الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- مسلمو القرم وأوكرانيا آلام وآمال

ألمانيا- مسلمو القرم وأوكرانيا آلام وآمال

19.03.2014
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏‏18‏/03‏/14
القليل من يعرف دخول الاسلام الى اوكرانيا ولا سيما شبه جزيرة القرم . فقد دخل القرم وأجزاء من اوكرانيا  في حماية الدولة العثمانية زمن السلطان الفاتح ابو الفتوح وأبو الخيرات محمد الثاني / رحمه الله 833- 886- 1429-1481 م / وذلك بعد فتحه القسطنيطينية  / استانبول/ عام857 هـ الموافق  1453للميلاد . الا ان اوكرانيا وتلك البقاع ولا سيما القرم عرفت الاسلام في زمن الدولة الاموية . ويؤكد صاحب كتاب /  اوروبا تحت الهلال / للمستشرق الالماني  تيودور  نولدكه / 1836 – 1930 / ان القائد الاموي مسلمة بن عبد الملك / رحمهما الله تعالى / لما عجز عن فتح القسطنطينية  عام 98 هجرية – 651 م توغل في الشمال والشرق ووصل الى بلغاريا والبوسنة وشرقا الى اوكرانيا وروسيا التي كانت تعرف عند العرب ببلاد الصقالبة والبرجان علما ان الاسلام وصل الى بقاع القوقاز الشمالية زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه واستقرت اليد الاسلامية بتلك المناطق زمن الخليفة معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما عندما ولي فتوح المناطق حبيب بن مسلمة الفهري .. وفي منطقة تراونيك البوسنوية التي تبعد عن مدينة زينيتسه حوالي عشرين كلم مسجد قديم يعود تشييده الى عام 150 للهجرة اي قبل وصول العثمانيين الى البوسنة باكثر من 700 عام ، ويوجد في المتحف الوطني بموسكو ونسخة منه في محفوظات جامعة مدينة كولونيا  نسخة بخط حبيب بن مسلمة الفهري مكتوب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد هذا ما أعطى حبيب بن مسلمة اهالي غروزان / غروزني / وتفليس واورجان ذمة الله وذمة نبيه الحفاظ على كنائسهم وبيعهم وحمايتهم .
ومنذ فتح السلطان محمد الفاتح للقرم استقرت اليد الاسلامية فيها  ولا علاقة للتتار بتلك النطقة بالرغم من الاوروبيين يطلقون على المسلمين فيها تتار القرم جراء إجلاء القيصرية الروسية اثناء احتلالها للقوقاز مسلمي تلك المناطق الى مناطق نائية في روسيا ثم ازدادت مأساتهم اثر استيلاء الشيوعيين على روسيا  خوفا من ثورات المسلمين ضدهم مثل ثورة المجاهد محمد شامل الداغستاني الذي توفي بالمدينة المنورة عام 1871 تلك الثورة التي كادت ان تعيد الروس الى امارة موسكو التي خرجوا منها .
يصل عدد التتار المسلمين في شبه جزيرة القرم في آخر احصائية  رسمية  للحكومة الاوكرانية الى حوالي 370 الف نسمة من بين حوالي 2 مليون و 24 الف نسمة اي انهم الفئة الثالثة من بين تعداد سكان تلك المنطقة بينما يصل مجموع تعداد السكان المسلمين في عموم اوكرانيا الى حوالي 1 مليون و 300 الف نسمة منهم حوالي 600 الف نسمة من اصل تركي . وقد أكد وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو بمؤتمر صحافي عقده ببرلين  يوم 3 شباط/فبراير المنصرم انه اذا ما ضمت روسيا القرم اليها وحاولت تقسيم اوكرانيا فهناك نزاع جديد سيقع بين انقرة وموسكو  وذلك لضرورة سعي تركيا حماية الاقلية التركية والحفاظ على المنشئات العثمانية فيها  مؤكدا مرة أخرى اثناء زيارته الى كييف في وقت سابق من الاسبوع الماضي ان النزاع سيدب بين انقرة وموسكو  واستقرار اوكرانيا سياسيا وأمنيا استقرار لتركيا وهام لها .
