الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا والشرق الأوسط

أميركا والشرق الأوسط

01.07.2018
مشعل أبا الودع


الحياة
السبت 30/6/2018
لا تكمن المشكلة في "قدرة" الولايات المتحدة على الحل، بل تتمثل بداية في انعدام "الرغبة" وربما "المصلحة"، وبالتالي الإرادة، ما تجيزه لنفسها تحرمه على غيرها، وهذا بدا واضحاً خلال مسيرة سنوات الثورة السورية والأزمات الأخرى في المنطقة ككل.
معظم هذه الأزمات، يرافقها تضاربٌ في التصريحات، ومواقف متناقضة من طرف الأميركيين، ما يؤكد أن اتباع سياسة "الابتزاز" و"المراوغة"، هي السمة الغالبة على الإدارات المتعاقبة للبيت الأبيض، فيما يمكن النظر للمشهد من باب آخر، باعتبار أن واشنطن ورثت عن المملكة المتحدة النهج السياسي ذاته، ولعبت دور "مسعر" الفتن في العالم، بينما ورث من حولها "المهانة" وركن لـ"الضعف"، من دون الاعتراف بعمليات الابتزاز التي تمارس بحقه، والأنكى إعطاء تلك الممارسات "الرداء الشرعي" على حساب الشعوب.
في الحالة السورية لا يمكن رؤية حالة الابتزاز جلية بالنسبة للمعارضة؛ كونها لا تزال غائبة أو متغيبة عن المشهد، لكن لغة الابتزاز والعنجهية واضحة بالنسبة للداخل السوري بشقيه الموالي والمعارض، والمقصود هنا "عوام" الناس.
من غير المنطقي التعويل على الديبلوماسية الأميركية في حل النزاعات، فالتجربة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن واشنطن لم تكن يوماً راعياً نزيهاً أو ضامناً للاستقرار، ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب.
ما يحدث في سورية يكاد يكون مؤشراً ليس فقط على غياب الإرادة الأميركية عن الحل، بل يمكن الحديث أبعد من ذلك، والجزم بغياب الرؤية والتخطيط المسبق لإدارة الأزمة، والاكتفاء في الوقت الراهن بالتعامل مع الظرف من منظور تحصيل المزيد من المكاسب على حساب تفتيت المنطقة، من دون النظر لمآلات الأمور، وهذا يؤكده تناقض المواقف الأميركية الدائمة -على الأقل ظاهرياً- وهو ما يبرر التناقض المستمر بين تصريحات ترامب ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية.
ففي الوقت الذي أعلن فيه البنتاغون أن بلاده ممتنة لقطر لدعمها الراسخ منذ فترة طويلة للوجود العسكري للولايات المتحدة، والتزامها المستمر إزاء الأمن الإقليمي في المنطقة، كان تصريح وزارة الخارجية مشابهاً؛ إذ قال القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ستيوارت جونز، إن واشنطن "تنظر إلى الدوحة باعتبارها شريكاً في جهود محاربة الإرهاب"، بينما ذهب ترامب بعيداً حين تبنى موقفاً مغايراً هاجم فيه الدوحة ووصفها بأن لها تاريخاً طويلاً في دعم الإرهاب، مبدياً سعادته بالتعاون مع "الرياض" في مكافحة الإرهاب، واصفاً إياها بأنها "الصديق الذي ينبغي الاعتماد عليه".
هذه "المواقف" و"التصريحات" المتناقضة ما بين رئيس حالي وسابق وبعض وزراء الحكومة الأميركية وإداراتها المتعاقبة، دليل على تباين وجهات النظر في السياسة الأميركية.
الخلاصة: إعمال النهج الابتزازي، وتسليح الخصوم، وإذكاء نار الفتنة بين الأصدقاء، والعمل على تسويق المنتج العسكري الأميركي لمن يملك القدرة على سداد الفاتورة، ترسّخ قدم ديبلوماسية "الابتزاز" الأميركي بحق الشعوب.