الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أنصاف الحلول في سوريا ولبنان

أنصاف الحلول في سوريا ولبنان

28.03.2021
مهند الحاج علي

 

المدن 
السبت 27/3/2021 
صحيح أن عشرة أيام تفصلنا اليوم عن زيارة وفد "حزب الله" الى موسكو منتصف هذا الشهر، لكن تفاصيل اللقاءات هناك ونتائجها ما زالت تتسم ببعض الضبابية. وهناك بضع ملاحظات على الزيارة وما نُشر عنها. الخبير الروسي أنطون مارسادوف كتب في موقع المونيتور مقالاً عن الزيارة، مبدياً فيها بعض الملاحظات، أولها أنها الثانية من نوعها (والأولى كانت عام 2011، أي السنة الأولى للحرب السورية). وثانياً، أشار الى التزامن غير البريء بين زيارة "حزب الله" وحضور وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي خلال الفترة ذاتها، علاوة على لقاءات رفيعة المستوى حصلت ذلك الأسبوع بين مسؤولين روس وإسرائيليين على المستويين الدبلوماسي والاستخباراتي. 
الواضح أن اللقاءات الروسية مع "حزب الله" لم تتطرق الى الملف اللبناني بشكل رئيسي، بل ركزت على الوضع السوري بالأساس، وعلى لبنان كون انهياره عاملاً مؤثراً في الاقتصاد السوري واحتمالات الاستقرار.  
والتزامن مع اللقاءات الروسية مع الجانب الإسرائيلي، من جهة، وبين "حزب الله"، من جهة ثانية، مرده البحث في قضية الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا. ذاك أن وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي ربط في تصريح لوكالة "تاس" الروسية خلال الزيارة عينها، بين وقف الغارات الجوية على المواقع الإيرانية في سوريا، وبين الانسحاب الإيراني الكامل منها. وتحديداً ذكر عمليات نقل ايران الصواريخ الى سوريا لاستخدام الأخيرة كمنصة ضد إسرائيل "ونحن لا نقبل ذلك". وسأل "هل توافق روسيا على وصول أعدائها إلى الحدود الشرقية للبلاد؟ هذا هو الوضع نفسه". 
كلام أشكنازي واللقاء مع "حزب الله" كانا في سياق محاولة روسيا للانتقال من الجمود الحالي على الساحة السورية، إلى مرحلة أكثر استقراراً، وبخاصة بعد وقوع مجموعة غارات واعتداءات بحرية بشكل مكثّف منذ كانون الثاني (يناير) الماضي. 
بحسب مصادر روسية، ليست موسكو بوارد التخلي عن ايران و"حزب الله"، كما طلب أشكنازي، بيد أن الحرب السورية، سيما في الشمال، ما زالت غير محسومة وقد تتطلب مشاركة برية، إذ أن جيش النظام ليس قادراً على القتال براً حتى مع الغطاء الجوي الروسي. وهذا التهديد لا يقتصر على الشمال، بل أيضاً هناك شكوك في قدرة النظام على ضبط الوضع في جنوب سوريا وفي مناطق أخرى في حال اندلاع احتجاجات ووقوع انشقاقات. وموسكو ليست في وارد ارسال قوات برية. يُضاف الى هذه الأسباب، أن إيران تُواصل توفير دعم مالي على هيئة قروض الى النظام السوري. وهذا دعم يرغب الجانب الروسي في استمراره. 
لكن روسيا، في الوقت ذاته، لا ترغب في التمادي الإيراني باستخدام الأراضي السورية لتهديد إسرائيل، ولو بشكل غير مباشر. ومن اللافت أن أشكنازي ذكر في مقابلته مع "تاس" كلاماً عن تطور القدرات الإيرانية في استخدام طرق امداد السلاح لنقل أسلحة متطورة "وهذا غير مقبول". وبالتالي، فإن من المرجح أن الزيارات المتزامنة على ارتباط بإيجاد آلية لضبط إيقاع الغارات من خلال الجانب الروسي الذي بإمكانه التصرف حين يُبلغ بنشاط إيراني "غير مقبول اسرائيلياً". ولا يُتوقع أن تشمل هذه الآلية كل الغارات، بل هي كفيلة بالتخفيف منها والحؤول دون تطورها لمواجهة شاملة. 
عملياً، تريد موسكو أنصاف الحلول في سوريا للتوفيق بين الأطراف المتصارعة، ولن تتخلى عن أحد حتى توافر بدائل معقولة.