الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أنصار الله - حزب الله.. نسخة طبق الأصل

أنصار الله - حزب الله.. نسخة طبق الأصل

10.02.2015
أوّاب المصري



الشرق القطرية
الاثنين 9-2-2015
استكملت حركة أنصار الله اليمنية انقلابها بشكل رسمي، بعدما كان الانقلاب الفعلي تم قبل أسابيع بسيطرتها على العاصمة صنعاء ومحاصرة قصر الرئاسة واختطاف مدير مكتب الرئيس، واختطاف الشرعية معه.
التحركات التي قامت بها جماعة أنصار الله في اليمن ليست جديدة، فقد سبق أن خاضت مع الجيش اليمني العديد من الحروب والمواجهات العسكرية. لكنها دائماً كانت تحصل في محافظة صعدة معقل الحوثيين ومقر زعيمهم. لكنهم هذه المرة وصلوا إلى صنعاء، وبقوة السلاح فرضوا سيطرتهم على جميع مفاصل الدولة، وهم يسعون لإضفاء الشرعية على انقلابهم من خلال الإعلان الدستوري وتشكيل مجلس رئاسي يعيّن أفراده عبد الملك الحوثي. أعمال البلطجة هذه لم تبدأ فجأة، بل تسلّلت تحت عناوين سياسية واجتماعية واقتصادية بريئة، مهدت الطريق لعصيان بدأ مدنياً وسلمياً، لكنه سرعان ما كشّر عن أنيابه ليتحوّل إلى أعمال قتل ونهب وحرق واعتقال، وصولاً إلى الوضع الذي صار عليه اليمن التعيس.
السيناريو نفسه قام به حزب الله أواخر عام 2006 في لبنان. يومها افترش الحزب وحلفاؤه شوارع أهم منطقة تجارية وحيوية في بيروت، مشترطاً الحصول على ثلث عدد مقاعد مجلس الوزراء بذريعة رغبته بالمشاركة في الحكم، ليتبين لاحقاً رغبته بالهيمنة على الحكم من خلال تعطيل ما لا يناسبه من قرارات. ادعاءات السلمية رافقت شعارات الحزب كذلك، فهو كان حريصاً في كل مناسبة على التأكيد بأن بندقية "المقاومة" الموجهة باتجاه "العدو الإسرائيلي" لن تبدل بوصلتها مهما حصل. لكن سرعان ما تغير اتجاه البوصلة، فاستدارت بندقية المقاومة الرابضة في الجنوب وانتقلت إلى أحياء وأزقة بيروت وعدد من المناطق، فعاثت في الأرض الفساد، وبثّت الرعب في قلوب اللبنانيين، وتمت السيطرة على العاصمة بأعمال البلطجة والمليشياوية، ونهب وإحراق وتعطيل وسائل الإعلام المناوئة للحزب وحلفائه. وكما فعل الحوثيون بقضم الشرعية اليمنية تدريجياً، كذلك فعل حزب الله. ولم يعد سراً أن حزب الله دولة داخل الدولة اللبنانية وأقوى منها، ومتى أراد يمكنه السيطرة على جميع مفاصلها.
فارق بسيط لابد من الإقرار به، وهو أن جماعة أنصار الله في سبيل تدعيم ترسانتها العسكرية اضطرت لنهب مخازن الجيش اليمني وثكناته واستخدمتها في ارتكاب أعمال البلطجة، في حين أن حزب الله لم يكن مضطراً لنهب سلاح الجيش اللبناني، فالسلاح الذي بحوزته أكثر تطوراً وفتكاً من الأسلحة والعتاد الذي يملكه الجيش.
أوجه التطابق بين حزب الله وأنصار الله امتدت إلى الأسباب التي قدمها الطرفان لتبرير ما ارتكبته أيديهم. فالحوثيون أعلنوا أن ما قاموا به يهدف للدفاع عن أنفسهم في مواجهة الآخرين. حزب الله كرر المعزوفة نفسها، وأضاف عليها أنه اضطر للاعتداء على اللبنانيين لتأمين حماية سلاح المقاومة الذي يفترض أن وظيفته حماية اللبنانيين، ولم يجد طريقة لذلك إلا بتوجيه هذا السلاح إلى صدور اللبنانيين؟!
لا ينقص عبد الملك الحوثي زعيم حركة أنصار الله إلا أن يحمل "لثغة" حرف الراء في لسانه تكون شبيهة بتلك التي يحملها السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، حينها يمكن القول براحة ضمير إن تجربة الحوثيين في السيطرة على اليمن والإمساك بمفاصله تكاد تكون نسخة طبق الأصل عن تجربة حزب الله في لبنان. فمناصرو الحوثي يحيطون زعيمهم بهالة من القدسية تشابه تلك التي يحيطها مناصرو حزب الله بنصر الله. الأول يحدثهم من وراء الشاشات في ظل إجراءات أمنية مشددة يفرضها من حوله، وهو ما ينطبق على الثاني أيضاً.
التطابق بين تجربتي أنصار الله اليمنية وحزب الله اللبناني لا يعني بالضرورة أن حزب الله نقل تجربته إلى الحوثيين رغم أن الكثير من التقارير أكدت ذلك، لكنه ربما يعني أن كلا الجماعتين تتلمذتا عند الأستاذ نفسه، وتتلقيان الدعم والمشورة والتوجيه والمساندة من الجهة نفسها. هذا الأستاذ لم يجد داعيا للإبداع والابتكار، فأعطى الجماعتين نفس المنهج الدراسي، بالوسائل والأدوات والشعارات والمضامين نفسها. فرفعت كلتا الجماعتين شعارات برّاقة جاذبة للجمهور، خاطفة للأفئدة، وخادعة للسذّج، تعلن السعي للقضاء على إسرائيل والاقتصاص من الولايات المتحدة "الغدة السرطانية"، والهتاف "حرباً حرباً حتى النصر، زحفاً زحفاً نحو القدس". هذه الشعارات ربما تصلح للاستغلال والاستهلاك من جانب حزب الله الذي يرابط على تخوم إسرائيل، لكنها لا تصلح للحوثيين. فهتافهم "زحفاً زحفاً نحو القدس" سيكون مضحكاً، لأن الحوثيين يبعدون آلاف الكيلومترات عن مدينة القدس، وهم سيقضون عقوداً من الزحف حتى إلى تخوم بلاد الشام فكيف بالقدس؟!