الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا - مغامرات بوتين الطائشة في أوروبا والشرق الأوسط

ألمانيا - مغامرات بوتين الطائشة في أوروبا والشرق الأوسط

10.02.2016
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين 09‏/02‏/2016
منذ مغادرته منصب رئاسة الوزراء وعودته رئيسا لبلاده في ايار/ مايو من عام 2012 ، يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جراء سياسته إثارة غضب أوروبا وخاصة المانيا ، فالتدخل الروسي في اوكرانيا وسلخ شبه جزيرة القرم عن الدولة المذكورة عام  2014 وتحريضه متعاطفين مع روسيا بالشرق الاكراني المتاخم لروسيا الاتحادية استقلال مناطقهم عن اوكرانيا المركزية  هو من اجل إثارة المانيا وتركيا ايضا ، فقد كان هناك  حروب كثيرة بين دولة الخلافة الاسلامية العثمانية وروسيا القيصرية بسبب اوكرانيا ،ووقوع حرب بين روسيا والغرب بسبب الدولة المذكورة لا يعتبر شذوذا ، فروسيا ترى باوكرانيا من اراضيها بالرغم من إجماع علماء التاريخ والجغرافيا بان ادعاءات روسيا غير صحيحة  ولكن حب النفوذ على اوروبا والعالم يقود روسيا الى مغامرات طائشة .
وهناك في اوروبا احزاب تؤيد روسيا ، ففي المانيا حزب / حركة التضامن الشعبي / وهو حزب مغمور ترأسه هيلجا تسيب لاروش زوجة السياسي الامريكي ليندون لاروش / 94 عاما / الذي قام بترشيح نفسه لمنصب الرئاسة الامريكية مرات عديدة دون نجاح ، وجل اعضاء هذا الحزب من الحركة الماسونية الموجودة ضمن لائحة / المنظمات السرية /,  ويعتقد هذا الحزب ان قيام وحدة بين المانيا وروسيا لقيادة اوروبا  والسيطرة على الشرق الاوسط هو  من اجل احلال السلام فيه . كما ويحظى بوتين بتأييد شعبي من الاحزاب القومية المتطرفة في المانيا وبولندا وهنغاريا والنمسا والتشيك وغيرهم من الدول التي بدأت  قوة  الاحزاب القومية المتطرفة بزيادة مضطردة .
وبالرغم من  نجاح جهود الدبلوماسية الالمانية من وقف اطلاق النار في الشرق الاوكراني الا انه يعتبر هشا واستطاع بوتين من خلال هدوء الوضع الحذر في الشرق الاوكراني مستغلا  في الوقت نفسه جهود المانيا من اجل تجاوز ازمة تدفق  اللاجئين التدخل عسكريا بشكل رسمي في سوريا  الى جانب بشار اسد وذلك من اجل إخضاع الغرب لسياسته واهانة المانيا في عقر دارها بدون حرب يعلنها الكرملين على برلين الذي يقف وبتأكيد أجهزة المخابرات الدولية وراء تدفق الالاف من اللاجئين السوريين والعراقيين وغيرهم من الافارقة والافغانيين على اوروبا .
وينظر خبراء السياسة الروسية والشرق الاوسطية والعلاقات بين اوروبا وروسيا نظرة قلق الى سياسة بوتين في سوريا واوروبا ، فهو يريد الاحتكاك بحلف شمال الاطلسي / الناتو / عبر تركيا بالتعاون مع ايران ودول وسط آسيا ، فالاتفاق النووي بين الدول المعنية بملف ايران النووي لم يكن ليتم لولا اتفاق تم بين طهران وموسكو على ان تقوم الاولى بنقل اليورانيوم الى موسكو لتخصيبه واعادته الى ايران من جديد مقابل اتفاق عسكري استراتيجي يكمن بابتلاع ايران دول منطقة الخليج العربي وتقاسم سوريا بين  ايران وروسيا وتقسيم تركيا بقيام دويلة للاكراد وذلك  للحيلولة دون قيام تحالف اسلامي يواجه ايران وروسيا ، فموسكو وبالرغم من علاقتها المذبذبة مع السعودية تخشى من سياسة خادم الحرمين الشريفين  الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أثبت قدرة الرياض بالتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد بلاده ودول الخليج من ايران واعلان الرياض على قيام تحالف اسلامي بمشاركة انقرة وغيرها سيلحق أضرارا تعيق تحقيق الكرملين أطماعه في الشرق الاوسط .
