيا بشكل خاص ، اذ ان هذا البلد يعتبر معقلا للجبهة القومية الاوروبية لحماية الغرب من الاسلام هذه الجبهة التي يقودها زعماء الاحزاب القومية في اوروبا مثل  زعيم الحزب الجمهوري الهولندي جيرت فيلدريز وزعيم حزب الحرية الالماني اودو اولكوته وغيرهما وكان لا بد من اللائق ان يطلب منظمو الوقفة وهم مجلس المسلمين الاعلى ومجلس التعاون الاسلامي الاعلى من الخطباء التطرق ولو بقليل الى خطر الجبهة المذكورة .
الرئيس الالماني جاوك أعلن بكلمته التي القاها ان مهاجمي الصحيفة الفرنسية المذكورة ومركز بيع المواد الغذائية اليهودي بباريس يريدون  استهداف المجتمع الاوروبي وتقسيمه من خلال الوقيعة بين المسلمين وغير المسلمين معتبرا مشاركة الالاف في وقفة الاحتجاج دليل  حي على تماسك المجتمع الاوروبي مع بعضهم البعض .
وقد اشارت دراسة وزعها مركز برلين العلمي حول تطورات وضعية  المسلمين في المانيا فنَّد بها ادعاءات تلك الجبهة حول خطر تكاثر ولادات المسلمين في المانيا بشكل خاص ورفض تأقلمهم مع المجتمع الالماني ، فقد اشارت الدراسة الى تراجع تعداد الولادات فبينما كان  عدد افراد العائلة المسلمة في المانيا عام 2000 يصل الى ما بين ستة و10 أشخاص اصبح عددها ما بين عامي 2010 و 2014 يصل الى ما بين اربعة وخمسة اشخاص / الابوين وثلاثة ابناء / بينما ارتفعت نسبة الاندماج في دروس رياضة السباحة بالمدارس الابتدائية من 6 بالمائة عام 1995 الى 89 بالمائة عام 2014 مشيرة ان من يعتقد احتمال وصول تعداد المسلمين في المانيا خلال عام 2020 الى ما بين 5 و 5 مليون ونصف مليون مسلم يعتبر مغاليا  باعتقاده فتعداد المسلمين في المانيا الذي يصل الى حوالي 4 مليون مسلم فهذا العد لم يطرأ عليه اي تغيير منذ عام عام 1995 بالرغم من تدفق الكثير من اللاجئين المسلمين على المانيا معتبرة ادعاءات الجبهة القومية لحماية الغرب من الاسلام مخالفة للواقع .
الجبهة القومية الاوروبية لحماية الغرب من الاسلام وصفها رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو بانها مثل تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية  - داعش / منظمة اجرامية لا خلاق لها ولا تعي من امور السياسة ولا تمت للانسانية بصلة . وبالرغم من ان الهجوم الارهابي الذي استهدف الصحيفة الفرنسية الساخرة / شارلي اوبيدو / فقد تمادت الصحيفة في غيها ونشرت هذا اليوم الاربعاء 14 كانون ثان/ يناير صورة سخرية تستهزأ بالرسول عليه الصلاة والسلام وهي بيكي على القتلى من الصحيفة ويبدي اعتذاره ويطلب بالسماح . وعزت صحيفة / زوددويتشيه تسايتونغ – صحيفة جنوب المانيا / تمادي الصحيفة  الى عدم وجود من يقف في وجه هذه الصحيفة بشكل حكيم فالدول الاسلامية وخاصة العربية منها مشغولة حاليا بمحاربة / داعش / ومحاربة الجماعات الاسلامية وزج قادتها في السجون ووضع بعضها في لائحة الارهاب . وفي ظل ما ذكرناه تنطلق الالسنة المعادية للاسلام بشكل سهل فقد منح مهاجمو الصحيفة المذكورة الصحيفة دعما وقوة لن تنسا في تاريخها فقد كادت الصحيفة ان تصبح في سلة المهملات جراء تراجع مقتنيها وقراءها واصبحت بضربة معلم الصحيفة التي تتداولها الايدي على مر السنوات المقبلة . ورحم الله عمر ابو ريشه الذي قال :
لا يُلام الذئب في عدوانه ان كان الراعي عدو الغنم