الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا الكيميائية وروسيا النووية

أميركا الكيميائية وروسيا النووية

22.09.2013
سميح صعب


النهار
السبت 21/9/2013
اذا كان من الطبيعي الاستنتاج أن التفاهم الاميركي - الروسي على الكيميائي السوري قد اوجد البيئة الملائمة لدفع الحل السياسي في سوريا الى الامام، فإنه أوجد في المقابل مدخلاً لاعادة سبر غور العلاقات بين واشنطن وطهران، وتالياً ارتباط هذا الموضوع بالملف النووي الايراني واحتمالات حصول اختراق في قضية كانت هي الاكثر تعقيداً بين قضايا المنطقة خلال الاعوام العشرة الأخيرة.
ويبدو ان الحياة عادت الى المسارات السياسية إثر قرع طبول الحرب الاميركية على سوريا ورقص جميع الاطراف على حافة الهاوية بعدما قال الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الرئيس السوري بشار الاسد خرق خطاً احمر على خلفية اتهام الغرب لدمشق باستخدام الاسلحة الكيميائية في الغوطتين في 21 آب الماضي. لكن اوباما نفسه اصطدم بخط احمر روسي يرفض شن حرب على سوريا وتغيير النظام بالقوة. وولد التفاهم الاميركي - الروسي من رحم الخطين الاحمرين اللذين رسمهما اوباما وبوتين. وهكذا كانت تحصل التسويات ايام الحرب الباردة عندما كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق يتراجعان عن سياسة حافة الهاوية لئلا تتحول الحرب من باردة الى ساخنة.
وفي ظل التفاهم الجديد يمكن ان تصير طريق جنيف-2 سالكة. كما يمكن ان تنضج الظروف التي تؤمن تحقيق اختراق في الملف النووي الايراني. ولم يكن تبادل الرسائل المرنة بين اوباما والرئيس الايراني الجديد حسن روحاني محض مصادفة على رغم ما يعرف عن اعتدال القيادة الايرانية الجديدة واعتمادها خطاباً لا يتسم بالتشدد الذي كان سمة الرئيس السابق محمود احمدي نجاد. كل هذه التطورات التي تتسارع في منطقة الشرق الاوسط، تجري الان تحت سقف التفاهم الاميركي - الروسي، حتى الاشارات الصادرة عن بوتين في ما يتعلق بالسلاح النووي الاسرائيلي، تؤشر لكون الحديث في المنطقة يشمل اكثر من قضية وان كل الملفات في المنطقة مفتوحة على النقاش، وانه لن تكون هناك محرمات عندما تطرح مسألة جعل الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل.
وهنا يبدو الاتفاق الكيميائي وكأنه نقطة الارتكاز في عملية العبور بالمنطقة من حال الفوضى والاضطرابات التي تشهدها منذ نحو ثلاثة اعوام، الى عملية "تطبيع" تشمل كل المسارات الساخنة من سوريا الى المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية الى الملف النووي الايراني وخطاب التهدئة بين واشنطن وطهران.
واذا كانت لا تظهر بوضوح حتى الان معالم الطريق الى المرحلة المقبلة، فإنه لا يمكن الا تسجيل تمكّن التفاهم الاميركي -الروسي من منع حرب جديدة في الشرق الاوسط كانت على وشك الاندلاع، فضلاً عن التبدل الحاصل في اللغة على الأقل بين ايران والولايات المتحدة ومن ثم الجرأة الروسية على طرح الموضوع النووي الاسرائيلي في التداول.