الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أنت طائفي أو عندك عقدة إيران!!

أنت طائفي أو عندك عقدة إيران!!

07.04.2015
ياسر الزعاترة



الدستور
الاثنين 6-4-2015
من تهمة الطائفية، إلى العقدة من إيران، تواجهك بعض النخب المعزولة عن نبض الأمة، من أصناف شتى، ومن ضمنها نخب تعيش على عطايا إيران وحلفائها، لكأن تلك الجحافل من جماهير الأمة التي باتت تعيش هاجس التوسع والغطرسة الإيرانية عمياء، وعليها الاستماع لتعاليم تلك النخب عن أولوية الصراع مع المشروع الصهيوني، أو الإمبريالية الغربية، هي التي لم تنس ذلك ولن تنساه.
قلنا وسنبقى نقول إن الضمير الجمعي لغالبية الأمة هو صاحب البوصلة الصحيحة، بينما تعيش بعض النخب على هواجسها المرضية، أو مصالحها أو حزبيتها، ومن يزايد على تلك الغالبية لا يستحق الالتفات إليه، لأنها غالبية لم تخطئ بوصلتها في توصيف الصراع يوما.
بالنسبة لحكاية الطائفية، فقد باتت تهمة توجه إلى كل من ينتقد الغطرسة الإيرانية، تماما كما تستخدم تهمة اللاسامية من قبل الصهاينة كسلاح يُوجَّه ضد كل من ينتقد الغطرسة الإسرائيلية، بخاصة في الغرب، لكن غالبية الأمة هنا، لم تعد معنية بهذه التهمة، ولا بمن يطلقونها.
صحيح أن هناك من بين أبناء الأمة من ذهب بعيدا في الخطاب العنصري، باستخدام ألفاظ معينة مثل رافضي وفارسي وصفوي إلى غير ذلك من العبارات التي لا تفرِّق بين صالح وطالح، لكن الصحيح أيضا أن ندرة الخطاب العاقل في الأوساط الإيرانية، ومن ورائها الشيعية العربية لم تعد تترك لعامة الناس مجالا للتفريق، مع أننا نصر عليه بكل تأكيد، لأن تلك هي تعاليم القرآن الكريم الذي كان دائما يتحدث بلغة الاستثناء “وإن من”، “ومن أهل الكتاب”، إلى غير ذلك، ولأن هناك عقلاء أيضا في الوسط الشيعي العربي، وإن كانوا قلة، وهم يتحملون الكثير من الهجاء بسبب مواقفهم تلك ويستحقون التقدير.
حين يزعم بعضهم أنهم يناضلون من أجل العدالة في البحرين مثلا، ثم تراهم يؤيدون مجرما مثل بشار الأسد، وهو يعلمون أنهم يحكم البلد بأقلية طائفية لا تتعدى عُشر السكان، أو انقلاب أقلية بنسبة مماثلة في اليمن، فلا يمكن أن يتعاطف معهم أحد، مع أننا لم نقل يوما كلمة ضدهم، وكم تمنينا أن يسود الربيع العربي الذي يعلي قيمة المواطنة للجميع بصرف النظر عن الدين أو المذهب.
ليس لنا مشكلة مع أحد بسبب دينه أو مذهبه، فهو في الغالب نتاج الوراثة، أو هو اختيار شخصي، ومشكلتنا اليوم مع التحالف الإيراني هي في العدوان. وهو عدوان وضع الحب صافيا في طاحونة العدو الصهيوني، وخلق مناخا إقليميا يقتل فيه العرب والمسلمون بعضها بعضا، بينما يعيش الكيان حالة أمن استثنائية، طبعا بدور “عظيم” من قيادة محمود عباس، ودعم بعض أنظمة العرب.
إيران التقت مع أنظمة الثورة المضادة على تدمير الربيع العربي عندما واجهته بشراسة في سوريا، وها هي تكمل المهمة في اليمن، بالسطو على ثورة نبيلة كانت تحاول البحث عن مسار تدرّجي وسط رياح سوداء لا تريد لأي ثورة أن تسجل نجاحا يذكر.
حين تعلن إيران أنها سيطرت على أربع عواصم عربية، ويسمع المواطن العربي كل تلك النبرة الطائفية التي لا تخفيها بعض العبارات الوحدوية من هنا وهناك، وطبعا في ظل ممارسات بشعة يتابعها الناس .. حين يحدث ذلك، فمن الطبيعي أن يذهب الناس في الاتجاه الآخر، والتطرف ينتج التطرف كما يعلم العقلاء.
بل إن الحقيقة التي ينكرها أتباع إيران هي أن صعود تنظيم الدولة في العراق وسوريا لم يكن سوى رد على طائفية المالكي المدعومة إيرانيا، ودموية بشار ضد شعبه، ولولا ذلك لكان هذا التيار في حالة أفول بعد الربيع العربي.
أما عقدة إيران التي يتحدث عنها البعض، فتدخل في ذات السياق، إذ أننا إزاء احتلال جديد يداهم الأمة (احتلال لأربعة عواصم لو جرى السكوت عليه لانفتحت الشهية على أخريات)، يضاف إلى الاحتلال الصهيوني، ووجود الأخير، لا يعني أن تتسامح غالبية الأمة مع الاحتلال الآخر الذي يمارس الإهانة بحقها، والأسوأ أنه يفعل ذلك وسط متاجرة بفلسطين والمقاومة، الأمر الذي لم يعد يمر على عقول الأطفال.
هي معركة فرضتها إيران على غالبية الأمة، ولا مناص من خوضها، ووجود الاحتلال الصهيوني لا يعني ترك الاحتلالات الأخرى، وحين نتحدث يوميا عن انتفاضة في الضفة الغربية، فمن أجل أن تشتعل جبهة أخرى تحرم الصهاينة من فرصة الاستمتاح بهذا الحريق من حولهم دون أن يمسهم أي سوء.
ليقل من شاء ما يشاء، فنحن مع ضمير الغالبية من هذه الأمة، كنا وسنبقى. كنا مع حزب الله حين قاتل الصهاينة، وأصبحنا ضده حين أمعن قتلا في الشعب السوري، وكنا مع إيران حين كانت تواجه عقوبات ظالمة، لكننا اليوم ضدها وهي تمارس الانتقام من غالبية الأمة، بينما تعانق “الشيطان الأكبر”، في العراق وسوريا، وتسعى إلى التحول إلى دولة مذهب تعبث بحقائق التاريخ والجغرافيا في المنطقة.