الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا.. إلى أين ؟!

أميركا.. إلى أين ؟!

21.09.2015
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاحد 20/9/2015
لولا ميوعة الموقف الأميركي وتردده بالنسبة للأزمة السورية, التي كان بالإمكان معالجتها قبل أن تصبح على ما هي عليه الآن «فالج لا تعالج», فلما وصلت عربدة الروس إلى هذا المستوى الذي يجب أن يُذكِّر باراك أوباما وإدارته بصراع المعسكرات وبالحرب الباردة التي بلغت ذروتها في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي والتي هناك مؤشرات على أنها «عائدة» ولكن بصورٍ وأساليب مختلفة عن الصور والأساليب السابقة !
الآن أصبح الموقف الروسي واضحاً ومكشوفاً فموسكو أصبح لها ليس قاعدة واحدة وإنما قواعد على السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط ولعل ما يجب أن يفهمه ويدرك أبعاده أوباما ووزير خارجيته جون كيري هو أنْ تُجْري روسيا المناورات التي قررت إجراءها في «المياه الدافئة» والتي مهما حاول البعض التقليل من أهمية وخطورة هذا التطور إلَّا أنه يعني أن بوتين قد انتقل من مرحلة المناورات إلى مرحلة الهجوم وأنه من غير المستبعد أن يتجرأ ويضع أصبعه في عين أميركا خلال فترة قادمة قريبة.
ما الذي من الممكن أن يفعله الرئيس الأميركي باراك أوباما ردّاً على تحديات فلاديمير بوتين المتصاعدة بعدما كشف أوراقه مبكراً وأثبت بالأدلة القاطعة, إنْ في سوريا وإنْ في العراق وإنْ في هذه المنطقة كلها, أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بالشرق الأوسط وأنَّ رهانها أصبح على الشرق الأقصى وأنها بناءً على ذلك بدأت مرحلة الانكفاء على الذات التي هي في حقيقة الأمر قد بدأت مع بداية عهد هذه الإدارة التي تخلت عن أصدقائها قبل أن تتمكن من تحييد أعدائها !
كان الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان قد أطلق تصريحاً مدويّاً في بدايات ولايته الأولى, أي في بدايات ثمانينات القرن الماضي, قال فيه «وداعاً للشيوعية» وحقيقة أن كثيرين لم يصدقوه واعتبروا أنَّ هذا مجرد نزوة عابرة لرئيس ما يزال متأثراً بمهنته السابقة كممثل سينمائي لكن وخلافاً لهؤلاء «وللكثيرين» فقد ثبت أنه كان يتحدث بالاستناد إلى معلومات وأن الاتحاد السوفياتي قد انهار بعد نحو عشرة أعوام فقط وإن ما يسمى المنظومة الشيوعية والاشتراكية لم يعد لها أي وجود اللهم باستثناء الصين التي أصبحت لها تجربتها الوطنية الخالصة وكوريا الشمالية التي لا يمكن وصفها إلا بأنها تقف على رجْل واحدة.
إنه معروف أن روسيا تعاني من أوضاعٍ اقتصاديةٍ سيئة وأنها متورطة في مشكلة أوكرانيا التي تشكل استنزافاً فعلياً وحقيقياً لها وبخاصة في المجال الاقتصادي ثم وإنه معروف أن اكتشافات الغاز الهائلة ستشكل تحديّاً فعلياً لها على اعتبار أن هذه الاكتشافات ستصبح منافساً لما تصدره من هذه الطاقة لأوروبا وبخاصة لألمانيا لكن ومع ذلك ورغم ذلك فإنه لا بد من الأخذ بالاعتبار أن السياسة كما هي الطبيعة تكره الفراغ وإنه عندما تتراجع الولايات المتحدة في هذه المنطقة فإن البديل الجاهز, كما هو واضح, هو الروس وليس غيرهم !
كان هناك من بقي يقول ومنذ بداية انفجار الأزمة السورية أنَّ ترْك التحالف الروسي – الإيراني يفعل في هذا البلد المحوري المأثر ما يريده سوف تكون عواقبه وخيمة وحقيقة أن ضعف الإدارة الأميركية (الديموقراطية) وتردد رئيسها باراك أوباما قد أغرى الإيرانيين والروس بالتمادي كثيراً وجعلهم ينتقلون من حالة الدفاع السابقة إلى حالة الهجوم الحالية ومن التواجد العسكري الفاعل والمؤثر إلى إقامة القواعد العسكرية الإستراتيجية.. ويقيناً أن النتائج, نتائج كل هذا, ستكون كارثية إن لن يبادر الأميركيون إلى انعطافة سريعة بمشاركة بعض الأوروبيين, إن ليس بالإمكان كلهم, ومشاركة كل أو بعض الدول العربية المعنية !