الرئيسة \  تقارير  \  “أمواج بشرية” تجمع معلومات صغيرة! هكذا تعمل الاستخبارات الصينية

“أمواج بشرية” تجمع معلومات صغيرة! هكذا تعمل الاستخبارات الصينية

27.12.2021
نهاد زكي


ساسة بوست
الاحد 26/12/2021             
تسود اليوم الكثير من الأساطير عن جهاز الاستخبارات الصينية، وكيف تمكنت الصين في غضون نصف قرن من تأسيس واحد من أكثر أجهزة الاستخبارات كفاءة وتعقيدًا في العالم، بعد أن تمكن الجهاز من تحقيق تفوق في عمليات نوعية على الاستخبارات الأمريكية، في وقت استطاع فيه تحويل قطاعات واسعة من المواطنين إلى جواسيس لصالح “الحزب الشيوعي الصيني”.
فأصبحت هناك أمواج بشرية لا حصر لها قادرة على جمع المعلومات، مثل قطع الفسيفساء الصغيرة، التي تصب جميعها داخل شبكة بيانات واحدة، تُعالج وتُحلل المعلومات المكتسبة من أجل الوصول إلى صورة أكثر دقة عن أعدائها سواء في الداخل أو في الخارج، لكن ما الذي تعرفه نشأة هذا الجهاز وعن العقل الذي وراءه؟ هذا ما نتناوله في السطور التالية.
من “خصيان البلاط” إلى الشيوعيين.. 5 آلاف عام من التجسس
إذا كان التجسس يعد من أقدم المهن في العالم؛ إذ يستخدم الجواسيس منذ قديم الأزل لجمع المعلومات السرية ونقلها إلى رجال الحكم، فإن الصين ذات التاريخ القديم الذي يعود لأكثر من 5 آلاف سنة كانت من الدول الرائدة في ذلك، فقد كان التجسس واسع الانتشار منذ بدايات الإمبراطورية الصينية؛ وذلك عن طريق منظمات الخدمات السرية المنتشرة في أنحاء البلاد، والتي كانت تحت قيادة الإمبراطور ذاته للتجسس على الرعايا والجماعات المعارضة في البلاد، ويديرها “خصيان البلاط”؛ إذ كان “إخصاء الذات” وسيلة للحصول على عمل في الخدمة الإمبراطورية.
ففي كتابه “فن الحرب” يلقي الفيلسوف الصيني سون تزو الضوء على مجموعة من المبادئ العسكرية التي كتبت قبل 600 عام قبل الميلاد؛ ويتناول في أحد أجزائه أقدم التعريفات التجسس، قائلًا: “بأنه المعرفة المسبقة بأحوالِ العدو”.
وقسم تزو حينها الجواسيس إلى أنماط مختلفة، بعضها يستهدف الأحياء السكنية للعدو، والبعض الآخر الضباط المنشقين، وآخرين يثيرون الشائعات، كل هذا بهدف جمع المعلومات الدقيقة؛ إذ نصح هذا المنظر الصيني القادة باستخدام الجواسيس في شتى المجالات ليتمكنوا من كسب معاركهم.
واستمر هذا الوضع حتى ثورة عام 1911، التي أطاحت الإمبراطور الصيني، وأسست “الجمهورية” تحت قيادة صن ياتسن وشيانج كاي شيك، وهي الثورة التي استخدم فيها صن ياتسن حينها صلاته لجمع المعلومات عن الإمبراطور والسلالة الحاكمة من أجل الإطاحة بهم.
وبعدما أصبح شيانج كاي شيك أول رئيس للبلاد عام 1928، أنشأ “البوليس السري” الذي حاز شهرة واسعة أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، عندما تولى داي لي إدارة الجهاز الاستخباراتي، وقد عُرف عنه حينذاك أنه “الرجل الأكثر رعبًا في الصين” فقد صعد إلى أروقة الحكم عن طريق تمرير تقارير استخباراتية إلى شيانج كاي شيك عن الشيوعيين الذين كان من ألد أعدائهم.
