الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا والديمقراطية في الشرق الأوسط؟

أميركا والديمقراطية في الشرق الأوسط؟

22.11.2014
ميكزيسلو بودوزينسكي


ميكزيسلو بودوزينسكي: دبلوماسي أميركي سابق في ليبيا
الاتحاد
الخميس 20-11-2014
ترمز ذكرى سقوط جدار برلين قبل ربع قرن، خلال الشهر الجاري، إلى قوة الولايات المتحدة الاقتصادية وقدرتها العسكرية التي لا تضاهى، بيد أنها تعكس أيضاً طبيعة الكاريزما الساحرة للديمقراطية الأميركية وانفتاحها وتعددها ورخاء مجتمعها.. أو هكذا اعتقد الأميركيون حينئذ، فلماذا إذن أخفق المزيج نفسه من القوة الناعمة والخشنة في تحفيز الليبرالية في الشرق الأوسط؟
إن أحد الأسباب هو أن أهداف السياسة الخارجية الأميركية في وسط وشرق أوروبا، كانت أكثر وضوحاً منها في الشرق الأوسط، ومن ثم اقترنت أدواتها واستراتيجياتها وأساليبها- ناعمة وخشنة- بتلك الأهداف. وعندما كان الجدار قائماً، تركز هدف الولايات المتحدة على احتواء الاتحاد السوفييتي ودعم القوى الديمقراطية الناشئة في دول مثل بولندا. وبعد سقوط الجدار تحول الهدف إلى دمج كل دول وسط أوروبا في منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وعلى النقيض، يبدو أن السياسات الأميركية خالية من مثل هذه الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل. وتبدو هذه المشكلة شديدة الوضوح بينما تكافح الولايات المتحدة للمواءمة بين سعيها السابق إلى الإطاحة بالرئيس بشار الأسد ونضالها الجديد ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وهناك عامل آخر أنه في أوروبا، لم تواجه الرغبة الأميركية في ترويج الديمقراطية تنافس مصالح، وأما في الشرق الأوسط، للولايات المتحدة مصالح كثيرة منها محاربة الإرهاب، التي تتنافس مع تعزيز الديمقراطية. وقد تعهد أوباما في خطابه أمام وزارة الخارجية بتاريخ مايو 2011، بتقديم المساعدات الدبلوماسية والاقتصادية والاستراتيجية من أجل تعزيز الانتقال السريع للديمقراطية في الدول التي شهدت اضطرابات. ولكن منذ ذلك الحين، تضاءل تركيز إدارته على تعزيز الديمقراطية. وتوضح انحرافات ومنعطفات السياسة الأميركية تجاه مصر هذه التعقيدات؛ ذلك أن أوباما أيّد المظاهرات التي انطلقت في القاهرة نهاية عام 2010، وضغط على مبارك من أجل التنحي، ولكن عندما تولى محمد مرسي، ساوره القلق، وعندما أقصاه الجيش المصري في يوليو 2013، تعامل بحذر. ومنذ ذلك الحين التقى الرئيس الجديد، الرجل العسكري القوي عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة.
ومن الناحية النظرية، تؤيد الولايات المتحدة الديمقراطية في أرجاء العالم، ولكن الحفاظ على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط يربط سياستها الخارجية بتقديم الأمن والاستقرار على الديمقراطية.
ومن بين الاختلافات الأخرى بين الشرق الأوسط اليوم وأوروبا ما بعد الشيوعية هو وجود شريك حيوي للولايات المتحدة في ترويج الديمقراطية هو الاتحاد الأوروبي. وقد كان الوعد بتوسيع مظلة المنظمة الأوروبية تجاه الشرق حافزاً مهماً في الإصلاح الديمقراطي.
والاختلاف الأخير بين الأوضاع في أوروبا الشرقية آنذاك والشرق الأوسط الآن مرتبط بالمصداقية الأميركية. ففي عام 1991، عندما سافر وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر إلى ألبانيا، اصطف 300 ألف ألباني تم تحريرهم لتحيته، لدرجة تقبيل إطارات سيارته. ولكن بيكر أشار بعد ذلك إلى أن التوقير لم يكن له، وإنما لما كان يمثله: أمل الديمقراطية الأميركية.
وعلى النقيض في الشرق الأوسط، شكك غموض علاقات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الناس في النوايا الأميركية، وعلاوة على ذلك، يربط كثير من العرب الجهود الأميركية لتعزيز الديمقراطية بغزو العراق الذي قادته واشنطن عام 2003 وسياسات جورج بوش الابن، الأمر الذي يقلص مصداقية السياسات الأميركية. ولكن أي شيء يمكن فعله؟ لن يقدم الشرق الأوسط أبداً فرصة تنشئة ديمقراطيات جديدة كما فعل وسط وشرق أوروبا في 1989، بسبب إخفاق تجربتي بناء الأمم في العراق وأفغانستان.
-----
كاميرون مانتر: السفير الأميركي السابق لدى باكستان