الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا وإيران حليفتان... بعد عقدٍ!

أميركا وإيران حليفتان... بعد عقدٍ!

19.10.2013
سركيس نعوم


النهار
الجمعة 18/10/2013
لا شك في أن المشكلة الداخلية التي تسبب بها الصراع الدائر بين الرئيس الديموقراطي باراك أوباما والحزب الجمهوري وتحديداً نواته الصلبة والمتشددة وربما الحاقدة شغلت كثيراً الرأي العام الأميركي. لكنَّها حلّت وان جزئياً في الساعات الأخيرة من "المهلة" المعروفة، اذ توصل الديموقراطيون والجمهوريون من شيوخ ونواب الى اتفاق قد يصبح نهائياً خلال نحو ثلاثة اشهر، ولا يعرّض البلاد الى مشكلة مماثلة كالتي حصلت اذا تمكّن هؤلاء من التفاهم على القضايا الفعلية الخلافية وأبرزها قانون الضمان الصحي الذي حاز موافقة الكونغرس بمجلسيه في الولاية الأولى لأوباما، والذي لم يستطع الجمهوريون ومتشددوهم "هضمه" حتى الآن.
ولا شك أيضاً في أن أميركا واجهت في المرحلة نفسها قضية مهمة غير سهل ايجاد حل لها هي الخلاف المزمن بل العداء بينها وبين الجمهورية الاسلامية الايرانية. وقد انشغل الرئيس أوباما كما كبار مساعديه بها، الى انشغالهم بالقضية الداخلية الاقتصادية الطابع، وخصوصاً بعد "المرونة البطولية" التي أظهرها الشيخ حسن روحاني بعد انتخابه رئيساً في مقاربته الاعلامية أولاً، ثم العملية مع الولايات المتحدة ومع مجموعة الـ5الجمعة 18/10/20131 حيال كل القضايا الخلافية وفي مقدمها الملف النووي الايراني. وبدا بعد "اللقاء الهاتفي" بين أوباما وروحاني في نيويورك ثم الاجتماع بين وزيري خارجية أميركا وايران، كما بدا أمس بعد انتهاء اجتماع مجموعة الـ5الجمعة 18/10/20131 مع ايران في جنيف أن واشنطن وطهران سائرتان بمساعدة من المجتمع الدولي على طريق يمكن أن توصل الى تفاهم.
كيف ينظر الباحثون الأميركيون الى القضية الأخيرة هذه؟
يعتقد بعضهم أن أميركا لا تستطيع مواصلة العمل للتوصل الى تفاهم مع ايران الا اذا تخلت الأخيرة عن برنامجها النووي، وأن روحاني يعرف ذلك ويعترف به، لكنه يحتاج لكي يسوّق له داخل النظام في بلاده الى الغاء العقوبات الأميركية والدولية المفروضة عليها، والى عودة الاستثمارات الغربية اليها. ويعتقد البعض نفسه أيضاً أن الأمرين قابلان للتنفيذ في الظروف الراهنة إقليمياً ودولياً وايرانياً. ولن يعوق ذلك دعم ايران الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه. فأميركا لا تريد أن ترى دولة سورية سنّية يسيطر عليها المتشددون، وايران لا تريد الدولة نفسها لكنها لا تزال متمسكة باستعادة الأسد سيطرته على دولة سوريا. الا أنها تعرف تمام المعرفة أنها لعبت هذه الورقة وخسرت منذ أقل من ثلاثة أعوام، وأن الخيارات المتاحة سورياً صارت اما التقسيم، واما الائتلاف بين المجموعات المتحاربة أو بعضها، واما الحرب أو استمرارها. والاثنتان أي ايران وأميركا غير مهتمتين بذلك.
ما هي التهديدات التي قد يتعرّض لها الاتفاق المحتمل بين أميركا وايران؟
البعض نفسه من الباحثين في واشنطن يرى تهديدين. الأول، محلي أي داخلي. اذ في كل من الدولتين يشعر كثيرون أن في "التحاور" بينهما شيئاً من الخيانة بعد عداء 30 سنة، فكيف في اتفاقهما. علماً أن المشكلات الاقتصادية في ايران قد تفتح باب الحوار فالاتفاق، وخصوصاً أن خيار الحرب مع الأخيرة لم يعد موجوداً على الأقل الآن وفي المستقبل المنظور. أما التهديد الثاني فهو خارجي. ويأتي أولاً من اسرائيل التي لا بد أن تحاول، على رغم معرفتها بحدود نفوذها على التفاوض بين واشنطن وطهران، التدخّل فيه بغية الحصول بواسطة أميركا على تنازلات ايرانية تخدم مصالحها. ويأتي ثانياً، من المملكة العربية السعودية التي لا بد أن يُرعِبها اتفاق ايراني – أميركي. فالعداء للنظام الاسلامي في ايران دفع أميركا لدعم المملكة. لكنها الآن بدأت ترتاح نفطياً، ولذلك فأن أي محاولة سعودية لاحباط الاتفاق المشار اليه لن تلقى ترحيباً أو قبولاً في واشنطن. فضلاً عن أن تأثير الرياض في واشنطن ضَعُف كثيراً منذ غزو العراق. ويأتي ثالثاً من روسيا. فهي تبدو ظاهراً رابحة في سوريا بطريقة تعاملها مع أزمتها ومع أميركا. لكنها تعرف أن ربحها تكتي لأن نظام الأسد صار معطلاً أو مشلولاً، ولأنها لم تعد واثقة أن أميركا ستتورط وايران في حرب تستنزف الأولى، ولأنها تعرف في قرارة نفسها أنها لا تستطيع مواجهة أميركا في المنطقة فيما لو قررت تنفيذ ضربتها العسكرية لسوريا النظام.
ويعني ذلك في النهاية أن الأميركيين والايرانيين يتناقشون في تسوية، وأن تفاهمهما قد يأخذ وقتاً ولن يكون مفاجئاً، وأن عقبات عدة قد تحبط الساعين الى التوصل اليه، لكن الدولتين في النهاية أي بعد عقد ربما قد تصبحان حليفتين.