وتفتح فترة قيادة داي لي نافذة على التاريخ السري للعصر الجمهوري الصيني ما قبل الثورة الشيوعية، وهي الفترة التي تعاون فيها كلٌ من جهاز الخدمات السرية الصيني والاستخبارات الأمريكية لمقاومة الغزو الياباني في ثلاثينات القرن الماضي والوقوف أمام المد الشيوعي لاحقًا، ورغم ذلك لم يتكون الشكل الهيكلي الحديث للاستخبارات الصينية، إلا على يد الشيوعي كانج شنج في أربعينات القرن الماضي، بعد قيام الثورة الشيوعية عام 1946، وإعلان “جمهورية الصين الشعبية” تحت قيادة ماو تسي تونج عام 1949.
وكان يطلق على الجهاز الاستخباراتي حينذاك “إدارة الشئون الاجتماعية”، وقد لعب الاتحاد السوفيتي في تلك الفترة دور “الأب الروحي” لجهاز الاستخبارات الصينية، نظرًا للخلفية الشيوعية المشتركة؛ إذ جرى هيكلة جهاز الاستخبارات الصينية الناشئ على نهج جهاز الاستخبارات الروسي “KGB”، وقد أمدت روسيا الصين في فترة الخمسينات بدعم الاتصالات الإستراتيجية في القسم التقني.
كان ذلك قبل أن يتهم السوفييت الصين في سبعينات القرن الماضي بالقيام بأنشطة استخباراتية تخريبية داخل الاتحاد السوفيتي، خلال ما عرف بفترة “حرب الجواسيس” السوفيتية – الصينية؛ إذ نشرت بعض الأوراق الاستخباراتية الروسية عام 1976 معلومات عن تحوّل الصين أيديولوجيًا إلى اليمين، وأنها أصبحت معادية بشكلٍ علني للاتحاد السوفيتي.
الاستخبارات الصينية
وظلت أنشطة الاستخبارات الصينية حتى منتصف الخمسينات من القرن الماضي تقتصر على الشئون الداخلية للبلاد، وهي الفترة التي توسعت فيها شبكة الاستخبارات لتشمل نشاطاتها الشؤون الخارجية؛ إذ تحولت “إدارة الشئون الاجتماعية” في الصين إلى “إدارة التحقيقات المركزية”، التي كانت مسؤولة عن جمع المعلومات من كل السفارات الصينية خارج البلاد؛ إذ جرى استغلال السفارات والدبلوماسيين استخباراتيًا.
بحلول عام 1971 جرى حل “إدارة التحقيقات المركزية” أثناء الثورة الثقافية الكبرى – وهي ثورة تطهير الحزب الشيوعي من ممثلي البرجوازية – بدأت عام 1966 واستمرت عقد كامل حتى منتصف السبعينات، وصعود دنغ شياو بينج لرأس السلطة، حينذاك جرى الاستغناء عن خدمات السفارات بالخارج في التجسس، واستبدال عملائها بالصحافيين ورجال الأعمال، والذي كان يعد نهجًا جديدًا للعمل الاستخباراتي الصيني، وحاليًا لا يتدخل جهاز الاستخبارات الصيني رسميًا إلا في 7% من العمليات الاستخباراتية، وباقي العمليات يجري تنفيذها بطريقة غير رسمية.
كان بينج يرغب في تهيئة الصورة العالمية لبلاده بعد الثورة الثقافية لتتمكن من مواكبة الغرب، عن طريق توسيع قدرات البلاد الاقتصادية والعسكرية؛ وهو الأمر الذي كان يستدعى إعادة هيكلة نظام الاستخبارات بأكمله، وفي عام 1983 عمل دنج شياو بينج على دمج “إدارة التحقيقات المركزية” مع وحدات مكافحة التجسس في جهاز واحد هو “وزارة الأمن العام”، لتصبح هذه الوزارة جهاز الاستخبارات الرئيسي في الصين، وتنتظم تحتها جميع الهياكل الاستخباراتية الرسمية وغير الرسمية في البلاد، وهي جهة منفصلة عن الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الصيني والتي تخضع لإشراف الحزب الشيوعي الصيني ذاته.
