الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- ماذا بعد فشل فيينا حول سوريا

ألمانيا- ماذا بعد فشل فيينا حول سوريا

19.05.2016
هيثم عياش


هيثم عياش
كاتب ومفكر سياسي
برلين 18‏/05‏/2016
انتهت مباحثات فيينا حول سوريا التي جرت يوم أمس الثلاثاء 18 أيار /مايو بدون نتيجة بل ان التوصل الى اتفاقية جديدة لوقف اطلاق النار ووضع خطط لحل سياسي كما يصر على ذلك وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير بان الحل السياسي هو الاساس الرئيسي لانهاء ماساة الشعب السوري ، قد فشلت ايضا وذلك بتأكيد من الوزير المذكور عقب انتهاء المباحثات ، فقد اشار يوم أمس الثلاثاء ، وهذا اليوم الاربعاء 18 الشهر الجاري ضمن كلمة القاها بمبنى وزارة الخارجية  مفتتحا بها مؤتمرا حول تطوير الحركة الاقتصادية بالدول العضوة بالمنظمة الاوروبية للامن والسلام والتنمية ، بشكل غير مباشر ، ان مباحثات فيينا فشلت الا ان الضرورة ملحة للعودة الى جنيف مرة اخرى وبالقريب العاجل واصفا المناقشات التي استمرت لاكثر من ست ساعات في قصر الباروك بالعاصمة المذكورة بالصعبة .
وبالرغم من صعوبة المناقشات وفشلها وبالتالي عدم التطرق الى اتفاقية جديدة لوقف اطلاق النار الا ان هناك اتفاق تم تكليف الامم المتحدة بمواصلة جهودها تأمين مواد غذائية وطبية لاكثر من ثمانمائة الف شخص محاصرون بمناطقهم يفتقرون الى الماء والدواء والغذاء واذا ما فشلت سيارات  المنظمة المذكورة بالوصول الى المحاصرين فعبر القاء مواد غذائية من الجو على حسب تعبير وزير الخارجية الامريكي جون كيري للصحافيين بعد انتهاء المناقشات .
سوريا تحترق وشعبها يباد واكثر مدن وقرى تلك الدولة تكاد تصبح اثرا بعد عين على حسب تعبير زعيمة معهد برلين لحقوق الانسان بيئاتيه رودولف بندوة دعت اليها هذا اليوم الاربعاء بالعاصمة برلين  مع رئيس المعهد الاوروبي لحقوق الانسان فولفجانغ كاليك الذي يٌمسك معهد حاليا بدعوى تقديم بشار اسد والذين يدعمونه من ملالي ايران والكرملين الى محكمة الجزاء الدولية كمجرمي حرب اسوة بالشكوى التي قام معهده ضد الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش / الابن / ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد كمجرمي حرب بالعراق الى المحكمة المذكورة . وأعلن المسئولان المذكوران انه اذا استمر تقاعس العالم وما يُطلق عليه بمجلس الامن الدولي بانهاء مأساة الشعب السوري  فان على شعوب العالم السعي لوضع اصلاحات جذرية على البنية التحتية لمنظمة الامم المتحدة التي فقدت مصداقيتها بانقاذ شعوب تتعرض للابادة فشعب رواند وغيره في افريقيا تعرض للابادة امام نظر وسمع الامم المتحدة التي بقيت ساكنة بدون حراك ، واذا ما كانت المنظمة الدولية هي الجهة الوحيدة في العالم التي تقر الحرب او السلام صامتة تجاه ما يجري في سوريا وعدم التحرك لانهاء ماساة اكثر من اثني عشر مليون لاجئ فان هذه المنظمة ستدخل تاريخ الانسانية من بابه الاسود ان لم تكن قد دخلت تاريخ الانسانية الاسود منذ سنين عديدة .
انتهاء مباحثات فيينا بدون نتيجة معناه ان المجتمع الدولي بقي في الصفر فالجهود التي بذلها لوقف اطلاق النار من خلال التوصل الى اتفاقية حول ذلك بمدينة ميونيخ في وقت سابق من شهر شباط / فبراير عام 2016 الحالي لم تطبق على الاطلاق فالنظام السوري استمر بانتهاكاته لتلك الاتفاقية بالتعاون مع موسكو وطهران ودول عربية وغير عربية تقف الى جانب نظام بربري فاقد لاي معنى للانسانية .
