الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا - أوروبا والشرق الأوسط وخز بالضمير أم أزمة حرية ؟

ألمانيا - أوروبا والشرق الأوسط وخز بالضمير أم أزمة حرية ؟

23.06.2014
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏‏22‏/06‏/14
ساهم الاوروبيون  بتشجيعهم المعارضة الاوكرانية على تأجيج الاحتجاجات ضد رئيس بلادهم السابق فيكتور يانوكوفيتش وحكومته جراء رفض يانوكوفيتش مساعي الاوروبيين لاستقطاب اوكرانيا كشريك اقتصادي واستراتيجي للاتحاد الاوروبي كخطوات رئيسية اولية ضم الدولة المذكورة الى عضوية الاتحاد الاوروبي بضياع شبه جزيرة القرم من اوكرانيا خلال ضم روسيا للجزيرة بعد استفتاء غير شرعي تبعه استفتاء على مستقبل شرق وجنوب اوكرانيا ساهم به انفصاليون متعاطفون مع روسيا يتطلعون الى قيام دويلة مستقلة عن الدولة المذكورة او ضم مدنهم الى روسيا بوصول اوروبا الى حافة حرب جديدة تقع بين الشرق والغرب . كما ساهمت استمرار الازمة الاوكرانية سحب الاضواء واهتمام المجتمع الدولي عن ماساة الشعب السوري ، ثم جاء بروز قوة ما يُطلق عليه بـ / دولة العراق والشام الاسلامية / في العراق جراء سيطرتها على بعض المدن العراقية مغتنمة بذلك انتفاضة العراقيين المسلمين من اهل السنة الذي يتعرضون منذ الاحتلال الامريكي للعراق ومغادرة فرق البيت الابيض العسكرية البلد المذكور التهميش والاضطهاد لصالحها .  وهدف نزول /داعش / الى الساحة العراقية بقوة صرف انظار العالم عن سوريا الى العراق واعطاء المجال للنظام السوري وايران بزيادة قوة عسكرية لهم لسحق الشعب السوري .
ما يجري في اوروبا والشرق الاوسط حاليا يترك تساؤلات لخبراء السياسة الدولية ينتظرون الجواب عليها تكمن ما اذا الغرب يعاني من ازمة نفسية تكمن بحبه السيطرة والنفوذ السياسي على شعوب اوروبا والشرق الاوسط أو بالفعل هناك أزمة حريات يطالب بها بعض شعوب اوروبا والشرق الاوسط وذلك من خلال ندوة دولية حول تطورات السياسة الدولية دعا اليها معهد هاينريش بول للدراسات والمساعدات الدولية المتعاطف مع حزب الخضر الالماني يوم أمس السبت 21 وهذا اليوم الاحد 22 حزيران /يونيو .
فيعتقد رئيس معهد العلوم الاقتصادية في جامعة موسكو فياديسلاف اينوتسنتيف ان اوروبا تعيش في وضع ازمة اقتصادية وبالتالي حب النفوذ ووضع روسيا في زاوية حادة من الصعب الخروج منها فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى ومنذ استلامه رئاسة وزراء روسيا في عهد الرئيس السابق يوريس يلتسين الذي قتلته الخمرة وجعل من سياسته اضحوكة لدى الاوروبيين وتلاعب الامريكان به ، إعادة مجد قوة الاتحاد السوفياتي السابق وعندما استلم رئاسة روسيا عام بين اعوام 2000 و 2008 بدأ يضع الخطوات لاعادة بروز روسيا على الساحة الدولية من جديد وها هو الان منذ عودته الى الكرملين يقوم بتنفيذ هذه الخطط ميدانيا . اوروبا تعيش في حالة ازمة اقتصادية جراء توسعة رقعة الاتحاد الاوروبي والسعي لقوة الاقتصاد والصناعة الاوروبية وضم الدول المتعاطفة مع روسيا اليها للحيلولة دون قيام محور عسكري جديد في اوروبا الا ان الاوروبيين أخطأوا لعدم تقديرهم لقوة روسيا وبوتين السياسية والعسكرية مثل الخطأ الذي وقعوا فيه تجاه جورجيا التي فقدت ابخازنيا واستوانيا الشمالية جراء تحريضهم على روسيا ، لقد ساهم الاوروبيون بتحريض الاوكرانيين على الرئيس السابق فيكتور يانوفوكيتش اضافة الى ضياع القرم وخطر تقسيم اوكرانيا الحيلولة دون انتفاضة وثورة لشعب روسيا البيضاء /ببلوروسيا/ الذين يعانون من بطش وعنف رئيسهم الكسندر لوكاشينكو  ولن يكون هناك حرية في اوروبا الشرقية التي كانت تابعة لروسيا على مدى السنوات القليلة المقبلة .