وقد اشارت نائبة السفير الاوكراني بالعاصمة برلين  المسلمة جلال ايشتينوف  بندوة دعا اليها معهد برلين براندينبورج العلمي  مساء  يوم الاثنين 17 آذار/مارس ان المسلمين باوكرانيا يتطلعون الى دعم معنوي وسياسي من المملكة العربية السعودية وتركيا للحيلولة دون تعرضهم  لخطر الترحيل والاضطهاد من القرم مرة أخرى الى أماكن نائية في روسيا اذ ان الروس سينتقمون من التتار المسلمين لانهم لم يشاركوا بالاستفتاء عدا عن ذلك فان خطر العنصرية الروسية  ازداد خطرها بالقرم لتشمل ايضا الاوكرانيين كما استطاعوا التوغل بقوتهم المعنوية وتأثيرهم السياسي والاجتماعي الذي يملكونه بدعم من موسكو الى مدن شرق اوكرانيا تابعة للتراب الاوكراني .
ومنذ بدء الازمة السياسية في اوكرانيا واعلان موسكو عزمها اجراء الاستفتاء يناشد المسلمون بتلك المناطق تركيا التي يعيش فيها حوالي 7 مليون نسمة من اصول تترية من القرم لجأوا الى تلك الدولة جراء اضطهادهم ولا سيما المذابح التي تعرضوا على يد الشيوعيين عام 1927 اضافة الى مناشدتهم دول بالاتحاد الاوربي في مقدمتهم  المانيا التي يعيش فيها حوالي 60 الفا من تتار القرم  مساعدتهم وانقاذهم من بطش الروس والسعي للحفاظ على ارواحهم وممتلكاتهم .
وقد تعرض المسلمون او تتار القرم في عهد القيصر الروسي ايفان الرابع  الدي يصفه المؤرخون بالمتوحش / 1530 – 1584 / لحرب إبادة وذلك اثناء الاحتكاك مع الدولة العثمانية ومحاولته السيطرة على بلاد القوقاز وقام بتدمير تتارستان ، كما سلك القيصر الروسي الكسندر الثالث / 1845- 1894 / سياسة الابادة  ضد مسلمي تتار القرم وهدمت قواته الكثير من المعالم الاسلامية مثل مساجد ومعاهد دينية فبينما وصل عدد المسلمين بتلك الدولة عام 1820 الى حوالي 9 مليون نسمة  وصل عددهم عام 1883 الى حوالي 3 مليون و 750 الف نسمة ليصل عددهم عام 1941 في عهد ستالين الى حوالي 850 الف نسمة ليتراجع عددهم الى ان وصل حاليا الى حوالي 370 الف نسمة وذلك جراء تهجيرهم الى اوغال سيبيريا  والابادة انتقاما منهم لاعتقاده بانه الطابور الخامس للزعيم النازي أدولف  هتلر . وأشارت ايشينوف  انه بالرغم من سماح السلطات الروسية لمسلمي القرم بالعودة الى بلادهم من جديد عام 1988 الا ان عودتهم كانت بشروط منها عدم إعادة ترميم المساجد التي هدمها البلاشفة وعلى ان تكون المعاهد الاسلامية تابعة بشكل مباشر الى الجامعات وتعيين الائمة يجب الاتفاق عليه مع الحكومة الروسية وبتعاون مع دائرة الشئون الدينية بتركيا  وقراءة القرآن الكريم باللعة الروسية .
وأكد رئيس جمعية مسلمي القرم في تركيا تونجر كالكاي ان تتارم القرم وربوع اوكرانيا مسلمون  اوربيون  واعلان سلطات القرم من خلال الاستفتاء الذي جرى قبل يوم أمس الاحد 16 آذار/مارس انضمامهم الى روسيا يعني نهاية تنفس تتار القرم الصعداء بعد السماح لهم بالعودة الى بلادهم وبداية عهد جديد من الاضطهاد وان تتار القرم كانوا يأملون من الاتحاد الاوروبي اجراء ضغوط سياسية اكثر من الاقتصادية على روسيا وسلطات القرم حتى تبقى تلك المنطقة متقاربة وعلى صلة وثيقة باوكرانيا  مشيرا الى ان الايام القليلة المقبلة  مليئة بأخبار سيئة لاوكرانيا والقرم على حد قولهم .