الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا ووهم "المعتدلين" في سوريا

أميركا ووهم "المعتدلين" في سوريا

09.11.2014
سميح صعب



النهار
السبت 8-11-2014
تزداد متاعب الولايات المتحدة في سوريا. فالرهان على المعارضة "المعتدلة" تتراكم على طريقه الصعوبات بعد انقضاض "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" الام على "جبهة ثوار سوريا" وحركة "حزم" وبقايا "الجيش السوري الحر" في محافظة ادلب. وشيئا فشيئا تجد اميركا ان القوى المعارضة للنظام ستقتصر على جهاديي "النصرة" و"داعش"، الامر الذي يضيق الخيارات الاميركية على الساحة السورية.
كانت استراتجية الرئيس الاميركي باراك اوباما تقوم على المعادلة الآتية: بما ان التدخل العسكري المباشر على الارض غير وارد، ولأن واشنطن ليست في وارد العودة الى تعويم الرئيس بشار الاسد، فإنها لجأت الى الرهان على المعارضة السورية "المعتدلة" كي تشكل بديلا من الجهاديين ومن النظام وأجاز الكونغرس 500 مليون دولار لتدريب "المعتدلين" وتزويدهم السلاح والمال كي يملأوا الفراغ الذي سيشكله انسحاب "داعش" من مناطق سورية تحت تأثير الغارات الجوية للائتلاف الدولي.
لكن المعادلة الاميركية تتعرض اليوم مع قضاء "النصرة" على مواقع "المعتدلين" في ادلب مع الاسلحة الاميركية ولا سيما منها صواريخ "تاو" المتطورة التي كانت ادارة اوباما وفرتها لـ"جبهة ثوار سوريا" وحركة "حزم"، فإن واشنطن مضطرة الان الى اعادة النظر في مجمل سياستها حيال سوريا. فهي اذا تمكنت من تدريب "معتدلين" سوريين وارسلتهم الى سوريا، لا تضمن ألا تقع الاسلحة الاميركية والغربية النوعية في أيدي الجهاديين على غرار ما حصل عام 2013 لمخازن أسلحة "الجيش السوري الحر" على الحدود السورية - التركية وكما حدث قبل ايام لدى طرد "النصرة" "جبهة ثوار سوريا" وحركة "حزم" من ادلب وربما غدا من ريف دمشق ودرعا والقنيطرة.
والغريب ان "جبهة ثوار سوريا" وحركة "حزم" نددتا لدى استهداف الائتلاف موقعا لمجموعة "خراسان" التابعة لـ"النصرة" عند انطلاق الغارات الجوية للائتلاف الدولي على سوريا، باستهداف "النصرة" باعتبارها قوة اساسية في مواجهة النظام. وفعلا توقفت الغارات الجوية على مواقع "النصرة" ربما نزولا عند رغبة "المعتدلين" الذين ربما كانوا يراهنون على توظيف "النصرة" في عملية ضرب النظام وقت يعلمون ان الجبهة الموالية لـ"القاعدة" لن تكون مقبولة في حال من الاحوال لدى المجتمع الدولي بعد التخلص من النظام وسيكون من السهل التغلب عليها في ما بعد.
لقد أخطأ "المعتدلون" في حسابات توظيف الجهاديين لمصلحتهم ومن ثم التخلص منهم في ما بعد، وهي ليست المرة الاولى التي يخطئون فيها. كما أخطأت الولايات المتحدة في رهانها على "المعتدلين" كي يكونوا بديلا من الجهاديين والنظام. الازمة في سوريا تتطلب مقاربة غير تلك المتبعة منذ أكثر من ثلاثة أعوام.