ماري لويزه بيك عضوة شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني رأت ان الغرب ربما يعيش في حالة وخز ضمير  فهو كان وراء صرف أنظار العالم عن ما يجري في سوريا الى اوكرانيا ووراء بروز قوة ما يطلق عليه بـ / دولة العراق والشام الاسلامية / اضافة الى العنف في ليبيا والقضاء على منجزات الشعب المصري بانتفاضتهم ضد حسني مبارك وذلك تشجيعهم قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي بالانقلاب على رئيس مدني منتخب لاول مرة في تاريخ مصر الحديث .
لقد اثبت ما يُطلق عليه بـ / الربيع العربي / ان ارساء الحريات العامة والديموقراطية  لا تكون الا بمحض الارادة لقد فشل جورج بوش / الابن / ارساءها بالقوة بالدول العربية وجاءت المطالبة بالحريات طوعا وليست إكراها لا أحد يريد بالغرب الاستقرار والازدهار لشعوب منطقة الشرق الاوسط التي لم تنعم في يوم من الايام ومنذ تاريخها الحديث بالراحة .
العالم يعيش حاليا بأزمة نفسية ربما يؤدي الى وخز بالضمير ومع ذلك فلن تتحرك اوروبا لنجدة اوكرانيا من تقسيمها فالتقسيم بات على قاب قوسين أو أدنى ولن تتدخل عسكريا في سوريا ولن توقف قوة / داعش / لأن الغرب يريد ان تعيش تلك الدول في دوامة العنف .
والسؤال الذي يطرح نفسه ما السبب بتدخل الغرب لوقف الحرب البوسنوية والكوسوفو بمشاركة عسكرية خلال اعلانهم الحرب  على صربيا هل لأن ضمير الغرب قد استقيظ جراء المذابح التي تعرض لها البوسنيون . فيرى خبير شئون الحرب النفسية والتاريخ الاوروبي بجامعة هومبولدت البرلينية شتيفان تسيمرمان ردع الاوروبيون وحلف شمال الاطلسي / الناتو / لصربيا جاء منعا لنشوب حرب شبيهة بالحرب العالمية الاولى التي كانت الحرية سبب اندلاعها الرئيسي وبالتالي لعدم قيام دويلة اسلامية حقيقية بقرب اوروبا تكون بمثابة ارخبيل اسلامي اوروبي تركي عربي فاوروبا تخاف من عودة الحياة للرجل المريض ، يعني الدولة العثمانية من جديد .
أما عدم التدخل عسكريا ضد نظام بشار أسد حفاظا على الكيان الصهيوني  على أرض فلسطين فاليهود في اوروبا عانوا الكثير من ويلات العنصرية المسيحية في اوروبا منذ القرون الوسطى ولا يريدون عودة تاريخ الى الوراء من جديد .
ولاجل الشفاء من الازمة النفسية ووخز الضمير في سوريا فعلى اوروبا التعاون مع الدول الاسلامية وذلك من خلال دعمها لعمل عسكري لتلك الدول في سوريا للابقاء على البقية الباقية من الشعب السوري والدعوة لحوار ديني قبل ان يستفحل أمر / داعش / .