اوروبا فقدت مصداقيتها وقيمتها امام شعوب العالم فهي بقيت صامتة وبدون حراك أثناء الحرب التي شنها الصرب والكروات على المسلمين في البوسنة الى أن قام الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران بزيارة سراييفو اثناء حصارها واكد وقتها رفض الاوروبيين رؤية دولة اسلامية امام أعبنهم في ربوع اوروبا ولذلك فان على هذه الحرب ان تتوقف . أما الحرب في سوريا ستستمر لان الكيان الصهيوني لن يرضى رؤية رجل آخر يحكم دمشق بديلا عن أسد ، وهذا ما أكده زعماء صهاينة زاروا برلين في مقدمتهم بنيامين نتنياهو وتصريح اكثر من مرة لسفير الكيان الصهيوني السابق ببرلين ايمور افنيري الذي أكد دور حافظ وبشار اسد في حماية الكيان الصهيوني وامنه واستلام الشعب السوري دفة الحكم من اسد يعني ان الصهاينة في خطر محدق .
ويؤكد وزير الخارجية الالماني السابق يوشكا فيشر بان الحرب في سوريا وانهاء ماساة الشعب السوري تكمن تدخل عسكري ضد اسد وزمرته مؤكدا بالوقت نفسه ان الحل العسكري ضد اسد ضرورة ملحة ولن تتدخل روسيا للدفاع عنه فموسكو لم تتدخل بالدفاع عن رئيس صربيا السابق سلوبودان ميلوسوفيتش عندما أعلن الاوروبيون وحلف شمال الاطلسي / الناتو / والامم المتحدة على صربيا بالرغم من وجود فرقة عسكرية روسية ضخمة من اجل حماية ميلوسوفيتش .
نتائج مؤتمر وبالرغم من تأكيد وزير الخارجية الالماني شتاينماير رفضه بقاء بشار اسد على رأس نظامه في سوريا المستقبل اذا ما تم تشكيل حكومة مؤقتة فيها من خلال حلول سياسية الا ان نظيره الامريكي كيري يبدي موافقته إصرار موسكو وطهران وتل أبيب ببقاء أسد على رأس السلطة في سوريا .
ويرى خبير منطقة الشرق الاوسط عضو هيئة رئاسة الحزب الديموقراطي الاشتراكي  كريستوف تسوبيل الذي شغل حقيبة وزارة الدولة بوزارة الخارجية الالمانية زمن المستشار السابق جيرهارد شرودر ويرأس حاليا منظمة  خطط تنمية الشرق الاوسط وعضوية المركز الاوروبي للبحوث السياسة والنزاعات ان على الاوروبيين اذا ما ارادوا  انهاء الحرب في سوريا التفاوض مع الكيان الصهيوني فهو الجهة الوحيدة التي تقرر اعطاء اشارة خضراء لعمل عسكري ضد بشار اسد .
من المحتمل ان يؤدي فشل مؤتمر فيينا الى نتائج منها سحب واشنطن واوروبا يدها من أي حوار ينهي ماساة الشعب السوري . ويعتقد خبير السياسة الدولية عضو هيئة رئاسة المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان نورمان بيتش بأن السعودية  جزمت عدم مصداقية واشنطن تجاه سوريا ودعمها لايران التي تريد بسط سيطرتها بالشرق الاوسط والخليج العربي ان تبادر بتنفيذ تهديداتها بتسليح المعارضة السورية باسلحة وعتاد عسكري للدفاع عن الشعب السوري ومواجهة اسد وشرذمته فالرياض تقود عاصفة الحزم في اليمن واعلنت عن تحالف عسكري اسلامي ولا احد يعلم ما الذي تحمله الايام المقبلة من مفاجئات .
وربما يؤدي فشل جميع المباحثات والمؤتمرات التي عقدت والتي ستعقد حول سوريا الى نتيجة شبيهة بنتيجة جهاد الشعب الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني فقضية فلسطين كانت عربية ثم اصبحت اسلامية وبعد ذلك دولية واصبحت الان قضية داخلية فاوروبا ومعها بعض الدول العربية ترى ان السلام في فلسطين قضية تخص الشعب الفلسطيني ، وعلى الشعب السوري ان يقرر مصيره اما بابقاء بشار اسد او ازاحته .