ويرى الاوروبيون من اعضاء لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الاوروبي مثل رئيسها ايلمار بروك ورئيس لجان السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني روبرت روتجين تحريضا خطيرا لموسكو على برلين التي تسعى لاعادة لحمة السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي من جديد ، فعملاء موسكو ببرلين استغلوا قصة  فتاة روسية من اصل الماني تبلغ من العمر ثلاث عشر عاما زعمت بانها تعرضت للاغتصاب من قبل اربعة شبان عرب اختطفوها تبين فيما بعد ان الفتاة لا تزال عذراءً وقصتها مختلقة ، هذه القصة قبيل اكتشاف كذب الفتاة كانت وراء هجوم وانتقادات لاذعة وجهها الكرملين بلسان وزير خارجيته سيرجي لافروف ضد المانيا متهما برلين بالعنصرية وغير ذلك بل قاد متعاطفون من القوميين المتطرفين ، النازيون واعضاء من حزب البديل لالمانيا ، مظاهرة أمام دائرة المستشارية الالمانية يوم 30 من كانون ثان/ يناير المنصرم يطالبون المستشارة انجيلا ميركيل بالاعتدار والركوع امام فلاديمير بوتين ، ويطالبون الحكومة الالمانية التعاون مع موسكو بشكل مطلق ضد قيام اي تحالف اسلامي عسكري لمواجهة الارهاب . وترى الحكومة الالمانية تحريض موسكو على برلين مؤامرة عليها ، بينما يرى خبراء السياسة الروسية تدخل موسكو عسكريا الى جانب النظام السوري مؤامرة خسيسة على الشعب السوري والسعودية وتركيا على حسب رأي خبير السياسة الروسية بالجمعية الالمانية للسياسة الخارجية شتيفان مايستر الذي رأى يعنجهية الرئيس الروسي بوتين في الشرق الاوسط واوروبا تنفيذا لآراء  المفكر الامريكي صموئيل هونينغتون  في كتابه / صراع الحضارات / ضرورة تعاون وثيق بين روسيا واوروبا لمواجهة المد الاسلامي .
ويرى خبراء السياسة الروسية اضافة الى شتيفان مايستر خبير الشئون السياسة الدولية الامريكي جودي ديمبسي من معهد  السياسة الدولية الاوروبية في بروكسل ومعهما عضو لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني رودريش كيزيفيتر ان سياسة بوتين التي ينتهجها في اوروبا وسوريا والشرق الاوسط صرف اهتمام الروس عن اوضاعهم الداخلية الى السياسة الخارجية لبلادهم فالعقوبات الاقتصادية التي ينتهجها الاوروبيون ضد موسكو جراء تدخلها في اوكرانيا ساهمت الى حد كبير بضرب الاقتصاد الروسي  ولا بد من معاقبة الاوروبيين بسياسة تدخل الكرملين بالسياسة الداخلية لاوروبا  تكمن بتهجير السوريين من بلادهم الى اوروبا وخاصة الى المانيا وتقارب موسكو مع الدول الاوروبية الشرقية  العضوة بالاتحاد الاوروبي تشجعهم على عدم استبعاب لاجئين وتأكيدهم ان المانيا هي الوحيدة المسئولة عنهم مع فرنسا ودول اسكندنافية أخرى وبالتالي فارتفاع نبرة المطالبة بالغاء اتفاقية شنيعين هي من اجل طعنة نجلاء  للحركة الاقتصادية في اوروبا الغربية  ولا سيما المانيا التي بقيت بمنأى عن اي نكسة اقتصادية .
وبالرغم من تدهور العلاقات بين المانيا ومعها تركيا وبعض الدول الاوروبية وبين روسيا الا ان هناك من يؤيد السياسة الروسية ويدعو الى حوار فعال مع بوتين ، فالى جانب القوميين المتطرفين مثل زعيمة الحرب البديل لالمانيا فراوكه بيتري  ونائبتها بيئاتريكس فون شتورش / شتورش معناها باللغة العربية  صعلوك / وزعيم الحزب النازي  الالماني عضو البرلمان الاوروبي اودو فوجت والشيوعي السابق يورجين ايلزيسسَر الذي يعتبر رجل بوتين ببرلين والذي أشار بمحاضرة القاها في وقت سابق من تشرين ثان / نوفمبر عام 2015 الماضي ببرلين بمشاركة زعماء النازية الاوروبيين ان عاصمة الاتحاد السوفييتي السابق لن تكون  موسكو بل بروكسل ، ايضا اعضاء من الاحزاب الشعبية مثل رئيس وزراء ولاية برانديبنورج ورئيس الحزب الديموقراطي الاشتراكي سابقا ماتياس بلاتسيك الذي يراس جمعية الصداقة الالمانية الروسية الذي يعتقد بان الغاء العقوبات الاقتصادية ضد موسكو ستساهم انهاء بوتين لسياسته التعسفية .
بوتين ينتهج مغامرة خطيرة ستؤدي الى حرب تكون نتئجها لغير صالح روسيا فالزعيم النازي ادولف هتلر اجتاح بولندا وحارب الاوروبيين وكانت نهايته الانتحار وتقسيم المانيا واجتياح بوتين لاوكرانيا وسوريا والتحرش بالسعودية وتركيا بالتعاون مع ايران ستنتهي ايضا لعواقب وخيمة ربما تؤدي الى انهيار روسيا الاتحادية  فالمسلمين ببلاد القوقاز مثل الشيشان وداغستان ووتارستان وغير ينتظرون الفرص للانقضاض على موسكو .