هل تفوقت الاستخبارات الصينية على المخابرات الأمريكية؟
في ديسمبر (كانون الأول) 2021 أعلنت وكالة الاستخبارات الأمريكية أنها بصدد العودة إلى أساليب الحرب التقليدية فيما يتعلق بالصين؛ فبعد عقود من تركيز العمليات الاستخباراتية على “مكافحة الإرهاب”، ترى “وكالة المخابرات المركزية (CIA)” أنه حان الوقت لتركز جهودها في مواجهة خصومها، مثل الصين وروسيا.
كانت الصين قد نجحت خلال الأعوام الأخيرة في اختراق جهاز الاستخبارات الأمريكية أكثر من مرة؛ ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 أدانت محكمة أمريكية ضابطًا في المخابرات الصينية بالتآمر لسرقة أسرار من شركات طيران أمريكية، وهو الضابط شو يانجون الذي قُبض عليه في بلجيكا عام 2018 بعدما استهدف موظفين في عدة شركات مقرها الولايات المتحدة، ويعد يانجون العميل الصيني الأول الذي يجري تسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمحاكمته.
وفي عام 2018 صرحت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية بأن الاستخبارات الصينية كانت قادرة عام 2010 على تدمير شبكة الاستخبارات الأمريكية السرّية في الصين بالكامل، في لغزٍ حيّر وكالة “CIA” بعدما تحوّل مخبريهم وجواسيسهم في الصين إلى السجن أو ساحات الإعدام.
وكان اصطياد الصين لعملاء الـ”CIA” يعد أكبر فشلًا حينها لوكالة الاستخبارات الأمريكية التي عجزت حتى عن معرفة طريقة الاختراق الذي حدث لأجهزتها الأمنية، وجعل الصين قادرة على كنس عملائهم من البلاد واحدًا تلو الآخر، وكأنهم قطع دومينو؛ وذلك بعدما زرعت واشنطن عيونًا لها في كل مكان داخل أروقة السلطة الصينية، وكانت قادرة على جمع معلومات شاملة حول طريقة عمل الحكومة الصينية، لكن فجأة اختفت مصادر تلك المعلومات تباعًا بحلول عام 2011.
وكانت النيويورك تايمز أول من نشر عام 2017 عن حادثة إعدام أكثر من 20 فردًا من عملاء مكتب الاستخبارات الأمريكية في الصين، وهو ما أشار إليه تقرير “فورين بوليسي” أن كشف العملاء كان نتاجًا لاستخدام أحد برامج الحماية للتواصل فيما بينهم، وكانت المخابرات الأمريكية تظن أن برنامجها لا يمكن اختراقه، إلا أن الاستخبارات الصينية تمكنت من اختراق البرنامج، وتحديد وهويات العملاء دفعة واحدة.
نستطيع أن نفهم من هنا طبيعة الصراع الدائر ما بين الاستخبارات الصينية والأمريكية منذ أن أصبحت الصين قوى عظمى، قادرة على اختراق أنشطة المخابرات الأمريكية، سواء من خلال العملاء أو الاختراق التقني، بعدما اعتبرت الولايات المتحدة أن القرصنة الصينية هي الخطر الأكبر الذي تواجهه، وذلك لأن بكين لا تستخدمها فقط لكشف الأسرار الأمريكية، ولكنها تستفيد من هذه الأسرار في تكنولوجيتها، بما في ذلك تكنولوجيا الأسلحة.
تقرير موقع ميدان عن الاستخبارات الصينية
ومن جهة أخرى، نجح جهاز الاستخبارات الصينية، في تحويل قطاعات واسعة من الشعب إلى جواسيس على استعداد لجمع المعلومات حتى عن ذويهم وأقاربهم، وساعد على ذلك الجذور القومية العميقة لدى الشعب الصيني، والتي تجعلهم فخورين دائمًا بقوميتهم، وعلى استعدادٍ لتلبية نداء وطنهم الأم في أية لحظة.
كما ساهم في ذلك أيضا ارتباط جميع الصينيين بوحدات العمل الشيوعية (دانوي) التي يندرج تحتها كل مؤسسات العمل في الدولة من المصانع وحتى المستشفيات والمدارس والدوائر الحكومية، وتحتوي تلك الوحدات قسمًا أمنيًا لديه معلومات وملفات عن جميع الأفراد، وطالما كان الصيني عضوًا في وحدات العمل تلك فهو مطالب بتنفيذ أية مهمة استخباراتية تطلب منه.
