الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا وروسيا .. مؤتمر "جنيف ـ2" و"صفقة الحل"؟

أميركا وروسيا .. مؤتمر "جنيف ـ2" و"صفقة الحل"؟

09.11.2013
د.عفيف رزق



المستقبل
الجمعة 8/11/2013
هل حان موعد تنفيذ "صفقة الحل" بين روسيا الاتحادية والولايات الاميركية للأزمة السورية ؟، أم ان الحل لم ينضج بعد لإستكمال الحصول على المصالح المشتركة للإستراتيجيتين الاميركية والروسية، وكذلك المصالح الخاصة لكل منهما؟. نعم هناك مصالح مشتركة اهمها، ولا شك، موضوع السلاح وتصديره للأطراف المتنازعة حيث تُعتبر واشنطن وموسكو من المصدرين الوحيدين، تقريباَ للأطراف المتنازعة على الساحة السورية...، اما المصالح الخاصة، بالنسبة لواشنطن فهي تتبع استراتيجيا، من اهم عناصرها، عدم التدخل المباشر في النزاع وترك الاطراف المتقاتلة لتتعب وتستنفد كل قواها، عند ذلك يصبح التدخل الاميركي ضروريا وبناء لطلب هذه الاطراف لفرض الحل الذي تراه مناسباَ؟!؛ اما بالنسبة لموسكو فان اهم ما ترغب في الحصول عليه الوجود كقوة فاعلة واساسية وضرورية، في المنطقة، والمحافظة على مصالحها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية...
في مطلع هذا العام عرفت الدبلوماسية، الروسية كما الاميركية، نشاطاَ استثنائياً قاده وزيرا خارجية موسكو سيرغي لافروف، وواشنطن جون كيري، الذي تسلم مهامه في مطلع العام، فموسكو كانت ما ان تودع كيري، حتى تستعد لإستقباله من جديد، وتفعل واشنطن الشيء نفسه في ما خص لافروف، والموضوع الرئيسي للمحادثات والإتصالات الثنائية، المباشرة وغير المباشرة، هو إيجاد حل سلمي للنزاع الدامي في سوريا والذي كان يشهد تصاعداَ لافتاَ في مختلف الميادين: اتساعاَ في جغرافيا المعارك بحيث غطت هذه الاخيرة معظم المدن والبلدات والقرى السورية، وازدياداَ في اعداد المشاركين الذين قدموا من مختلف بقاع الارض، وشراسة في استخدام الآلة القتالية من اعدامات بدم بارد الى استخدام السلاح الابيض... وعلى الرغم من هذا النشاط الدبلوماسي المكثف، بقيت الهوة متسعة جداَ بين موقفي هاتين الدولتين. ومما لاحظه المراقبون، في هذه المرحلة، ان الوزير الروسي كان يبذل جهودا مميزة أكثر من زميله الاميركي . فهو كان يتصل بجميع الاطراف المتنازعة، المعارضة، المدنية والمسلحة، وقادة النظام لتقريب وجهات النظر بينها من خلال الإقتراحات لإنهاء القتال عبر الحوار مع الاصرار على مد النظام بمختلف انواع السلاح، هذا من جهة، ومن جهة ثانية عمل لافروف على عقد اجتماع، في العشرين من شباط الماضي، لمنتدى التعاون الروسي - العربي، الذي كانت تنتظره القيادة الروسية منذ ثلاث سنوات لإعادة إحياء الروابط، التي اصابها الضعف بين العاصمة الروسية والعواصم العربية بعد "الربيع العربي"، بالإضافة، طبعاَ، لمناقشة الوضع السوري المتفجر والمدمر الذي ازداد مأسوية، ومع ذلك فان الحل السلمي للنزاع بقي دونه عقبات جمة؟!.
في هذه الاثناء، وعندما كان الاعلام الاقليمي والدولي يُلاحقان هذا النشاط العلني المتعلق بالوضع السوري، كان هناك نشاط آخر، غير معلن ترجم نتيجته تقرير صادر عن إحدى المؤسسات المعنية بالدراسات والابحاث الاستراتيجية، تُدعى "مؤسسة القرن المقبل". من اهم النقاط التي عرضها التقرير، والتي يمكن اعتبارها "خريطة طريق" لحل النزاع المسلح، في سوريا، سلميا وتلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا:
ـ ترى موسكو ان من الضروري إشراك السعودية وايران ومصر ولبنان والاردن في "صفقة الحل"، كما جاء في التقرير، شرط ان تبقى المبادرة من اختصاص الادارة الروسية، او كما اشار التقرير "بقاء المفتاح بين يديها".
ـ طرد القوى الاسلامية المتطرفة كجبهة النصرة وغيرها من سوريا، وعلى الادارة الاميركية المساهمة الرئيسية في هذا المسعى..
ـ تعهد الروس، بعد تنفيذ هذه الخطوات، إقناع الرئيس السوري الوقوف جانباَ، حرصاَ على مصلحة الامة السورية، والسماح بالإنتقال الى حكومة ـ هيئة ـ جديدة في سوريا..
ـ الإطار الزمني لعملية الانتقال سنة واحدة يتم خلالها تشكيل حكومة سورية مؤقتة ـ هيئة ـ يُسلم الاسد السلطة لها، تتألف هذه الحكومة، الهيئة، من 100 عضو، تُعين لجنة دستورية لصياغة دستور جديد لسوريا يُعرض على الاستفتاء الشعبي العام قبل إجراء الانتخابات الاشتراعية...
ـ في هذه الاثناء يلتزم الطرف الاميركي الإنسحاب من مقعد القيادة كي يتسلمها القادة الروس..
استناداَ الى هذه المعطيات التي جاءت في تقرير" مؤسسة القرن المقبل" حيث تم تنفيذ بعض النقاط الواردة فيه، وعلى الرغم من المتغيرات التي طرأت من جراء تصاعد حدة القتال وما اصاب المدن والقرى السورية من تدمير وتهجير . . بقي الثابت الوحيد الذي يُجمع المهتمون عليه هو ان الحل السلمي الممكن الذي قد يضع حدا َللحرب القائمة، الى جانب استبعاد الحل العسكري الذي تأخذ به بعض القوى الاسلامية المتطرفة فقط . في هذه الاجواء يأتي مؤتمر جنيف ـ 2، المدعوم من قبل الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية معاَ. لقد تم تحديد تاريخ للمؤتمر، مبدئياَ، في الثلث الاخير من هذا الشهر . قيل الكثير عن المؤتمر وابعاده ونتائجه المتوقعة وفرص النجاح؛ ومع ذلك ان اهم ما يعترض امكانية الوصول الى الحل السلمي عبر جنيف ـ 2 تنفيذ ما التزمت به موسكو وواشنطن، بحسب ما جاء في التقرير الآنف الذكر: فهل يستطيع الجانب الروسي اقناع الرئيس السوري بالتنحي عن السلطة وتسليمها الى الحكومة ـ الهيئة ـ المنوي اختيار اعضائها من قبل المؤتمر، مع جميع الصلاحيات لقيادة المرحلة الانتقالية؟... وهل يستطيع الجانب الاميركي اقناع القوى المتطرفة من اخلاء الساحة السورية، اما بالضغط على من يدعم هذه القوى، واما بالتدخل عسكرياَ لتنفيذ التعهد؟..