الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركيون لا يستبعدون "انتصار" الأسد!

أميركيون لا يستبعدون "انتصار" الأسد!

31.08.2013
سركيس نعوم


النهار
الجمعة 30/8/2013
غالبية التحليلات الأميركية للمواجهة السياسية - العسكرية – الأمنية – المذهبية الدائرة في سوريا بين رئيسها بشار الأسد ونظامه المدعومَين على نحو جدّي من روسيا والجمهورية الاسلامية الايرانية من جهة وأكثرية شعبها المدعومة من دول عربية وإقليمية "عاجزة" عن تأمين كل حاجاتها ومن دولة عظمى ودول كبرى مترددة في تقديم ما يؤمن لها النصر النهائي، غالبية هذه التحليلات اعتبرت أن الخاسر في المواجهة المذكورة في النهاية سيكون بشار الأسد، رغم اختلافها على توقيت هذا الأمر وعلى نتائجه. لكن وقبل يوم من مجزرة الأسلحة الكيميائية في دمشق وغوطتيها التي يتّهم المجتمع الدولي بغالبية أعضائه الرئيس الأسد بارتكابها، كتب باحث أميركي تحليلاً مختلفاً اعتبر فيه أن احتمالات ربح النظام تزداد، وأن سوريا ما بعد المواجهة أو الحرب الدائرة منذ سنتين وبضعة اشهر ستكون أكثر قسوة ووحشية وإيلاماً وأكثر فوضوية من أي مرحلة سابقة. وقد برّر اعتباره هذا بأن مجزرة الكيميائي قد لا تكون منعت الرئيس الأسد من النوم خوفاً من ردود فعل دولية سلبية الى درجة تنفيذ ضربة عسكرية ضده، لأن المجتمع الدولي، وتحديداً معظمه الذي يعاديه، لم يقم بأي خطوة عقابية له بعد تسبّبه بقتل عشرات الآلاف من شعبه، سواء بواسطة "شبيحته" أو بواسطة "جيشه" النظامي وطيرانه الحربي ودباباته ومدفعيته الثقيلة وصواريخ ارض – أرض التي استعملها ضد مواطنيه. وبرّره ايضاً بأن غياب ردود الفعل الزاجرة سيدفع الأسد الى "ارتكاب" المزيد من العنف غير المقبول لتفادي خسارة الحرب وخصوصاً بعد إحجام كبار الدول، وفي مقدمها أميركا عن فرض التنحي عن السلطة عليه، وهو ما طالبوه به من زمان، الأمر الذي خيّب آمال الثوار ومؤيديهم العرب.
في أي حال على أميركا أوباما أن تعرف الآن، أضاف الباحث الأميركي نفسه، أن النظام الذي سيخرج رابحاً من الحرب في سوريا سيكون أكثر قمعاً وقوة ووحشية من السابق، وقد يكون أيضاً أكثر استقراراً. والانتصار يعني أن قوات الأسد استعادت السيطرة على 40 في المئة من الأراضي السورية الواقعة الى غرب البلاد والمأهولة بنحو 60 إلى 70 في المئة من شعب سوريا. ويعني أيضاً "تطهير" جيوب المقاومة خلف خطوطه العسكرية الرئيسية. وإذا تحقق ذلك فإن الأسد يصبح ممسكاً بدولته لمستقبل غير محدَّد، كما يصبح في موقع أفضل في أي مفاوضات مستقبلية مع الثوار أو المعارضة.
هل يعني ذلك ان استعادة الأسد السيطرة على سوريا ستكون كاملة؟
كلا، يجيب الباحث الأميركي نفسه. أولاً، لأن قسماً من أراضي بلاده ستبقى مع الثوار، وخصوصاً في الأطراف أي في المناطق الحدودية، ومع الجماعات الدينية المتشددة الإرهابية. وثانياً، لأن سيطرته على المناطق المُستعادة ستكون أخف وبكثير من سيطرته يوم كانت كل سوريا تحت أمره. ذلك إن "شعبها" السنّي الثائر ضده سيبقى بيئة حاضنة للثوار ضده وربما بحماسة أكبر، لأنه سينفِّذ فيها حملة قمع وتطهير سياسي ومذهبي كبيرة جداً ووحشية جدّاً. أما نتيجة السيطرة المُستعادة فستكون في رأيه بقاء قوات إيران و"حزب الله" في سوريا لمدة غير محددة و"مأسسة" وجودها. والدافع إلى ذلك حاجته إليها في الأمن، وأيضاً في إعادة البناء التي ستكون مُكلِفة جداً والتي يعتقد أن طهران ومعها موسكو ستساعدانه جدياً فيها. وطبيعي أن يؤدي ذلك كله إلى "فلش" وتعميم نفوذ إيران في المنطقة وتمكينها من استعمال سوريا ولبنان لمواجهة إسرائيل والحلفاء السنّة لأميركا في المنطقة. وطبيعي أيضاً أن يؤدي إلى تحوُّل مناطق الثوار السنّة والأكراد مثل الصومال، وأن يجعل منهم خطراً على إسرائيل أيضاً كما على العالم الذي تخلى عنهم. ويعني ذلك أن سوريا المستعادة ستجعل من كل سوريا أرضاً يعيش فيها الأسد ونظامه وإيران و"حزب الله" و"القاعدة" وأمثاله. وستصبح مصدر عدم استقرار في المنطقة، ومكاناً تُرتَكب فيه أو منه أكبر الجرائم ضد الإنسانية لسنوات طويلة مقبلة. لهذا السبب، يخلص الباحث نفسه ، تكمن مصلحة الغرب في منع بقاء الأسد (Survival) بتنفيذ ضربات عسكرية ضد مرتكزات نظامه، وبالضغط على موسكو وطهران للتوقف عن دعمه، وبدعم المعارضة المعتدلة له.
ملاحظة: عندما سمع حلفاء لسوريا بهذا التحليل "هيَّصوا".