إذا أردنا تحليل الطرق التي تتبعها الاستخبارات الصينية في التجسس، نجدها لا تخرج عن ثلاثة إستراتيجيات: الأولى يطلق عليها تلك إستراتيجية “الأمواج البشرية”، وهو النظام المعني باستخدام شبكة بشرية واسعة النطاق، يعمل كل منهم على جمع أجزاء صغيرة من المعلومات التي قد تبدو وحدها ليست ذات قيمة فيما يشبه قطع “الفسيفساء”، لكن عند جمعها معًا لدى أجهزة المخابرات يتكون لديهم صورة كبرى أكثر دقة.
أما الإستراتيجية الثانية التي تستخدمها الصين وتعرف بـ”إستراتيجية أسماك المحيط” فهي تعتمد على استخلاص المعلومات من المواطنين ذوي الأصول الصينية في جميع أنحاء العالم، والثالثة، هي إستراتيجية ترتبط بتجنيد العملاء الأجانب. كل هذا يجعل الصين دولة قادرة على جمع كم هائل من المعلومات المكتسبة، في شبكة بيانات ضخمة، والتي عن طريق تحليلها يتكون لدى الجهاز رؤية أعمق وأكثر دقة عما يبحثون عنه.
هل تعتمد الاستخبارات الصينية في عملياتها على “الهواة”؟
.على الرغم من سمعة جهاز المخابرات الصيني التي جعلته مهابًا في أغلب الدول بما فيهم الولايات المتحدة، بسبب عملياته الناجحة في الخارج؛ فإن هناك بعض التقارير الأمريكية، ومنها تقرير المنصة التابعة لـ”Texas NAtional Security review”، تشير إلى أن جهود جمع المعلومات في الصين تجعلها تبدو وكأن من يقوم بها “هواة”، خاصةً بعدما استغنت الصين عن الجواسيس المحترفين، ولجأت لإستراتيجيات من قبيل: “الأمواج البشرية”، و”أسماك قاع المحيط”، ويشير التقرير إلى أن أغلب العمليات الاستخباراتية الصينية السريّة التي تجري بعيدًا عن “وزارة أمن الدولة”، ربما ليست بالصورة المبالغ التي يراها المحللون، والتي أثارت ذعر المسؤوليين الأمريكيين في ثمانينات القرن الماضي.
الصين والولايات المتحدة الأمريكية
تعمل “مخابرات التنين الصيني” منذ الثمانينات بطريقة تشبه الفسيفساء في جمع المعلومات، لذا فقد فوجئ مكتب التحقيقات الفيدرالي بعدد هائل المواطنين الصينيين الذين يجمعون المعلومات، التي تبدو في ظاهرها عشوائية، ودون توجيه من جهاز الاستخبارات الصينية.
فقد كانت أعداد الصينين كبيرة وغير معروف عنهم أنهم من عملاء الاستخبارات الصينية يعملون على جمع المعلومات، بما تسبب في إثارة الذعر بين المسؤولين الأمريكيين؛ إذ كان ذلك يشمل الشركات الصينية والمدنيين والأكاديميين، وحينها، بدأ مكتب “التحقيقات الفيدرالي بالولايات المتحدة الأمريكية (FBI)” يشكو من مئات القضايا المتعلقة بالتجسس المُحتمل من طرف الصين؛ إذ حاولت الأخيرة اختراق الحكومات الأجنبية، وتجنيد المسؤولين واستخدام الموظفين المتقاعدين ضد زملائهم السابقين.
ويرجع الشعور بالتهديد الصيني إلى حجم الاستخبارات الصينية والخوف من تأثيرها المحتمل على أمن الولايات المتحدة، خاصةً أن هناك تطورًا في عمل الاستخبارات الصينية؛ فبحسب التقرير فمن وقت لآخر تظهر عمليات أكثر تعقيدًا لهذا الجهاز، لكن هذا يبقى مرهونًا بأن تسعى بكين لتطوير طرقها الاستخباراتية، فمع رغبات الصين التوسعية وازدياد أعداد الصينين المقيمين بالخارج ستحتاج الصين لعمليات أكثر تطورًا، حتى لا تصبح أنشطتها متوقعة وتخضع للمراقبة من طرف الحكومات المنافسة لها.
