الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أمريكا والنفوذ الروسي

أمريكا والنفوذ الروسي

29.10.2018
صادق ناشر


الخليج
الاحد 28/10/2018
هل يمكن لروسيا أن تنافس الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط؟، وهل تملك القبول في المنطقة، كما كانت الولايات المتحدة قبل عقود، وهل تتغير التحالفات ونظرة الدول في المنطقة لدور الدول الكبرى؟.
منذ فترة ليست قصيرة بدأت الولايات المتحدة تتحدّث عن زيادة التأثير الروسي في منطقة الشرق الأوسط، وجاءت تصريحات وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس التي أدلى بها أمس أمام المشاركين في "حوار المنامة"، وهو مؤتمر الأمن الذي يُعقد سنوياً في البحرين، أن "وجود روسيا في المنطقة لا يمكن أن يحل محل الالتزام الطويل والدائم والشفاف للولايات المتحدة حيال الشرق الأوسط"، لتشكل دليلاً على أن روسيا تحوّلت إلى لاعب رئيسي ومهم في المنطقة، خاصة بعدما عزّزت نفوذها في سوريا، بفضل انتصاراتها العسكرية لمصلحة النظام السوري، وهو ما أشار إليه ماتيس.
لكن المسؤول الأمريكي فاتته الإشارة إلى أن دول المنطقة لم تجد في بلاده الحليف الذي يمكن الوثوق به، فلم تقدّم الولايات المتحدة لهذه الدول سوى الوعود، أما الدعم السياسي والعسكري الحقيقي فيذهب إلى "إسرائيل"، التي تضخّم حضورها خلال السنوات القليلة الماضية، وتحوّلت إلى دولة باطشة بفعل الدعم الذي تقدّمه الولايات المتحدة في كل المحافل الدولية، خاصة في الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها.
ما الذي يخيف الولايات المتحدة من النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط؟، ولماذا بدأت مؤخراً الإكثار من الحديث عن هذا النفوذ، بل والتحذير منه؟.
من المهم الإشارة إلى أن واشنطن لم تعد تلك الدولة التي صارت تقرّر مصير المنطقة وحدها، كما كان عليه الحال قبل سنوات، بالتحديد منذ مجيء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السلطة، إثر مغادرة بوريس يلتسن السلطة مطلع عام 2000.
كان من الواضح أنه منذ تحوّل بوتين إلى صاحب القرار في الكرملين، تغيّرت قواعد اللعبة في المنطقة كجزء من العالم، لكن التحوّل الأكبر كان في الحرب السورية، التي بدأت عام 2011، وصارت في طريقها إلى الانتهاء، فقد تحوّلت بوصلة روسيا بشكل أكبر إلى منطقة الشرق الأوسط، ولعبت أدواراً بارزة، دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة النظر في التعاطي معها، خاصة أن الدعم الأمريكي ل"إسرائيل" لم يتوقّف، ما غيّر قناعات الناس تجاه الاعتماد على صداقة الولايات المتحدة، للوصول إلى حل عادل لقضية الشرق الأوسط، وبالذات منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الذي اتخذ قرارات لم يجرؤ أي رئيس سابق على اتخاذها، من بينها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وطرد البعثة الفلسطينية من واشنطن، ووقف الدعم على قلّته، الذي كانت تقدّمه واشنطن لوكالة غوث اللاجئين، وغيرها، والسؤال هو: أبعد كل هذا، هل يحق للولايات المتحدة أن تتخوّف من تزايد التأثير الروسي في المنطقة، أم بات عليها أن تتعايش مع نفوذ روسي يتعاظم يومياً؟.