دولة “المراقبة الفائقة”.. الجميع يراقبون الجميع في الصين
في أعقاب “حرب الأفيون الأولى” 1840-1842 شهدت الصين ما أسمته “قرن الذل”؛ إذ تزايد الوجود الأجنبي في البلاد – مثل ألمانيا وروسيا – وتمكنوا من تكوين مناطق نفوذ لهم لفترة طويلة؛ وهو الأمر الذي وضعه “الحزب الشيوعي الصيني” على رأس أولوياته بعدما سيطر على البلاد. ولأن النفوذ الأجنبي لا يعمل إلا من خلال وكلاء محليين، فقد كان أكثر ما يسيطر على العقل الاستخباراتي الصيني وقتها هو السيطرة على الشعب.
عن ذلك يشير دكتور ماثيو برازيل، الذي عمل ضابط استخبارات بالجيش الأمريكي في آسيا لأكثر من 20 عامًا، إلى أن ذلك هو السبب الرئيس وراء اهتمام الصين بالسيطرة على صورتها في الخارج، واصفًا إياه بأنه ضرب من جنون العظمة؛ إذ أخذوا يثيرون الشك بين أفراد الشعب حول الوجود الأجنبي في البلاد، وتضخيم الوجود الفعلي للجواسيس في الصين، من أجل إحكام السيطرة العاطفية على الجماهير.
وساعد ذلك الحزب الشيوعي في قمع الأعداء السياسيين وتنفيذ حملات لمكافحة التجسس، كانت أغلبها عمليات “إنذار مبكر”، لتثبيت صورة معينة بالخارج، وهي أن جهاز الاستخبارات الصيني يختلف عن أجهزة استخبارات الدول الأخرى.
ناقش ماثيو برازيل النشاطات الأولى في حياة الاستخبارات الصينية في كتاباته، وتحديدًا أول عملية استخبارات مضادة والتي قام بها الحزب الشيوعي داخل الحزب القومي الصيني المعروف بـ”الكومينتانج” إبان فترة حكم شيانج كاي شيك؛ إذ تمكن الحزب الشيوعي حينها من زرع ثلاثة عملاء شيوعيين، حصلوا على مناصب بارزة في جهاز المخابرات الوطنية التابع للحكومة المركزية حينذاك، وسمحت هذه الاختراقات للشيوعيين بالحصول على معلومات استخباراتية لتجنب اعتقال أعضاء الحزب في الفترة بين 1929-1931.
فبعدما أحكم الحزب الشيوعي قبضته على البلاد بعد عام 1949، أنشأ وحدات حكومية جديدة تقوم بعمل الشرطة السرية في تتبع المنشقين السياسيين وتحركات الأجانب داخل الصين، لكن لم تتبلور عمليات الاستخبارات الصينية في الخارج قبل إنشاء وزارة أمن الدولة في ثمانينات القرن الماضي؛ عندما بدأت الوكالة في نشر عملائها بالخارج.
وعلى الرغم من تعدد العمليات الاستخباراتية الناجحة للصين بالخارج، فإن ماثيو برازيل يلقي الضوء على عملية تخلص الصين من أكثر من 12 عميلًا لـ”CIA” عام 2010؛ كونه تتويجًا لنجاح المخابرات الصينية. هذا إلى جانب الاختراقات الصينية لقواعد بيانات أكثر من 22 مليون مواطن أمريكي عام 2015، والذي يعد من أعتى الهجمات السيبرانية.
لكن المثير فعلًا في حديث ماثيو برازيل هو ما أصبحت عليه الصين من دولة فائقة القدرة على “المراقبة”، فهي تستخدم الذكاء الاصطناعي، وبرامج معالجة البيانات في عمليات مكافحة التجسس، لدرجة أن الحكومة الصينية قد أنشأت نظام ائتمان اجتماعي يصنف جدارة المواطنين بالثقة، بمقدار ولائهم للحزب الشيوعي الصيني.